الاردنيون: حمايل وعشائر أم شعب مثل باقي الشعوب

الاردنيون : حمايل وعشائر أم شعب مثل باقي الشعوب
طاهر العدوان
يدفعني الى الكتابة في هذا الموضوع عدة أمور منها : ١- ما يمكن تسميته ب ( تزايد التفاخر بالهوية العشائرية ) خاصة بين فئات الشباب وتفشي ظاهرة ال ( أنا العشائرية ) بمواجهة العشائر و الفئات المجتمعية الاخرى وفق مفاهيم جغرافية او جهوية . واذا كانت هذه الظاهرة موجودة في المجتمع الأردني منذ وقت طويل الا ان خطورتها تكمن في تحولها الى شبه حزبية ( إصدار البيانات السياسية باسم العشيرة ) ظاهرة تنمو ويزداد الوعي بها على حساب الهوية الاردنية الوطنية الجامعة ، خاصة في هذا الوقت الذي ترضخ فيه البلاد لازمة اقتصادية قوية وضعف بالادارة مع تراجع في هيبة الدولة . لقد عملت قوى عديدة اجنبية ومن الداخل ومنذ عقود على استخدام مصطلح ( عشائر بدوية ) عند الحديث عن الشرق اردنيين ، وكأن الاردنيين ليسوا شعبا ولا مجتمعا ، ولا وطنهم وطناً ، كباقي شعوب ومجتمعات وأوطان دول بلاد الشام التي أفرزتها اتفاقية سايكس – بيكو .
في قياسات الهوية ، يجب ان نتشبث – في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة – بكوننا شعب اردني واحد بمختلف منابته وأصوله ، وبان الهويات الجزئية ،العشائرية والمناطقية ، هي مجرد تفصيلات لهذه الهوية الوطنية ومكون لها . بدون الاردن ، كدولة وشعب ووطن ، لا قيمة لعشيرة ، كبرت أم صغرت . ليكن فخرنا وانتماؤنا للأردن قبل ان يكون لأي حمولة او عشيرة . وهذا لا ينتقص من تفاخرنا بانتماءاتنا العشائرية وبتقاليدنا وأصولنا وأعرافنا .
٢- وما يدفعني الى ساحات القلق والمخاوف ما يجري حولنا من حملة ( استعمارية صهيونية ) تتكالب فيها الامم من شرق وغرب ، على دول بلاد الشام ، في حال ينطبق عليه الحديث الشريف ” يوشك ان تداعى عليكم الامم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، قلنا : من قلة يا رسول الله ؟ قال : لا ، أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ينزع الله المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن ، قيل وما الوهن ؟ قال : حب الحياة وكراهية الموت ” . اننا جميعاً كشعوب في هذه المنطقة بمواجهة حملة صهيونية أمريكية لتغيير الهويات الوطنية القائمة من اجل تسهيل سيطرة الهوية اليهودية الإحلالية والاستيطانية على كامل فلسطين . فعلى وقع طبول الترويع والإغراء بما ستأتي به صفقة القرن ، يتم بث الدعايات والتقارير عن تغييرات على الخرائط والحدود والشعوب ، في كل من الاردن ومصر وفلسطين . ويترافق هذا (منذ حكم ترمب المتصهين حتى العظم ) مع خطوات على الارض تؤشر على وجود خطط وقرارات تستهدف بناء ( دولة اسرائيل الكبرى ) على كل ارض فلسطين والجولان بهوية يهودية خالصة ، تنفى علاقة الاخر الفلسطيني بفلسطين كهوية ووطن وتتحول فيه الشعوب المحيطة باسرائيل الى قبائل وطوائف ودويلات ضعيفة منهكة متخاصمة . ( حلم تطلع اليه بن غوريون ، اول رئيس وزراء إسرائيلي ، في عام ١٩٥٢ ) .
٣- ولأن قرار يهودية الدولة الاسرائيلية ، يبقى مجرد عمل منفرد في وجه هوية فلسطينيية ، صامدة ، تملك شرعية التاريخ ومشروعية القوانين الدولية ، ولأن الهوية الوطنية الاردنية صخرة صلبة بوجه المحاولات الصهيونية لتغييرها منذ مؤتمر باريس ١٩١٩ وحتى اليوم ، فان المخاوف تزداد مع ما يتسرب عن صفقة القرن من خرائط جديدة تم التمهيد لها بضم القدس المحتلة ثم الجولان ، واللاحق ما أعلن عنه نتنياهو ، عن النية بضم مستوطنات من الضفة المحتلة الى اسرائيل . اي الضم خطوة خطوة .
اننا ، اردنيون وفلسطينيون ، مقبلون على مواجهة مع الصهيونية وحليفها ترمب ، في معركة هويات ، والاخطر من ذلك ان يكون هناك عمليات تغيير حدود ونقل شعوب على ارض فلسطين والأردن وسيناء . كما توحي بذلك تسريبات ( لخرائط ) نشرتها صحف ووسائل إعلام أمريكية واسرائلية ، وهي عمليات تعرضت لها شعوب أوروبية وآسيوية خلال الحربين العالميتين ، حيث نقلت شعوب وتغيرت حدود .
———————-
لمواجهة هذا الاخطار التي لا تخفى على احد ، وحشد الجهود الوطنية لإحباطها ، لا بد من رفع درجة الوعي والإنذار لتجنيد الاردنيين باتجاه ما يوحد ولا يفرق وما يعزز الهوية الوطنية ويعظمها على غيرها من هويات فرعية ، عشائرية او مناطقية.
———————————
فلسطينياً : بقاء حالة الانقسام الفلسطينية بين غزة وضفة هي عملية انتحار وطني جماعي وعلي الطرفين تحمل المسؤولية الوطنية في هذا الظرف الخطير وإلا فان المؤامرة المقبلة ستكون من صنع أيديهما كلاهما ، سواء في تحمل التفريط بقوة الفلسطينيين وقدرتهم على المقاومة ومواجهة صفقة القرن .. . الوحدة الفلسطينية ستعزز صمود الهوية الوطنية على ارض فلسطين بما يمكنها من وضع العصي في عجلة مؤامرة القرن .
اردنياً: في هذا الوقت الخطير ، ان نتمسك بهويتنا الوطنية الاردنية وننبذ كل ما يدعو الى الانقسام والفرقة بين الاردنيين بمختلف اصولهم ومنابتهم ، لنلتف جميعا حول هويتنا الوطنية ، هذا هو السبيل لقطع مؤامرة تغيير الهويات والاوطان ، ولنضع جانبا في هذا الوقت ، الحديث عن ( الوطن البديل ) ، فاسرائيل لن تقبل قيام دولة فلسطينيية في اي مكان حنى في أمريكا اللاتينية ، لان وجود مثل هذه الدولة سيظل ينازعها على شرعية وجودها وهويتها فكيف ستقبل بقيام دولة فلسطينيية في الاردن !؟. مؤامرة الهوية بمثل ما تستهدف إلغاء الهوية الفلسطينيية على ارض فلسطين فإنها تسعى الى خلق هوية او هويات مفتعلة و متصادمة في الاردن ، تغير من هوية بلدنا لحساب هوية يصدق فيها القول لا شرقية ولا غربية ، لا أردنية ولا فلسطينية .
هذا ايضا هو وقت التمسك بالدولة بهياكلها ودستورها وعلمهاومؤسساتها وتعظيم ثقافة الانتماء لها . لانه بمواجهة حرب الهويات المقبلة لا شعار أقدس من قول أمير الشعراء ” وطني لو شُغلت بالخلد عنه – نازعتني اليه بالخلد نفسي ”
———–
ملاحظة : ما يخطط لسوريا من تقسيم وتغيير ، هو جزء من حملة تغيير الهويات والحدود والاوطان في دول بلاد الشام لحساب سيطرة الهوية اليهودية الصهيونية ، يتكالب وتآمر دولي واضح ومكشوف .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى