إطلاق الأسماء الرمزية على التشكيلات والوحدات العسكرية
موسى العدوان
جرت التقاليد العسكرية في القوات المسلحة الأردنية، أن تطلق الأسماء الرمزية على التشكيلات والوحدات والقواعد العسكرية باختيارها من أسماء قادة جيوش الفتح الإسلامي، أو من أسماء مواقع المعارك الفاصلة، أو من أسماء العائلة الهاشمية المالكة، أو من أسماء الشهداء الأردنيين. وقد شذ عن هذه القاعدة أسماء بعض القواعد الجوية، مثل قاعدة الملك فيصل الجوية، وقاعدتي زايد 1 وزايد 2، ومركز فرح للتأهيل الطبي، نظرا لكون أصحاب تلك الأسماء قد تولوا تأسيس هذه المنشآت، خلال النصف الثاني من القرن الماضي.
بتاريخ 20 / 11 / 2018 قام ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة بزيارة للأردن، مُنح خلالها أرفع وسام في المملكة وهو ” قلادة الملك حسين بن علي “، ثم أطلق أسمه على أحدى تشكيلاتنا العسكرية المقاتلة : ” لواء التدخل السريع ” بحيث أصبح أسمه الجديد : ” لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتدخل السريع “. وعُزي ذلك بأنه تعبير عن عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وتقدير للشيخ محمد بن زايد في دعم القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، خاصة في مشاريع الإسكان ومدارس التدريب وغيرها. وكان سموه قد قدم أيضا في تلك الزيارة مبلغ 100 مليون دولار لمؤسسة ولي عهد الأردن.
ومع تقديري العظيم لدولة الأمارات العربية المتحدة الشقيقة وشعبها العربي الأصيل، فإنني أعتقد أن إطلاق أسم ولي عهد أبو ظبي، على لواء التدخل السريع، يشكل سابقة فريدة من نوعها، تخالف التقاليد المتبعة في قواتنا المسلحة. إذ لم يسبق أن أطلق أسم ضيف من خارج الأردن – سوى ما ذكر بأعلاه – على أي تشكيلة أو وحدة مناورة عسكرية أردنية، منذ تأسيس القوات المسلحة في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي وحتى الآن.
وبما أنني أمضيت خدمتي في القوات المسلحة بما يزيد عن 37 عاما، وسال عرقي ودمي على ثرى الأردن وفلسطين، وتوليت خلالها قيادة مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية ومن بينها القوات الخاصة، التي تشكل اليوم ثلثي قوات هذا اللواء، فإنني أتساءل : هل تعتبر هذه الخطوة سابقة تتبعها خطوات مماثلة لضيوف الأردن من الدول العربية الشقيقة، التي قدّمت لنا مساعدات مالية وعينية مشكورة عليها ؟
وبهذه المناسبة لابد لي من التذكير، بأن هناك دول عربية شقيقة أخرى قدمت لنا الكثير من المساعدات المالية والعينية، مثل المملكة العربية السعودية التي قدمت إضافة للمال، بناء المدن والطرق السريعة وتوسعة حدود خليج العقبة. وهناك أيضا دولة الكويت وما قدمته لنا من مساعدات مالية خلال العقود الماضية. وكذلك دولة قطر التي أسهمت في تلك المساعدات كان آخرها قبل بضعة أشهر، حيث قدمت لنا مبلغ نصف مليار دولار لاستثمارها في إقامة البنية التحتية والسياحية، إضافة لفتح المجال لعشرة آلاف فرصة عمل في قطر لشباب وشابات الأردن. ومن ناحية أخرى فقد ساعد الأردن تلك الدول في بناء وتدريب وتنظيم قواتها المسلحة ومؤسساتها المدنية التعليمية والإدارية.
ولا ننسَ دولة العراق الشقيقة، التي قدمت لنا في ثمانينات القرن الماضي، مساعدات مالية ونفطية مجانية كبيرة، ورفَعت شعار ” القدر العراقي ” لتشجيع الدول العربية على تقديم المساعدات المالية للأردن. ومن جانبنا فقد حفظنا لها الجميل، ووقفنا إلى جانبها من ناحية عربية وقومية، في الحرب العراقية الإيرانية، ورفضنا المشاركة في قوات التحالف التي شنت حربا ظالمة عليها، في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي.
ومع تقديرنا لجميع أشقائنا في الدول العربية وما قدموه لنا من مساعدات، فإنني أتساءل مرة أخرى من ناحية عسكرية مجرّدة : هل سنطلق على ألويتنا العاملة أسماء الشخصيات التي تزور الأردن من تلك الدول الشقيقة، أسوة بما جرى لولي عهد أبو ظبي ؟ وهل سنطبّق هذا مع ولي عهد السعودية في زيارته المرتقبة للأردن خلال الأيام القليلة القادمة أو أي زيارة قادمة ؟ ألا يكفي منح الضيف أرفع وسام في المملكة، دون إطلاق أسمه على تشكيلة من تشكيلات قواتنا المسلحة، كما درجنا على ذلك في تقاليدنا السابقة ؟ إنها تساؤلات عسكرية بريئة أطرحها تحت شعار ” حقك تعرف ” الذي أطلقته حكومتنا الرشيدة مؤخرا، لعلني أعرف مضمونها ومحتواها . . !