رئيس (عتّال)! / صالح عربيات

رئيس (عتّال)!

أنا شخصياً في إحدى المناسبات قال لي مسؤول حكومي أمام جمع من الناس: كيفك أستاذ صالح ، بعدها وأنا لمدة شهرين على الأقل لا أستنظف السلام على أحد؛ لأن هذا المسؤول أطمأن علي ، وقمت بتغيير السيارة الى موديل أحدث لأنها لم تعد تليق بشخص يعرفه مسؤول حكومي ، وأصبحت أخجل أن أذهب لتسوق الخضار والفواكه واللحوم بنفسي؛ لأنها قد تنتقص من قدري، فمن المعيب أن يعرفني مسؤول حكومي وأحمل أمام الناس في الشارع كيس بطاطا ، وكل ما قاله المسؤول لي : كيفك ، بمعنى أنه لو (حضنني) أو طلب رقم هاتفي الشخصي، فربما لن أرضى إلا أن أكون أمينا عاما للأمم المتحدة!

بينما رئيس وزراء بريطانيا بعد أن استقال من منصبه مؤخرا ، انتشرت له صورة على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يلبس الجينز ويقوم بتحميل أثاث منزله بنفسه (عتّال) ، وأنا المواطن العربي المفعوص خجلت من حمل كيس البطاطا في الشارع !

تخيل رئيس وزراء دولة عظمى كانت لا تغيب عن أمبراطوريتها الشمس، لا يجد من يساعده ويتقرب إليه ويغادر حاملا أثاث المنزل بنفسه ، ونحن المسؤول العربي إن غادر ، إما أن يحمل معه الشعب الى المقبرة ، أو يحمل معه الخزنة الى الورثة!!

مقالات ذات صلة

هم يكبرون بازدهار وتقدم أوطانهم ، ونحن نكبر بأرصدتنا وسرقاتنا ، هم قدرهم من قدر رقي شعوبهم ورفاهيتهم ، ونحن قدرنا بفخامة السيارة ورائحة العطور!

استقال فعاد في اليوم التالي مواطنا بسيطا ، ونحن لم نحرر فلسطين ، ولم نغز الفضاء ، ولم نصنع حتى مبخرة ، ونصف موازنات الدول العربية برقبة صندوق النقد وتعتاش على المساعدات ، ومع ذلك لا يستنظف الزعيم العربي الخروج إلا بعد مليون قتيل واربعة ملايين لاجئ وأن يحملنا معه الى الهاوية !!

ما أجملها من صورة تبين عراقة الديمقراطيات وأن السلطة هي للخدمة وليست للفشخرة وشوفة الحال!!

أغلب المسؤولين العرب حين يطلب منهم تقديم الاستقالة يدخلون غرفة العناية الحثيثة ويصابون بالضغط والسكري، ويقولون إن مؤامرة كونية استهدفته ، وهذا يدخل الحياة من جديد وهو سعيد على ما قدم وما أنجز!!

هذا استقال وحمل عفشه وغادر ، ونحن لم نعد نجرؤ على أن نطلب من أي مسؤول عربي الاستقالة، فلم تعد المقابر والمخيمات قادرة على الاستيعاب!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى