إقالة بولتون علامة فارقة في السياسة الأمريكية / أ. حاتم رشيد

إقالة بولتون علامة فارقة في السياسة الأمريكية

يتضح عمق الخلاف بين ترامب ومستشار الامن القومي السيد بولتون من تصريح ترامب الاستباقي.فقد سبق ترامب مستشاره في اعلان الاقالة قائلا ان خدمات بولتون لم يعد مرحبا بها في البيت الأبيض .لم يستطع ترامب ان يجاري الخيارات المتطرفة لبولتون المهووس بإسرائيل وبمعاداة شرسة لروسيا وايران وكوريا.وهو صاحب سيرة سياسية يمينية محافظة شرسة.ولعل اكثر ما يميزه ولعه المرضي بإسرائيل وكل ما يتصل بها.وعشقه الطفولي لشخص نتنياهو.
تقود اقالة ترامب الى مرونة متزايدة في العلاقات الإيرانية الأمريكية التي يرجح ان تنتهي بتقاسم وتشارك نفوذ خاصة في الخليج مع ضمان استمرار ان لا يخرج العداء الإيراني لاسرائيل عن الهجمات اللفظية وهو امر متواصل منذ اربعة عقود .وهو تهديد يمكن التعايش معه بدون اضرار جدية.وبالطبع يتطلع ترامب الى تحقيق مكاسب اقتصادية عبر اعادة تفعيل الشركات الأمريكية في السوق الإيرانية.ومن الملاحظ أن ترامب يتحدث بحرص واحترام لافت عن إيران الشعب والتاريخ والحضارة.وعلى العكس تماما من حديثه عن العرب الذي ينضح بالتحقير والسخرية والاستخفاف والابتزاز المالي.
التخلص من بولتون سيضعف مراهنات عربية على موقف امريكي صلب بمواجهة ايران ويبدو ان الإمارات راقبت إتجاه الرياح في واشنطن فعدلت سياستها في اليمن مستبقة نتائج توافق امريكي ايراني بات متوقعا بقوة.اما السعودية فمن الواضح انها لن تحظى بدعم مفترض من واشنطن في اشتباكها الاقليمي مع ايران في اليمن واقطار عربية اخرى.وهذا الامر سيجد تعبيره الاوضح في مسار الحرب في اليمن اذ لن تستطيع السعودية ان تؤمن الغطاء الأمريكي الذي ظل مضمونا لفترة طويلة.وستظهر امريكا مزيدا من التقرب من الحوثيين وقد سبق واعلنت امريكا عن فتحها بابا للحوار معهم. ومعنى ذلك مزيد من الضغط الأمريكي على السعودية وبما يعاظم المكاسب الايرانية .
وليس بعيدا عن الرذاذ السيد نتنياهو فقد تناقص انصاره في دائرة ترامب باستقالة غرينبلات واليوم باقالة بولتون .ولم يعد مسبعدا ان يضحي ترامب بصهره السيد كوشنر ليعزز حظوظه الانتخابية.وليعيد رسم صورته كزعيم قوي يستطيع التخلص متى شاء من الحمولات الزائدة.
الاطاحة بالمستشار بولتون تجعل من صفقة القرن مجرد فقاعة اعلامية لن يخوض لاجلها ترامب معركة لا تعود عليه بربح مفيد فما انجزه لاجل اسرائيل يكفي لضمان ولاء قاعدته الانتخابية المحافظة والرجعية دينيا.
اقالة بولتون واستقالة غرينبلات فتحت ثغرة في الجدار الذي بدا فولاذيا قبل قليل.ليس ثمة مقدس لدى ترامب الا ترامب نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى