التضحية ونكران الذات
موسى العدوان
في كتابه حديث المساء أورد الكاتب أحمد شرقاوي القصة المعبّرة التالية واقتبس :
” دخل الطبيب الجراح إلى المستشفى لإجراء عملية عاجلة لأحد المرضى. وقبل دخوله غرفة العمليات صرخ والد المريض بوجهه قائلا : لمَ التأخْر ؟ إن حياة ابني في خطر، أليس لديك إحساس ؟ ابتسم الطبيب بوجهه ابتسامة فاترة وقال له : أرجوك أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي وسيكون ابنك بخير. فرد عليه والد المريض : ما أبردك يا أخي ! لو كان المريض ابنك أكنت ستهدأ ؟ ما أسهل موعظة الآخرين !
تركه الطبيب دون أن ينبس ببنت شفة ودخل غرفة العمليات، ثم خرج بعد ساعتين وقال لوالد المريض : إن ابنك بخير وسينجو، والآن اعذرني فأنا على موعد آخر، ومضى في طريقه دون أن يسمع سؤالا آخر. وعندما خرجت الممرضة سألها والد المريض : ما بال هذا الطبيب المغرور ؟ فقالت له : لقد توفي ولده في حادث سير منذ قليل، ومع ذلك لبى الاستدعاء عندما علم بحالة ابنك الحرجة ! “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
عليك أن لا تحكم على تصرفات الآخرين بظواهر الأمور، فالحكم الحقيقي على تصرف ما لا يتم إلا إذا عرفت ما يقف خلفه، لأن الأمور قد تبدو في ظاهرها بخلاف ما في باطنها. فداخل كل شخص تعرفه شخص آخر لا تعرفه، ووراء كل مشهد تراه مشهد لا تراه.
وعليك أن لا تفرض ظروفك على الآخرين خاصة عند الغضب، فظروفك لنفسك ولكن تصرفاتك للناس. وقد يحدث في لحظة معينة أن يتحول غضبك من شخص ما، إلى شفقة عليه إذا ما عرفت الحقيقة الخافية. ولا أجافي الحقيقة إذا قلت بأنه قد ثبت بالتجربة، أن أغلب المشاكل الإنسانية يمكن حلها بالعقل، وليس بالغضب والصراخ أو استعمال العضلات.