وطن نيوز- مع التصريحات التركية الأخيرة بأن “أنقرة بدأت تفقد صبرها”، ومع تخوف نظام بشار الأسد من سيناريو شبيه ببنغازي الليبية، تكشف مصادر مطلعة في دمشق لوسائل إعلام عن أن الأسد اجتمع أخيرا مع القيادات العليا في الجيش السوري، ووضعت في الاجتماع خطة لانتشار الجيش السوري من أجل مواجهة تدخل محتمل من قِبل تركيا.
التصريحات شديدة اللهجة، كانت تمهيدا للتحركات العسكرية التركية على طول الحدود مع سورية، وتحريك قطاعات دفاعية وهجومية في مناطق متفق ألا تكون مسرحا لعمليات عسكرية أو تواجد عسكري وفقا للاتفاقيات الأمنية الموقعة بين البلدين، فضلا عن قيام القطع البحرية التركية باعتراض سفن سورية في عرض البحر وتفتيشها بحجة حملها أسلحة على متنها.
بيد أن الأمر لا يتوقف عند حد الجانب التركي، إذ تنقل صحيفة “الاقتصادية” الإلكترونية عن “مصادر دبلوماسية مطلعة”، قولها إن الأردن هو الآخر يجري إعادة انتشار لقواته في المنطقة الشمالية القريبة من الحدود السورية.
وقالت الصحيفة، استنادا إلى مصادرها، إن الأردن حصل على دعم أميركي لتعزيز قدراته العسكرية، مستذكرة بطاريات اعتراض الصواريخ (باتريوت) التي نصبها الأردن سابقا قبيل الاحتلال الأميركي للعراق، ومبينة أنه أعيد نشرها شمال الأردن.
وتستشهد الصحيفة بما نقله موقع (ديبكا فايل) الإخباري، من أن هذه المنطقة تشهد ترتيبات جديدة، وأن الأردن بدأ يقرأ الساحة السورية بشكل جيد، ومدى تداعيات الوضع السوري على الراهن الأردني.
وتشير الصحيفة إلى أن رغبة عمان بطمأنة السوريين وإيفادها رئيس الديوان الملكي د. خالد الكركي إلى دمشق للقاء الأسد، ومن بعده مدير المخابرات العامة محمد الرقاد، لم يغير من المعادلة شيئا، إذ تقول إن تصريحات الملك عبد الله الثاني الأخيرة للصحافة الأجنبية تعكس حالة اليأس التي وصلت إليها عمان من أن يستطيع نظام الأسد فعل شيء تجاه الاحتجاجات التي تزداد يوما بعد يوم، حيث قال الملك عبد الله مؤخرا “يبدو لي أنه ليس لدى السوريين استعداد لتقديم تنازلات”.
وتعيد الصحيفة التأكيد على الرواية المزعومة لزيارة مدير الاستخبارات السورية آصف شوكت إلى عمان واجتماعه بالملك عبد الله، وتهديد عمان بالصواريخ في حال استجابت للضغوط الأميركية والتركية والقطرية.
وأكدت الصحيفة أن دمشق متخوفة جدا من تجميع المعارضة الإسلامية على الحدود مع الأردن، خصوصا أن مناطق درعا ودير الزور تعتبر خارج سيطرة وسلطة الحكومة السورية، إضافة إلى أهمية دير الزور من الناحية النفطية؛ إذ تعتبر شريان الحياة لسورية، ناهيك عن أن قيام جيب أو منطقة عازلة في هذه الأطراف سيؤثر في قدرة سورية في الحصول على الدعم العراقي؛ حيث تشكل درعا مع دير الزور والقامشلي تيارا معارضا ومتجانسا، خصوصا بعد عملية الاغتيال التي تعرض لها الناشط من أصول كردية مشعل تمو، الذي دفع بقيادات إقليم كردستان لدعم التغيير في سورية، وانتقادات حكومة المالكي للحزب الواحد رغم مساندتها المادية للأسد.
الأسد في اجتماعه الأخير مع القيادات العسكرية، وضع خططا للمواجهة وفقا لسيناريوهات متعددة ومتوقعة، وتفيد المعلومات بأن دمشق تتوقع أن يبتدئ الهجوم عليها من الأراضي التركية غير أنها تخشى أن تكون الأردن البوابة الرئيسة لخلق أمر واقع جديد، وفق الصحيفة، لذلك كانت تهديدات الأسد، في حال صدقت الرواية، حاسمة بأنه سيضرب المدن الأردنية بالصواريخ حال اتخاذ الأراضي الأردنية منطلقا للتدخل.
وتبين الصحيفة أن التحركات التركية والأردنية، تزامنت مع حضور وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إلى تل أبيب التي أجرت لتوها تحريكا لقواتها على مقربة من الحدود مع سورية، واستعدادات في المنطقة الشمالية، مع رسائل تحذير شديدة اللهجة لدمشق ولحزب الله من مغبة التورط في زج إسرائيل في أي حرب بهدف إنقاذ الأسد أو توسعة الفوضى الإقليمية وتداعياتها أيضا، مشيرة إلى طلب بانيتا من الحكومة الإسرائيلية ضرورة إبداء مزيد من التعاون الوثيق مع الحكومة التركية وتجاوز الماضي؛ وذلك لردع إيران ومحاصرة سورية وحزب الله.
وترصد الصحيفة ملامح التوتر البادية على سورية هذه الأيام؛ من حيث اللغة السياسية التي اختلفت بعض الشيء، لتبدأ حملة علاقات عامة مع دول أميركا اللاتينية، إضافة إلى خروج مفتي الديار السورية بدر الدين حسونة عن اللياقة الرسمية التقليدية، للقول إن أي هجوم على سورية وضربها بالصواريخ سيؤدي إلى تفجير أوروبا بالعمليات الانتحارية، وقال حسونة إن من سيقوم بهذه العمليات ليسوا عربا أو مسلمين فقط، بل من العالم الذي يعارض الظلم والإرهاب، وهي خطوة لرفع وتيرة التأهب الداخلي، والدخول على خط التعبئة الدينية التي سيلجأ لها النظام السوري.
وتنقل الصحيفة معلومات تقول إنها واردة من سورية تفيد بأن الأجهزة الأمنية السورية اتخذت سلسلة إجراءات احتياطية في دمشق وحول المؤسسات والمطارات المدنية والعسكرية، وتم نقل معدات كثيرة لمناطق مختلفة، وجرى تعزيز الإجراءات العسكرية، وضبط عمليات الإنفاق وتوزيع شحيح للمواد النفطية، وإنشاء حواجز حدودية حول المدن، ومراقبة الحراك الداخلي.
وتوقعت مصادر دبلوماسية للصحيفة أن تلجأ طهران ودمشق لإثارة الفوضى في المنطقة، حيث تشير المعلومات إلى أن أحداث العوامية التي وقعت أخيرا في السعودية كانت وراءها أصابع إيرانية سورية. كما تفهرس الصحيفة المحاولة الفاشلة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن ضمن المنظومة التي تحاول تخفيف الضغط عن نظام الأسد.
ف . ع