تعديلات ضريبية.. قريبا / سلامة الدرعاوي

تعديلات ضريبية.. قريبا
من المرجح أن تنهي الحكومة خلال الشهر المقبل ثلاث مسودات أولية لمشاريع قانون جديد للضريبة، كل واحد منها يتميز عن الآخر بشكليات بسيطة، لكنها بالأساس تهدف إلى تأطير عملية التحصيل والحد من التهرب، وتوسيع قاعدة المكلفين.
طبعا لن يحظى القانون الجديد للضريبة بموافقة الجميع، وهذا أمر متوقع، خاصة في ظل تشتت القطاع الخاص وتعدد آرائه ومصالحه ومواقفه، ما يجعل المقترحات الحكومية تسيطر على المشهد النهائي للقانون الذي سيتم اقراره.
بالأساس؛ إن أولى المقترحات الحكومية الضريبية تتركز على إلغاء الاعفاءات، وهو أمر بات يزعج الحكومة وصندوق النقد الدولي بسبب الحجم الكبير للاعفاءات الممنوحة وفق القوانين الاردنية، ما جعلهما متفقين تماما على إزالة هذا التشوه.
لكن على الحكومة أن تفرق بين الاعفاءات الضريبية الممنوحة للافراد، والاعفاءات الممنوحة للشركات، فالاولى هي جزء استكمالي لدعم دخل المواطن والحد من تدهور أمنه المعيشي الذي تتزايد عليه الاعباء المالية من عام لاخر بسبب سوء الادارات الحكومية للشأن الاقتصادي.
أما إعفاءات الشركات فهي تمنح لجذب الاستثمارات وتعزيز وجودها في المملكة، وهذا الأمر خاضع للتقييم من قبل الحكومة للتأكد، فيما إذا كانت تلك الاعفاءات قد حققت الغرض الاستثماري من وجودها ام لا، وبالتالي فإن بقاء الاعفاء مرهون بتطور النشاط الاقتصادي للمشروع وتوسعه، والتزامه بالاهداف الممنوحة له.
توسيع قاعدة المكلفين ضريبيا من الأفراد على اعتبار أن 93 بالمائة من الاردنيين لا يدفعون ضريبة هو كلمة حق يراد بها باطل، خاصة اذا ما علمنا ان 83 بالمائة من الاردنيين رواتبهم الشهرية تقل عن 300 دينار، وأن خط الفقر المطلق يبلغ اليوم في الاردن 860 دينار للاسرة في العام الواحد، وان جيوب الفقر ارتفعت من 21 جيبا الى 30 جيبا في مختلف انحاء المملكة، وان معدل البطالة في المملكة ارتفع الى 14 بالمائة، وهو من اعلى المعدلات التي تحققت خلال العقود الماضية، وبالتالي فان الحكومة مطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية لهؤلاء بدلا من فرض ضريبة عليهم بغض النظر عن حجمها ونسبتها، مقابل البحث عن القطاعات الكبرى التي لا تدفع ضريبة بحكم أنها مستثمرة وبحكم انها مصنفة فوق القانون، وهناك حالات كثيرة. تستطيع الحكومة أن تؤسس عمليات التحصيل الضريبي وتحد من التهرب الذي بات منتشرا إما عن قصد وإما بحكم القانون.
لا يتوقع أن تقوم الحكومة بأي تعديلات على النسب الضريبية التي تتقاضاها من الشركات الكبرى مثل الاتصالات والبنوك والتعدين، فهي بالأساس تدفع نسب عالية، لكن الامر في هذه الفترة لا يتعلق بالنسب بقدر ما هو يتعلق بواقع هذه القطاعات الاقتصادية الحيوية التي بدأت من عامين تقريبا بمواجهة تحديات كبرى تحد من أنشطتها وأرباحها، مثل تراجع الاسعار العالمية وتباطؤ حركة صادرتها وتدني اسعار النفط، وهبوط معدلات الطلب والاستهلاك، وكل هذه امور جعلت عوائد الحكومة من تلك القطاعات تواجه مأزقا على غير تقديرات الموازنة، وبالتالي أي تفكير بفرض ضريبة جديدة سيؤثر على عمل تلك القطاعات.
من المفترض على ضوء التباطؤ الراهن للاقتصاد الأردني أن تنظر التعديلات الضريبية إلى النمو كأساس للتعديل الضريبي المقترح، وخلق مناخ تحفيزي لكافة القطاعات يعتمد اساسا على تعزيز الثقة بالاسواق وتنمية الاستهلاك الداخلي وزيادة الطلب على السلع، مدعوما ببرنامج للنهوض بالصادرات، فالاساس هو الوصول الى النمو الحقيقي.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى