إنَّا تطيَّـرنا مِمَّا كتبـت يا ( أبو طيـر )

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّا تطيَّـرنا مِمَّا كتبـت يا ( أبو طيـر )
الأستـاذ عبد الكريـم فضلـو عقـاب العـزام

في خِضم هذه المعركة المرعبة مع أشـد الأوبئة فتكاً منذ أكثر من قرن (مع كورونا الملعون) وفي الوقت الذي ينتظر الشعب كل الشعب يومياً أخبار الثامنة مساءً ليعرف إلى أين وصلنا، متقدمين أو متراجعين أمام هذا الوباء الخبيث، وفي الوقت الذي نعيش فيه ويعيش معنا كل العالم مع هذا الرعب الذي لا يُطمئننا فيه سوى ما نراه من تقدم قيادتنا الصفوف يومياً يبث فينا العزيمة ويشعرنا بأهميتنا والحرص علينا كأردنيين أولاً ويجعلنا نمارس حقوق الإنسان ونعيشها واقعاً، لا كما يفعل اليوم دعاة حقوق الإنسان الذين نسوا شعارهم هذا واستبدلوه (بسلامة القطيع).
ومع القيادة الكثير من المتميزين من جنودها من وزراء وحكام إداريين وقوات مسلحة وأجهزة أمنية وكوادر طبية.
الجميع يسهرون ليحافظوا على حياتنا، يسهرون ليُوصلوا للمحتاجين مقوِّمات عيشهم في هذا الوقت الصعب.
ومعهم وبهم قَوِيَ الشعب، ووقف صفَّاً واحداً كالبنيان المرصوص، يأتمر بأوامرهم، ويُقدِّم ما يستطيع حفاظاً على الوطن أولاً، وعلى روابط الأخوَّة بين الشعب الذي يمثل الأسرة الواحدة، فبرزت ظواهر التكافل، وانتفضت الأرواح النقيَّة المعطاءة التي لا تُفوِّت فرصةً تتقرَّب فيها إلى الله إلا وتكون أوَّل المُبادرين.
في ظل هذه الأجواء التي يختلط فيها الخوف بالأمل وتتنافس الشجاعة مع الخوف والاستسلام، نقرأ اليوم ما كتبه الإعلامي المحترم السيد ( ماهرأبو طير ) تحت عنوان (هبوط اضطراري لن يستثني أحداً) يتحدَّث فيه عن توابع هذه المعركة وما ستتمخَّض عنه من آثار اقتصادية واجتماعية وغير ذلك.
إلى أن يصل في مقاله إلى جملة يصعب تصوُّر أبعادها وهي: (أنَّ الخزينة لا يتوفر فيها دينار واحد من رواتب شهر أيار).

الله أكبر، ما هذا القول؟
إنَّ الشعب كل الشعب يُدرك أنَّ كورونا سيترك الكثير من الآثار السلبية على عاداتنا، وعلى أنماط حياتنا وسوف نكون متقشِّفين غير مسرفين.

لكن يا أبا طير لا يمكن أن يصل الأردن إلى أن يكون عاجزاً مستسلماً بعد مرور شهر على وباء كورونا فلا يستطيع دفع الرواتب في شهر خمسة ٢٠٢٠.
يا أبا طير:
إن كان هناك من الشعب من يعيش حياته يوماً بيوم، فلا يمكن ولا يجب أن تتصوَّر أنَّ الدولة الأردنية تعيشُ حياتها أوَّلاً بأوَّل وشهراً بشهر.
كيف دخل عقلك هذا وسطَّره قلمك وأنت تعرف وتقرأ أنَّ الأردن بدأ دولته بميزانيةٍ كانت لا تتجاوز (٤٠٠٠) أربعة آلاف جنيه فلسطيني (العملة السائدة في ذلك الوقت)، واستطاع أن يُثبِّت جذوره في الأرض، حتى صارت الراسخة رسوخ الجبال، تطال الذي يصعب الوصول إليه، وسيقانه وأوراقه تطاول السماء وتلف كُل الشَّاكِين حرارة الشمس ومصائب الدهر تحت ظلالها سواء على مستوى الأمة أو العالم.
أعتقد أنَّ مقالك يا سيدي يا أبا طير ليس في مكانه، ولا هذا وقته، إنَّنا الآن لا نُفكِّـرُ بالجوع، وإنما نفكر أولاً وقبل كل شيء كيف نصون حياة إخواننا في الأردن لأنَّ كُلَّ روحٍ أردنية هي جزءٌ من الرُّوح الواحدة التي تجمع الشعب في الجسد الواحد.
لا أريد الاستطراد فالحديث ذو شجون و لكن لتعرف يا أخي يا ابا طير أنَّ للبيت ربٌّ يحميه، وللأردن ربٌّ يرعاهُ ويحفظه، وقيَّظ له قيادةً أصلُها يمتدُّ لِمَن دعا للبيتِ بالحماية فاستجاب الله لدعوته، ولمن دعا ربَّه يوم بدر بالحفاظ على هذه العُصبة من ( أهل بدر) فاستجاب الله له وأنَّ هذه القيادة تدعـو الله اليوم وتقـرن الدعاء بالعمل الجَّاد الصَّادق أن يحفظ هذا البلد ليظل منارةً لهذه الأمة، ومحطَّ الرَّجاء لها إذا عظُمت المصائب ونحن ندعو أن يحفظ الله قيادتنا التي كانت وستظل منبعاً للإنسانية وملجأ للأمن والأمان.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى