البدارين يكتب..«منطقة صناعية»: أبو ظبي «تقترح وتمول»… إسرائيل «تحدثت» والأردن «لا يمانع» والهدف «نتنياهو»

«منطقة صناعية»: أبو ظبي «تقترح وتمول»… إسرائيل «تحدثت» والأردن «لا يمانع» والهدف «نتنياهو»

القدس العربي / كتب..بسام #البدارين

حتى الطاقم الذي يدير الأمور في مكتب وزير الصناعة والتجارة الأردني يوسف #الشمالي، لم يكن على علم بحيثيات ما أعلن عنه فجأة يائير لبيد رئيس وزراء إسرائيل المؤقت، تحت عنوان الاتفاق على إقامة #منطقة_صناعية ضخمة بين الأردن وإسرائيل، وفي توقيت كان الأردن وفي قمة هرمه السياسي يحذر فيه من إقصاء أو إبعاد الفلسطينيين عن أي مشاريع اقتصادية إقليمية الطابع مستقبلاً، يقترحها الأمريكيون أو غيرهم.
لبيد زار عمان الأسبوع الماضي، وبعد عودته إلى تل أبيب كشف النقاب عن إحياء مشروع قديم تعثر عدة مرات بإقامة منطقة صناعية مشتركة، وكان الإيحاء عبر وسائل الإعلام طوال الوقت يشير إلى أن #إسرائيل و#الأردن مهتمان بالإصغاء إلى دولة الإمارات حصرياً، وهي تقترح عليهما تمويل مشاريع في اتجاهين؛ الأول إقامة مناطق صناعية حدودية، والآخر إقامة مشاريع تخزين للحبوب والغذاء وبصيغة ضخمة تخدم دول المنطقة.
الطاقم العامل في ملف الصناعة الأردني وأيضاً في ملف المناطق الصناعية هو خارج صورة المعلومات، الأمر الذي يلمح ضمنياً إلى أن لبيد يتحدث عن مسألة اقترحها وناقشها مع القيادة العليا في عمان، ولم تنزل بعد إلى المستويات التنفيذية الإدارية العليا، مما يعني محاولة إسرائيلية لا تعترض عليها عمان لأسباب سياسية مفهومة لتعويض الفاقد، ولو مرحلياً، في ملف العلاقات الثنائية المتوترة، أو لنفض الغبار عن ملف الشراكة السياسية والاقتصادية الذي تكلس وتكدس في متحف العلاقات بين الجانبين لصالح ما يسمى بتفعيلات السلام الإبراهيمي.
إعلان لبيد حتى في رأي السياسي مروان الفاعوري، ليس أكثر من إعلان سياسي تحت وطأة حاجة اليمين الإسرائيلي الذي يصنف نفسه في منطقة الوسط تحضيراً لمواجهة انتخابية ساخنة جداً وللغاية، مع اليمين الإسرائيلي المتشدد.
شبح بنيامين نتنياهو في المكان مجدداً وبقوة، وإعلان لبيد عن منطقة صناعية جديدة مع الأردن لم تبحث سابقاً بأي اجتماع فني أو بيروقراطي هو جزء من أوراقه الانتخابية ليس أكثر، بدلالة أن لبيد أعلن عن ذلك المشروع بعد زيارته المفاجئة الأخيرة لعمان، وبالتزامن مع تصريح مثير لشريكه في الائتلاف نفتالي بينت قال فيه بأن نتنياهو عطل وعرقل العلاقات مع دولة صديقة مثل الأردن بسبب صورة التقطها مع دبلوماسي إسرائيلي كان قد قتل في حادثة السفارة الشهيرة قبل عدة أعوام مواطنين أردنيين.
بعد حادثة السفارة، كشف شاهد عيان أردني أمام «القدس العربي» بأن المؤسسة الأردنية وبعد صورة نتنياهو إياها، عاقبت المنظومة الأمنية الإسرائيلية وأوقفت الاجتماعات أربعة أشهر، فيما اتخذ قرار في ذلك الوقت بعدم تفعيل المشاورات تحت عنوان أي مشاريع، لكن لبيد يحاول مجدداً ويناور في توقيت ضيق وحساس على أمل استدراج الأردن لشراكة حقيقية تعزز فرصته في مواجهة فرصة نتنياهو الانتخابية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
في المساحة الانتخابية حصراً مخاوف وهواجس وأشباح يخشاها الثنائي لبيد- بينيت، كما تخشاها عمان التي يناسبها الاستدراج السياسي هنا، لأن أولويتها المطلقة والعلنية تتمثل في إبعاد نتنياهو إذا ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وهو أمر يتنبه لمناوراته طاقم نتنياهو الانتخابي أيضاً، فيوجه رسائل تهدئة ناعمة يقرر الأردن وضعها في سلة القمامة.
وأمام» القدس العربي»، اعتبر رئيس وزراء الأردن بشر الخصاونة، أن بلاده لا تتخذ مواقفها على الأوهام، وأن اليمين الإسرائيلي لديه بالمقابل تعقيداته وعليه الانتباه لما ستؤول إليه الأمور. بهذا المعنى لا يوجد سلة سياسية متاحة أمام اللاعب الأردني لوضع أي بيض فيها تحت عنوان شبح نتنياهو إلا تلك التي يقترحها يائير لبيد وصحبه. وعليه، فالحديث عن منطقة صناعية حرة جديدة ليس أكثر من مناورة على الخريطة؛ لأن خبراء عمان يؤكدون مسبقاً بأن مكاسبها ستحظى بالرقم «صفر» فقط في حال إقامة مثل هذه المنطقة فعلاً، حيث الفائدة الوحيدة قد تكون توفير بعض فرص العمل والوظائف للعمالة الأردنية، والتي تعدّ رخيصة جداً قياساً بالعمالة الفلسطينية التي يمكن لأي صانع إسرائيلي الاعتماد عليها.
وهو مشروع خضع لترتيب سابقاً مع إيلات الإسرائيلية. ودون الحاجة لتوفير عمالة أردنية رخيصة قياساً بالفلسطينية، قد لا يوفر الحديث الإسرائيلي عن مدينة صناعية مشتركة مكاسب حقيقية للأردنيين، خلافاً لأنه مشروع لا يزال على الورق فقط ولم يدخل بعد في التفاصيل الفنية بالماكينة البيروقراطية الأردنية.
وذلك لا يعني إلا أن تصريح لبيد بالخصوص سياسي، وله علاقة بالاستثمار في إحياء وتفعيل وتنشيط العلاقة مع الأردن ضمن خطاب انتخابي للناخب الإسرائيلي الأقل تطرفاً في مغامرة جديدة لعمان، التي تعلن القطيعة التامة مع تيار نتنياهو لا بل تتخذ خطوات علنية فيها قدر من المناكفة واستعداد للتدخل، وعلى أساس تكرس القناعة أردنياً بأن عودة نتنياهو سيناريو صعب جداً على المصالح الأردنية ومن الصعب التعايش معه.
ويبقى هنا السؤال عن كيفية تصرف الأردن في السياق، وهو أمر يبحث على نطاق رفيع المستوى كما توثقت «القدس العربي» من أكثر من مسؤول أردني، وهامش المناورة اليتيم تقريباً قد يكون رفع نسبة التصويت بالمجتمع العربي في إسرائيل لعام 1948 أو العمل أردنياً على رعاية توحيد القوائم العربية وتخفيف حدة تحالفاتها ضمن تفويض يلامس حالة واقعية ويحظى بتوافق أمريكي.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى