الأردن وصندوق النقد / سلامة الدرعاوي

الأردن وصندوق النقد
العلاقة بين الأردن وصندوق النقد الدولي ليست بجديدة، فعقب أزمة الدينار سنة 1989، لجأ الأردن إلى المؤسسة الدولية لمساعدته في استعادة ثقة المجتمع الدولي عقب عجزه عن الوفاء بسداد ديونه، فكان الصندوق بمثابة الكفيل للمملكة لدى المانحين والمنظمات الاقتصادية العالمية.

هذه الكفالة ترجمت من خلال برامج التصحيح التي عمل بها الاردن طيلة 14 عاما (1989-2005) حيث كانت تلك البرامج هي عبارة عن السياسات الاقتصادية التي نفذتها الحكومات بكل حذافيرها وتفاصيلها، ولا نبالغ إن قلنا إن الصندوق فعليا هو من كان يدير كل العملية الاقتصادية للأردن في ظل تلك البرامج.

عقب تخرج الأردن من برامج الصندوق بدأ يمارس سياسة اقتصادية مستقلة إلى حد ما باعتباره قد نجح في تنفيذ متطلبات التصحيح الاقتصادي، الذي نفذها باشراف الصندوق، لكن الامور لم تدم طويلا بعد انتكاسة الاقتصاد الوطني عقب انقطاع الغاز المصري وعودة السلوك الحكومي نحوالاقتراض غير المدروس والذي أعاد المديونية إلى أضعاف ما كانت عليه قبل توقيع اتفاق نادي باريس، ناهيك عن الغياب الكامل للسياسات الاقتصادية التحفيزية التي جعلت من القطاعات التنموية المختلفة أسيرة لما يحدث لدى الجوار، ولا تتمتع بأي فاعلية قادرة على التغيير، ما جعل الاردن في العام 2012 يعود من جديد الى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، بعد أن توقفت تقريبا معظم الدول المانحة عن تقديم اي مساعدات للاردن المثقل بالديون والمتخمة خزينته بفواتير دعم كبيرة وتشوهات مالية خطيرة وتباطؤ اقتصادي على كافة القطاعات الشاملة.

حينها لجأ الأردن للصندوق لكي يأخذ منه شهادة “حسن سلوك” للمانحين لكي يستأنفوا مساعدتهم للمملكة بواسطة اتفاق جديد يضمن تسهيلات مالية للأردن من المؤسسة الدولية بحوالي الملياري دولار في ثلاث سنوات، مقابل لجوء الحكومة الى تنفيذ جملة من الاجراءات المالية السريعة ابرزها ازالة كافة اشكال الدعم عن المحروقات ورفع التعرفة الكهربائية الى حد التكلفة بحلول 2017 وهذا ماتم فعلا باستثناء الكهرباء التي رفعت باكثر من المقرر في الوقت الذي انهارت فيه اسعار النفط باكثر من 70 بالمائة في غضون العامين الاخيرين.

مقالات ذات صلة

الآن؛ يسعى الأردن الى تجديد اتفاق التسهيلات مع الصندوق لثلاث سنوات مقبلة تمتد بالفترة 2017-2019 مقابل الحصول على أكثر من ثلاثة مليار دولار إضافة الى تسهيل ودعم حصول المملكة على قروض خارجية، وهي على كلٍ مدفوعة بعوامل سياسية اكثر منها اقتصادية، بدليل ان الوضع الاقتصادي مازال في حالة تباطؤ شديد رغم انه تحت مظلة الصندوق، وهو ما يوضح ان برامج الصندوق في النهاية تخدم المانحين وضمان تدفق اقساط وفوائد قروضهم على المملكة اليهم.

هذه هي مهمة صندوق النقد الاساسية، ضمان تحصيل اموال المانحين والمقرضين من خلال ضمان الاقتصادات المتعثرة اولا واخيرا، اما فيما يسمى بالتصحيح الاقتصادي فهو تصحيح مالي ليس اكثر، يعتمد على بيع الاصول وزيادة الضرائب واستحداث أخرى وإزالة كافة اشكال الدعم، مقابل اخفاق اجتماعي كبير، وهذا هو ملخص كل برامج التصحيح بين الاردن وصندوق النقد منذ نهاية الثمانينات وحتى يومنا هذا.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى