لِمَ يحل حزب نفسه ؟ / سالم الفلاحات

لِمَ يحل حزب نفسه ؟ / سالم الفلاحات

حزب التيار الوطني 2/2

كيف يحل حزب بهذا الحجم نفسه ؟ ولماذا ؟ ومتى يكون الحل هو القرار الأنفع والأسلم وطنياً وكيف ؟

لا شكَّ أن البيئة السياسية الرسمية العربية لا ترحب بأي عمل حزبي جاد يمكن أن يفضي إلى تحولات جوهرية تجاه قوى الاستبداد والفساد وقوى الشد العكسي، لكن هذه الحالة ليست جديدة ولا طارئة وليست مفاجئة وإن كانت مستهجنة ومرفوضة.
وصحيح أن ثقة غالبية الشعب الأردني بالعمل الحزبي حتى الآن متواضعة جداً، لتراكمات سابقة، ولتثقيف سلبي موجّه طويل، ولغياب الديمقراطية واليأس منها، ولربما لبعض السلبيات والممارسات الحزبية الخاطئة، ولما يترتب على المنخرطين في الأحزاب السياسية من تبعات وحرمانهم أحياناً من بعض حقوقهم كمواطنين.

مقالات ذات صلة

لكن الذي لا يصح لسياسي تجاهله أو الإدعاء بعدم معرفته هو أن أصحاب الامتيازات والمكتسبات غير القانونية وغير المشروعة لن يسمحوا /لو استطاعوا/ لأحد بمنازعتهم أو مزاحمتهم على تلك الميزات، وسيرمونه بأقذع الاوصاف وسيستخدمون كل وسيلة مستطاعة بغض النظر عن قانونيتها ودستوريتها وأخلاقيتها.

وهل تؤخذ الحقوق الشعبية إلاَّ بالمدافعة ؟

وصدق الله العظيم القائل “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ”.

فلا أظن أن أعداء الديمقراطية والحريات العامة سيسعدون بأن يحل حزب التيار الوطني نفسه وأحزاب أخرى، وسيضحك هؤلاء ملء أشداقهم وسيفسرون بما لديهم من وسائل تشويش وتشويه وتصفية وابعاد قرار الحزب بحل نفسه بــ:-

أن الحزب لم يحقق المصالح الشخصية لقياداته.
أن الحزب أفلس ولم يجد اتباعاً ولا مناصرين.
أن الخلافات الداخلية هي التي عصفت بالحزب لذلك كان الهروب إلى الامام.
وقد يقال أن حل الحزب كان باتفاق سري مع الحكومة لتدمير الثقة بالعمل العزبي بعامة.

وهكذا سيخترعون ما لا يخطر على بالٍ سياسي للتقليل من شأن هذه الخطوة.

وهناك آثار سلبية كبيرة لهذا القرار ولتلك الخطوة منها:-

الاسهام في مشروع التيئيس وفقدان الثقة بالذات، وبالإصلاح، وبمواجهة الفساد وهذا ما يسعى إليه خصوم الإصلاح والاستقرار والنمو الوطني، زراعة اليأس من الإصلاح، والقعود السلبي.
وربما سيدفع آخرين بشكل فردي ليستريحوا من أعباء العمل الحزبي بحجة عدم تحقيق الأهداف، وربما يدغدغ هذا الإجراء عواطفهم، أو يجد لآخرين مخرجاً لقعودهم، وتغطية لعجزهم دون بحث عن وسائل أنفع وأنجح، بحجة عدم جدوى العمل.
وسيسهم في تعميق الادعاء بأن الشعب الأردني غير جاهز لأي عمل ديمقراطي أو حياة ديمقراطية حتى الآن كما رددت بعض الأقلام والحكومات.

وبمقياس المصالح والمآلات وفقه المقاصد، فإني ومع تسليمي بصعوبة العمل الحزبي الوطني الجاد وعدم توافر البيئة المناسبة له، إلا أن البيئة تُصنع والقناعة تُنجز بأدواتها والتي من أولاها العمل بجد، والصبر والمثابرة.

ولو كنت مستشاراً في هذه المسألة لقلت أن المخرج هو البحث عن آليات جديدة وتفكير جديد في العمل الحزبي وتطويره، وليس الاستغناء عنه بالتدريج حزباً بعد آخر فهذا حزب يشطب، وآخر يحل نفسه، والمستفيد الوحيد هو المستبد الفاسد والمتضرر الأكبر هو المواطن حاضراً ومستقبلاً.

فإذا كان القصد من حل الحزب نفسه الضغط على أصحاب القرار للعدول عن ممارساتهم تجاه الأحزاب، وتهيئة الظروف للإصلاح السياسي، أو لأخذ الفرصة لمراجعة جادة لمسيرة العمل الحزبي على طريق الاتحاد مع أحزاب أخرى ضمن مشروع وطني مدروس، فإنّ هذا يستدعي التنسيق مع الأحزاب الوطنية بخطة جماعية وإلا فستكون قفزة في الهواء، أو تقديم خِدْمة مجانية لأعداء الوطن والحرية والديمقراطية، ولا يمكن أن يكون هذا من مقاصد حل حزب وطني نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى