الإصلاحيون …صلاح النية و فساد العمل

الإصلاحيون …صلاح النية و فساد العمل
عدنان الروسان

يفشل الإصلاحيون كل مرة و الحديث هنا عن الإصلاحيين المخلصين لفكرة لإصلاح و التغيير الإيجابي ، في بناء فكرة يمتزج بها السياسي بالإجتماعي و الإقتصادي و تكون متماسكة من حيث المضمون و مغرية من حيث الشكل كي تجد لها أتباع بين عامة طبقات الشعب ، و جزء من الفشل يعود الى الظن الخاطيء بأن الفكر الإصلاحي يجب ان يكون موجها للنخب السياسية او المستفيدة من الوضع السياسي القائم و التي تعتاش على التقرب منه و التزلف له و إذا انضمت لأي فكر اصلاحي او تيار سياسي معارض فإنما تفعل ذلك لتحسين مواقفها التفاوضية مع السلطة و تعظيم مصالحها على حساب الإصلحيين الذي يسعون نظريا لإجتثاث طبقة الفاسدين الذين يمثلون أربعة أخماس مايسمى بطبقة النخبة.
إن اي جهد اصلاحي يجب ان يتوجه لعامة الشعب و يخاطب الطبقات المهمشة في القرى و مدن الأطراف لا أن يركز على العاصمة أو مناطق النخب في العاصمة و ينسى بقية التراب الوطني و المخزون الشعي الإستراتيجي الذي يشكل الدافع المحرك و الرافعة الحقيقية لأي حركة إصلاح ، إن تحول الشعب من مصدر للسلطات لمجاميع من العبيد المطيعة للقوانين و التعليمات التي يسنها محفل النخبة يقضي رويدا رويدا على كل مضامين العقد الإجتماعي و يؤسس لحكم شمولي تديره النخبة من وراء ستار و تستولي من خلاله على معظم حقوق الشعب إن لم يكن كلها في السلطة و الثروة كما يستولي على حصة كبيرة من حق النظام السياسي نفسه في الحكم.
إن الخطاب السياسي الإصلاحي يجب أن يكون موجها لطبقات الشعب التي تعاني من سطوة الفساد و من الفقر و تغول الفاسدين على حقوقها و التي هي الدافع و المحرك لضرورات الإصلاح و التغيير ، و الخطاب الإصلاحي يجب ان يكون واضحا و يشير بكل جرأة الى أسباب الغضب الشعبي و ثورة الإصلاحيين البيضاء غير المسلحة الا بالحقوق و ما تبقى من “الماغناكارتا” الأردنية أو ماتبقى منها بعد ان سطا عليها الفاسدون و مسخوها و حولوها الى ورقة تجعل من الشعب مكونا من مكونات الوطن واجبه أن يعمل و يكد و يكدح ليدفع للدولة التي يجب في المفهوم النظري أن تكون تحت سيادته ليدفع لها كل ما يتحصل عليه من مال تحت مسميات لضرائب و مكوس تتعدى العشرات و تكاد تتخطى المائة ضريبة و يبقى الشعب يعاني من الفقر و الجوع و الذل تحت ذرائع شد الأحزمة على البطون من اجل الوطن.
قادة الإصلاح و المقصود هنا قادة الإصلاح الشرفاء المفترضين الذين يبحثون عن فرصة للعودة الى اطار الدولة المدنية ، دولة المؤسسات و القانون ، أو اي نوع من أنواع الدول التي فيها قوانين تحترم العامة و تمنع أيدي الفساد من أن تمتد الى جيوب الناس و أرزاقهم و تحد من تطرف الطبقة الحاكمة و طبقات النخب الفاسدة ، قادة الإصلاح أولئك يجب ان لايكون لهم اي مطامع شخصية وإن كانوا سيستفيدون قطعا مثلهم مثل باقي طبقات الشعب اذا تم الإصلاح و دون فوضى او اراقة دماء او الدخول في الفوضى التي هي خيار قد يلجا الناس اليه بدوافع الجوع و الظلم كما حصل في بلاد عربية و غير عربية كثيرة.
نحن بحاجة ماسة الى إصلاحيين و ليس من ضرر أن يكون بين قادة الإصلاح الحقيقي من كان يوما من طبقة النخب او كان موغلا في طبقة الحكم شريطة أن يكون فعله ردة فعل على نفسه و على الطبقة التي كان يخدمها ذات يوم و اكتشف انها تنمرت على الشعب حتى باتت لا تحتمل ، غير أن من اساسيات العمل الإصلاحي أن يكون موجها للشعب ، للنساء اللواتي أصبحن من طبقات الغارمات و السجينات و المتسولات و أحيانا المتاجرات بما لا يتاجر به من أجل اطعام أطفالهن ، الخطاب السياسي الإصلاحي يجب ان يكون موجها للشباب الذين دمرتهم المنظومة السياسية حتى باتوا موزعين على جمعيات و نوادي المثليين و عبدة الشيطان و افلام نتفليكس التي تدعمها المنظومة السياسية بالمال و الدعم اللوجستي لإنتاج أفلام تمارس فيه أردنية ربما قاصرا الجنس في الشارع و تتأوه و يفاخر ذويها بها لأنها تقدم فكرا تنويريا متميزا ، الخطاب الإصلاحي يجب ان يكون موجها لطبقة الإقتصاديين و التجار و المزارعين و غيرهم من طبقات الشعب المسحوقة و التي وصلت الى مرحلة من التداعي بحيث باتت مصابة بعقدة استكهولم على صعيد شعبي واسع.
الإصلاح ضرورة اجتماعية و سياسية و وطنية و قد فشلنا جميعنا في الإصلاح و المنظومة السياسية نفسها ساهمت في تعهير اي جهد بناء للإصلاح السياسي او الوطني بعامة و قد أطاح ذلك بالمجموع الوطني و اصابنا بالشلل و بحالة متقدمة من الزهايمر او الرعاش النفاقي السياسي و التزلف الرخيص لأصحاب الحل و الربط.
الموضوع يحتاج الى عصف ذهني واسع و سريع لأننا أضعنا نصف أعمارنا في عصف ذهي يركز على التوصيف و اجترار القصص و الأمثلة و لك ندخل بعد الى مرحلة وضع الخطط و الإستراتيجيات التي تدعو الى العمل للتغيير بعيدا عن استرضاء و طبقة النخبة و الإعتذار منها حتى قبل بدء عملية الإصلاح نفسها.
adnanrusan@yahoo.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى