الانفلات الأمني

#الانفلات_الأمني

المهندس: عبد الكريم أبو #زنيمة
الانفلات الأمني الذي نشاهده وتلك #الجرائم البشعة التي نفجع بها بشكل يومي لم تخطر ببالنا يوماً بأنها ستحدث عندنا أصبحت معتادة وتُبث من باب التفاخر بشكل مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، هذا الانفلات وهذه #الجرائم التي ضحيتها الجناة والمجني عليهم ليست بسبب التقصير الأمني وإنما بسبب النهج السياسي في إدارة الدولة و #فشل #الحكومات المتعاقبة في تبني استراتيجيات اقتصادية وطنية وهي لن تتوقف حسب ما يعتقد البعض بتشديد القبضة الأمنية وتغليظ العقوبات الرادعة ! بل بالبحث عن مسبباتها ومعالجتها وللأسف لا يلوح في الأفق أية بوادر جدية لاستئصالها ومن أهم أسبابها هو الفقر والبطالة اللذان يسببان المشاكل الاجتماعية ويفضيان إلى العوز والحرمان والجنوح إلى الانحراف والجريمة ، فالبيئة الفقيرة هي البيئة المثالية لانتشار كافة الآفات الاجتماعية ومن أخطرها اليأس والإحباط وتعاطي المخدرات التي تشكل المدخل الرئيس لارتكاب الجرائم التي تهدد الأمن المجتمعي والوطني ، بالإضافة إلى تباطؤ وتلكؤ القضاء في حسم الكثير من القضايا المنظورة مما أفقده ثقة المجتمع وأدّى الى إيقاظ نزعة العصبية الفردية والمجتمعية ” الحق بالقوة ” والاحتكام إليها، إضافة لذلك فإنّ انهيار منظومة التربية والتعليم والانفلات الإعلامي الهابط والرخيص وغياب الثقافة والتربية الوطنية أنشأ أجيالاً تشرّبت ثقافة التفاهة والبذاءة والجهل والتوحش وزرعت فيهم ثقافة وسلوكيات النزعة العدوانية والعنف والجريمة والجهل والتخلف .
في ظل هذه الظروف يستحيل الحديث عن الأمن بشكلٍ عام بمعزل عن التنمية الاقتصادية وأساسها وركيزتها بالدرجة الأولى هي التنمية السياسية ، إذ يتشكل الأمن بمفهومه العام من ثلاثة أطراف – الأمن الفردي أو الإنساني وهو شعور الفرد بتحقيق ذاته ورضاه وافتخاره بانتمائه إلى محيطه الاجتماعي والوطني ، والطرف الثاني هو الأمن المجتمعي الذي يرتكز على منظومة العادات والتقاليد والأعراف السائدة ، أما الطرف الثالث فهو الأمن الوطني وأساسه تحصين الدولة من الأخطار الخارجية والداخلية ، أما الداخلية فأخطر وأهم اسبابها هو غياب العدالة وتكافؤ الفرص وتوفير العيش الكريم ، تفشي الفساد والمحسوبية ، الاستبداد وغياب الحريات العامة ، غياب الشفافية والمساءلة والمحاسبة ، لذلك نجد أن الدول المزدهرة هي تلك الدول التي تسودها الحريات التي تنخفض فيها معدلات الجريمة والانحراف لحدودها الدنيا ، تلك الدول التي استثمرت وسّخرت كل مواردها وطاقاتها لتحقيق التنمية والازدهار ورفاهية شعوبها مما انعكس على منجزاتها ودرجة تقدمها وتطورها ورقيها الحضاري والإنساني ، فيها يكون معيار الأمن هو قدرتها على تحديد المخاطر والتهديدات التي تؤثر في تنشئة وسلوك الفرد من تعليم ورعاية صحية وزرع القيم والمفاهيم الإنسانية والثقافية والوطنية ، ورفع مستوى الخدمات ونشر وتعزيز ثقافة حرية الرأي والتعبير واحترامها ، أغلى ما تملكه تلك الدول هو الإنسان أساس ومحور التنمية .
لذلك فإنّ الأمن الاجتماعي يعتبر الركيزة الأساسية لبناء الدولة الحديثة وعنصراً مهماً في رقيّها وتقدمها لأنه يوفر البيئة الآمنة للعمل والبناء ويبعث الطمأنينة في نفوس الأفراد ويشكل حافزاً للإبداع والانطلاق إلى آفاق المستقبل ويسهّل توجيه الطاقات للوصول إلى الأهداف الوطنية والغايات التي تمثل القيم والمثل العليا ، هذا الأمن بمفهومه الشامل لن يتحق إلا من خلال :
أولاً: البعد السياسي
1- دستور مدني ديمقراطي يضمن ويصون ويحترم الثوابت التي يُجمع عليها غالبية أفراد الشعب وليس دستوراً تعبث به مجالس نيابية مزورة .
2- نسج العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول وفقاً للأهداف والمصالح الوطنية العليا وعدم اللجوء إلى طلب الحماية الأجنبية وعدم السماح بتواجدها على الأراضي الأردنية.
3- اطلاق الحريات وحرية التعبير بكافة اشكالها تحت سقف الدستور المدني الديمقراطي
ثانياً: البعد الاقتصادي
الاستثمار الأكفأ في الموارد الطبيعية المتوفرة بكميات تجارية كبرى والاستثمار بالموارد البشرية الأردنية الكفؤة ورفع قدرة ومستوى تنافسية الإنتاج الوطني لتوفير أفضل اسباب العيش الكريم وتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والمجتمعات ورفع مستوى الخدمات وخلق فرص عمل للشباب وتطوير قدراتهم ومهاراتهم من خلال برامج التعليم والتأهيل والتدريب المهني وتحديث منظومة التعليم على الأسس العلمية المعرفية وتطوير التشريعات لمواكبة روح العصر ومتطلبات الحداثة
ثالثاً: البعد الاجتماعي
توفير الأمن بمفهومه الشامل للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء للوطن وإحياء منظومة التربية والثقافة الوطنية والعمل على زيادة قدرة وفاعلية مؤسسات التوجيه الوطني وتطوير وتحديث آليات عملها والعمل على تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها في حشد وتوجيه الطاقات المجتمعية للرقي والحداثة والابداع لتحصين الأمن الوطني .
أخيراً؛ فإن الظلم الذي نعايشه وأقله تعيين أبناء الذوات واللصوص بمناصب وامتيازات كبيرة فور تخرجهم وترك أبناء الفقراء فريسة للانحراف والمخدرات يعتبرمن أبرز العوامل المهددة للأمن الاجتماعي والوطني وإن الفقر والبطالة منبت للجريمة ! أما العدل فهو الجيش الوطني الذي لا يُهزم وهو الحصن المنيع الذي لا يُهدم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى