ارحلوا..قد بلغ السيل الزبى / م. عبدالكريم أبو زنيمة

ارحلوا..قد بلغ السيل الزبى
ما يجري في أكثر من عاصمة عربية من احتجاجات ومظاهرات واعتصامات ما هو إلا انعكاس عن الاحتقان الشعبي الناتج عن نهج الفساد وعن تحكم عصابات ترقى في تنظيمها إلى مستوى تنظيم المافيات العالمية، تتحكم وتعبث بمصير وشؤون الأوطان وشعوبها، وما الحاكم في هذه الدولة أو تلك إلا دمية أو صنم جعل منه الإعلام التضليلي إلهاً على الشعوب، تجب عبادته طوعاً أو كرهاً من خلال الأجهزة الأمنية القمعية ،هذه العصابات وأصنامها جعلوا من الأوطان دولاً فاشلة ومنبوذة عالمياً وشعوبها مشردة أو مطاردة في جميع أصقاع المعمورة إما متسولين أو إرهابيين.
الحاكم وعصابته الذي حكم إحدى الدول العربية لأكثر من ثلاثة عقود، وتخلى عن نصفها، وجوّع شعبه وأفقره، ماذا يريد أن ينجز من خلال مطالبته بتعديل الدستور لتمديد فترة ولايته؟ هل يريد إضاعة النصف المتبقي من وطنه ! هذا البهلوان الراقص عليه تسليم نفسه أو أن يقوم شعبه بتسليمه لمحكمة الجنايات الدولية أو محاكمته شعبياً، وعلى الجانب الاخر لماذا تصر الدولة العميقة في دولةٍ أُخرى على العهدة الخامسة لحاكم عاجز حتى عن خدمة نفسه وقضاء حاجته؟ هل تخلو بلد المليون ونصف شهيد ممن يخلفه؟ أما المضحك المبكي هو أنَّ فرعون مصر قبل آلاف السنين أراد أن يعبث بالدستور ويعدله لمحاكمة سيدنا موسى عليه السلام بعد عودته إلى مصر بعد عشرة أعوام من قتله لرجل من رعايا فرعون، حيث نصَّ الدستور آنذاك على سقوط الجرم إذا مضى على ارتكابه عشرة أعوام، إلا أنَّ مجلس الفراعنة رفض بالإجماع وبشكلٍ قاطع العبث بالدستور وتغييره..لكننا نرى اليوم أنَّ الكثيرين من أعضاء مجلس الشعب المصري يتسابقون لتلبية رغبات وهوى الحاكم للعبث بالدستور والذي ينص بمواده الرئيسية على عدم جواز تعديل فترة ولاية رئيس الجمهورية لأكثر من دورتين مجموعها ثمانية سنوات، هل وطن القادة العظام ” سعد زغلول وعرابي وعبدالناصر وغيرهم ” أصبحت عاقراً لا تجنب غيره؟
هذه هي حال أغلبية المزارع العربية المحكومة بعصابات السلب والنهب المستظلة بأصنامها، تشبث بالحكم والسلطة، رهنٌ للأوطان، تجويعٌ للشعوب وتكميم للأفواه، تلك الأصنام تستمد بقائها من مدى تنفيذها والتزامها بمشروع إسرائيل الكبرى، فلذلك نراهم اليوم يحشدون كل المقدرات لمحاربة بعضهم وتدمير الجيوش العربية القادرة على مواجهة الدولة الصهيونية ونراهم يتكالبون على التطبيع وتشكيل الأحلاف العسكرية معها، إضافةً للتنسيق الأمني الذي يحرصون عليه ويخلصون إليه أكثر من إخلاصهم لأوطانهم، اليوم وبالرغم من الموارد الطبيعية الهائلة في دول وطننا العربي إلا أننا نجدها في المراتب الأخيرة بين الدول في كافة التصنيفات الاقتصادية والعلمية والسياسية والاجتماعية والصحية…الخ ، وذلك كله بسبب المتربعين على عروش السلطة وعصاباتهم الموالية للصهيونية ومشاريعها، فالحاكم طليق اليد ينظر لشعبه على أنَّهم لم ينضجوا بعد للمشاركة في الحكم، أجيال خلف أجيال، ولم ينضج هذا الشعب بعد، ما عدا اللصوص والخونة بالطبع، الكل يطالب بالتمديد..والكل يمدد له ويستفرد بالسلطة حتى الممات، ولو هلكت الشعوب وفنت الاوطان..ولذلك نقول لهم..ارحلوا فقد بلغ السيل الزبى..وأنتم أعجز من أن تصلحوا أنفسكم ! فكيف لكم أن تصلحوا الأوطان بعد أن عثتم بها وعصاباتكم فساداً وارتهاناً وفجوراً !!! أرحلوا.. لأننا نخجل من ذكر أسمائكم ونحن نرى رؤوساء الدول الذين صنعوا المعجزات لأوطانهم يتجولون ويعملون ويصطفون بالطوابير ويدفعون الضرائب كمواطنين عاديين بعد أن انتهت فترة ولايتهم، فهل ستنتهي فترة ولايتكم قاتمة السواد ِ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى