اغتيال القنطار يفتح باب التساؤلات عن علاقة روسيا بايران وحزب الله ..!!

سواليف

تفتح عملية اغتيال قيادي حزب الله، “سمير القنطار“، داخل الأراضي السورية، المجال للحديث عن طبيعة التحالف الإيراني – الروسي، وإذا ما كان بهذا العمق الذي يتحدث عنه محللون، فضلا عن إمكانية افتراض أن الاغتيال في حد ذاته، في ظل تعزيز التواجد الروسي في سوريا، يدل على أن حديث إسرائيل عن تنسيق كامل مع موسكو هو أمر أكثر واقعية، مقارنة بالطرح الذي يتحدث عن تعاون ميداني بين روسيا وحزب الله والمليشيات الإيرانية والجيش السوري.

ونظر مراقبون إلى أن عدم قدرة إيران وحزب الله على الحسم لصالح نظام الأسد، منذ تدخلهما بإرسال قوات عسكرية ومقاتلين، ضد قوى المعارضة المعتدلة والمتشددة والإرهابية في سوريا، مؤشرا على سقوط وشيك للنظام السوري، لكن التدخل الروسي قبل ثلاثة أشهر، والذي وصف بأنه “أحدث انقلابا كبيرا في السياسة الدولية”، جاء بمثابة المتنفس لإيران وحزب الله والجيش السوري، بعد فشلهم في الحسم.

إسرائيل تستهدف حلفاء موسكو

ولا تعتبر عملية اغتيال “القنطار” هي الأولى من نوعها التي تنفذها إسرائيل منذ التواجد الروسي في سوريا، ففي أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي قصفت إسرائيل مواقع عسكرية تابعة للنظام في ريف القنيطرة الأوسط، جنوب سوريا، مستهدفة سرية (كوم محيرس)، وقيادة اللواء 90، وسرية (الصقري)، وتل شحم، ما أدى إلى تدمير مدافع ودبابات تابعة للجيش السوري في تلك المنطقة، فيما أشارت مصادر إلى أن طائرات استطلاع إسرائيلية حلقت أثناء القصف وبعده، فوق الأماكن التي تم استهدافها، واستمر تحليقها لأكثر من ساعة.

كما أن العملية الإسرائيلية هي الأولى التي تسارع فيها تل أبيب للإعلان رسميا عن مسؤوليتها عنها، وقالت إنها “جاءت ردا على سقوط صواريخ في مناطق مفتوحة بالقسم المحتل من هضبة الجولان”. كما أعقب تلك العملية أنباء متواترة عن غارات شنتها مقاتلات إسرائيلية ضد أهداف مماثلة في سوريا.

إحراج بوتين

ووقتها طرحت فكرة أن القصف الإسرائيلي سيتسبب حتما في إحراج وضع القوات الروسية في سوريا، فضلا عن الرئيس “فلاديمير بوتين” شخصيا، لأنه يأتي بعد أيام من الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” إلى موسكو، على رأس وفد يضم شخصيات عسكرية واستخباراتية رفيعة المستوى.

وخلال الزيارة أكد الرئيس الروسي لضيفه الإسرائيلي أن “الجيش السوري غير معني بفتح جبهة مقابل إسرائيل”، فيما قال “نتنياهو” إنه تم الاتفاق على آليات للتنسيق بشأن الوضع في سوريا، بحيث تضمن إسرائيل حرية عمل سلاح الجو فوق الأراضي السورية، وكذلك لمنع حدوث أي اشتباك أو استهداف للقوات الروسية عن طريق الخطأ.

كما تزامنت العملية الإسرائيلية مع تشكيل غرفة عمليات تضم روسيا وإيران والعراق في بغداد، بهدف محاربة تنظيم داعش، فضلا عن بدء تنفيذ عملية عسكرية مشتركة، هي الأولى من نوعها التي تشارك فيها قوات المارينز الروسية من اللواء (810)، مع قوات خاصة سورية وعناصر حزب الله، ضد قوات داعش شرق حلب.

تساؤلات بشأن اغتيال القنطار

ويطرح اغتيال “القنطار” عبر غارة استهدفت مبنى في مدينة “جرمانا” بريف دمشق أسئلة تتعلق بـ “أي تحالف عسكري بين قوى محددة، يمكنه أن يسمح بهامش من الحرية لقوة أخرى، يتيح لها استهداف أحد أطراف هذا التحالف؟”، بمعنى “كيف يمكن لموسكو أن تسمح باستهداف قيادات حزب الله في ظل عمل الجانبين بشكل مشترك وتحت هدف واحد؟، وكيف يمكن أن تظل الثقة قائمة بين الطرفين؟”.

وترددت نفس هذه الأسئلة في أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد استهداف إسرائيل لمواقع تابعة للجيش السوري. ووقتها ورد على لسان مراقبين عسكريين أن استهداف إسرائيل للجيش السوري في ظل تحالفه العسكري مع القوات الروسية على الأرض، “يخلق أزمة ثقة بين الجانبين الروسي والسوري، ويدفع القوى الموالية لنظام بشار للتشكك في الأهداف الروسية، ويعزز من الانطباع بأن ثمة تنسيق إسرائيلي روسي مثلما أكد نتنياهو، ويرسم لإيران وحزب الله والجيش السوري صورة، بأن هذا التنسيق يتضمن الصمت الروسي عن استهداف قوات عسكرية تعمل إلى جوارها في خضم المعركة”، وهو أمر غير طبيعي من النواحي العسكرية.

معضلة حزب الله

ويواجه حزب الله معضلة، تتمثل في كونه ركز جانبا كبيرا من قوته وطاقاته البشرية صوب الحرب السورية، ومني بخسائر كبيرة، ما أفقد ساحة جنوب لبنان الزخم، ومنح جيش الاحتلال الإسرائيلي فترة كبيرة من الهدوء وركز خلالها مهامه على قمع الانتفاضة الفلسطينية بالأراضي المحتلة، وإبرام صفقات سياسية مع حكومة قطاع غزة.

وتتمثل تلك المعضلة في كون “حزب الله” مضطر لاتخاذ موقف محدد ضد اغتيال واحد من أبرز القيادات والرموز، قبل أيام قليلة من نهاية العام ذاته الذي بدأ باغتيال رمز آخر، هو “جهاد مغنية”، نجل ضابط عمليات حزب الله “عماد معنية”، والذي تم اغتياله أيضا في دمشق، في شباط/ فبراير 2008.

وجاء اغتيال “مغنية الابن” في غارة الإسرائيلية استهدفت موكبا لحزب الله في منطقة القنيطرة، ما تسبب في رفع درجة التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وسط انتظار الرد المزلزل الذي سيوجهه “حزب الله” ضد إسرائيل، وهو الرد النوعي الذي جاء عبر استهداف دورية إسرائيلية في مزارع شبعا، وتسبب في مقتل عدد من جنود الاحتلال.

وقبل نجاح حزب الله في توجيه الرد الانتقامي، عاشت قرى وبلدات منطقة الجليل الأعلى، وكريات شمونه، وقرى الحدود اللبنانية، على وقع أجواء حربية، لدرجة أن المتحدث باسم مجلس بلدية الجليل الأعلى “أفيف لاشيم”، أكد وقتها أن السكان يستشعرون الاستعدادات والتحركات التي ينفذها الجيش على الأرض، وأن قطاعا كبيرا من السكان في المنطقة، بدأ بتنفيذ مناورات للتدريب على النزول إلى الملاجئ، وقاموا بإعدادها وتهويتها بمبادرة شخصية، وليس بتوجيهات من الجيش.

وعلى الرغم من أن ثمة توقعات لدى إسرائيل وكذلك وسائل الإعلام الموالية لحزب الله، بأن اغتيال “القنطار” لن يكون حدثا عابرا، لكن ثمة اختلافات كبيرة في هذه المرحلة، حيث سيكون على المنظمة اللبنانية إثبات قدرتها على العمل في أكثر من ساحة، وإذا ما كانت قادرة على العمل في سوريا لصالح نظام الأسد، والتغلب على آثار الخسائر البشرية هناك، وفي الوقت ذاته، توجيه رد انتقامي ضد إسرائيل قد يدفع لبنان إلى حرب ثالثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى