الأردنيون..مُستفزون..لماذا ؟ / ا.د حسين محادين

الأردنيون..مُستفزون..لماذا ؟

1- واقعيا؛ ثمة توتر واضح في كل ما حولي كأردني، المسرح السياسي،الاعتداء على المال العام ومآلاته؛ الارتفاع الهائل للمديونية؛اعتراف الحكومة بفشل معالجاتها الاقتصادية الدامية لمدخولات المواطنيين الشحيحة اصلا؛ الحروب التعبيرية الاقصائية والاغتيالية لشخصيات الاخرين، انطلاقا من آليات تفكيرنا وطرق تعبيرنا المرتبطة حكما بما سبق ذِكره؛ وبرغم كل هذا المرار الحياتي المتنام لدينا للاسف؛ لابد من القول ان هذه التوترات نتيجة منطقية لصعوبة الحال الذي قادته حكومة”النهضة” وسابقاتها من الحكومات بالتواطىء مع مجلس النواب عبر موافقة الاخير على استمرار وزيادة كل هذه الضرائب غير المثمرة كما ثبت لنا؛ فالحكومة بعكس كل حكومات العالم تُعلن دون خشية من محاسبة او سرخة شعبية؛ او حتى مساءله قانونية في انها فشلت رغم كل الضرائب التي قوننتها؛ ومع هذا يا للغرابة؛ لم تستقيل او تقال للآن؛ لابل ما زالت مستمرة في “تسيير” شؤون حياتنا الآخذة في الاضمحلال ان استمر الوضع كما هو الآن.
2 -من منظور علم اجتماع السياسة ؛ في المجتمعات اللامؤسسية العميقة كحالنا ؛ عادة ما يكون التوتر/العنف اللفظي والسلوكي المُعبر عنهما شعبيا ليس لحظي النشأة ؛لا بل ان له جذوراً نفسية اجتماعية؛ والأهم تلك العوامل السياسية راشحة من القرارات الحكومية المتهورة وغير الناضجة كونها اي الحكومة هي المِظلة التنفيذية القائدة فكرا واستراتجيات للمجتمع ؛ مؤسساته وافراده كما يُفترض.

أن هذه السلوكيات/القرارات الحكومية النيِّة بحاجة الى دراسات علمية عاجلة وجادة كي تُفسر لنا ؛كيف يساهم بقاء هذه الحكومات في السلطة بارتفاع او انخفاض منسوب التطرف والعنف الاقتصادي والسلوكي في حياة الاردنيين الناجم عن قراراتها الحياتية والتنموية المختلة في العاصمة والمحافظات الاكثر تأثرا بهكذا قرارات؛ كي يُحتاط منها ويخشى من عواقبها المعاشة الان وفي المستقبل القريب لارتباطها بالأمن المجتمعي ومآلاته كأساس عموما فهل نحن فاعلون؟ .
3- وفي ما يلي أمثلة على اننا كرأي عام وتعابير حياتية مُستفزون؛ وتأويليون للاحداث الناجمة عن القرارات الحكومية؛ كما أننا لسنا علمييّن في تعاملنا معها احداثا واعترضات على سطوتنا علينا بمنطق الأولويات المدروسة كمجتمع متعلم:-
– لنلاحظ كيف ازدادت حالات الانتحار في الشهور الاخيرة بين شبابنا الاردني من الجنسين جراء انعدام الرؤيا والايمان وغياب التفاؤل بدواخلهم نحو ادوارهم الراهنة والمستقبلية كشباب متعلم وطامح؛ ومع ذلك لم يأبه او يطالب المواطنين ومؤسسات المجتمع المختلفة؛ لاسما مجلس النواب وهم اي ما يُعرف بالوجدان الشعبي في مجتمعنا “المحافظ والمتدين” والمخدر بهذا الوصفات المغلوطة عادة؛ لم يطالبوا باجراء تحقيقات ودراسات علمية لمعرفة العوامل المؤدية الى زدياد اعداد المنتحرين لدينا؛ بجرأة وصِدام دامِ مع ايماننا ان الانسان اغلى ما نمِلك.. وهذا مبرر مضاف لقيام مثل هذه الدراسة المُلحة في القريب العاجل؟.

– لكم انشغل وشيّطن عدد من النشطاء في العمل “السياسي” في مجتمعنا الاردني العربي المسلم “المتسامح” زلة لسان الاعلامية ساندي حباشنة رغم اعتذارها وفضائية كذلك عن هذا التعبير؛ لابل والاخطر هو ؛كيف انقسمنا وبكل سهولة على انفسنا المُشظاة اصلا بالثأرية وقصور الوعي بسبب هذا الحدث العابر جدا وغير المُخل بالميزان الاستراتجي لحروبنا القبائلية والسلطوية المستمرة هنا وهناك عربيا دون ان ننقسم على كيفية ايقاف حروبنا العبثية هذه كأولوية قصوى؛ فليصمت المتعربشون على فلسطين “وسبل تحريرها” في حين ان الواقع العربي المتخلف بكل شيء خصوصا في العلم والحريات ؛يؤكد صمودنا كل في سلطته المهزومة فكرا وواقع في بلداننا اولا واخيرا ؛ فلم ننقسم مثلاً على كيفية مساعدة الفقراء والمرضى والمتعطلين عن العمل وطلبة المدارس والجامعات الواقفون على حافة الانزلاق نحو مجهول داهم لنا؛ او لم ننقسم حتى على التفكير في العمل على التخفيف من كثافة الخطابات الثارية المدمرة لدواخلنا اولا ولوطنيتنا الجامعة كما يُفترض في ظل هذه الظروف العصيبة علينا جميعا.
– لك ان تتابع محتوى ،صور، وطرق التعبير المخلبية”من مخالب” عن اي شيء ننشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتلمس كباحث محايد ؛ ارتفاع منسوب التلوث الفكري والبصري والتعبيري الصِدامي الذي يبثه وجداننا الشعبي الاردني”المتسامح” ؛فهل نحن مُستفزون رسمياً ام اهليا؛ومن الذي يستفزِنا ولماذا،ومن المسؤول عن هذا الواقع المرّ عنفاً اقتصادؤا وتعبيريا دامِ ؛وماهي اجراءاتكِ يا حكومة؛ واين دوركم التنويري يا “سياسين ومثقفين”تحبون الامة لكنكم هل تحبون الأردن وطنكم أكثر. لست اجزم..
انها اسئلة مفتوحة على التفكر بأنفسنا فهل نحن متفكرون؟
* اكاديمي في جامعة مؤتة-الاردن.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى