إغراق الأردن بالديون لسلب إرادته وسيادته / منى الغبين

إغراق الأردن بالديون لسلب إرادته وسيادته

نشأ الأردن على أشلاء مشروع الدولة العربية التي كانت هدفا للثورة العربية التي قادها الشريف الحسين بن علي وأنجاله الكرام , والتي كان من المفترض أن توحّد الجزيرة والهلال الخصيب في دولة واحدة على الأقل , ثم انتهت بتمزيق تلك الأقطار إلى ما هي عليه الآن .
أراد مؤسسو الأردن من أهله أن يكون نقطة ارتكاز لمشروع تلك الدولة العربية تلك , وأرادته قوى الاستعمار أن يكون كيانا وظيفيا لاستيعاب مشردي الإقليم بدءا من عرب فلسطين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ , ومرورا بتهجير أهل الشام والعراق حتى أصبح الأردن وطنا لمن لا وطن له أو هكذا أرادوه .
بدأ الأردن في نشأته نواة دولة صلبه من بلاد ذات إمكانيات هائلة منظورة , وثروات باطنة مخزونة , وشعب طليعي وحدوي , وقيادة ثائرة عريقة , وتوافق وانسجام بين القمّة والقاعدة ليكون الأردن هو القاعدة لإقليمه , ونواة وحدته.
تأسس مملكة دستورية نيابية برلمانية منذ عشرينيات القرن العشرين , وأستمرّ صاعدا فتوّج ذلك بدستور المرحوم الملك طلال في خمسينيات القرن العشرين , وأستمرّ في نضاله حتى عرّب الجيش , فأصبح الجيش العربي أقوى جيش في الإقليم , وأكثر جيوشه انتماء ووعيا , وترافق ذلك مع بناء مؤسسات الدولة بناء محكما قائما على الانتماء لا الانتفاع , وما إن جاء عقد الستينيات حتى ظهر الأردن دولة طليعية في اقليمه تسير سيرا حثيثا للاستقلال التامّ , والالتحاق بالعالم المتقدّم , ومن هنا بدأت المؤامرة علنية بإفساد ثورته التي استهدفت الكيان الصهيوني ثم وجد نفسه في المحرقة في أحداث أيلول الأسود , وبعده بدأ مسلسل الانحدار .
بدأ الانحدار بشقّ الصفّ أولا , ثم تحويل المجتمع إلى مجتمع استهلاكي مع تدمير الزراعة بمختلف أساليب ووسائل التدمير , ثمّ فتح له باب الديون الخارجية , وتمّ غض النظر عن الفساد والتلاعب بالمال العامّ , مع الختم على ثروات باطن الارض وانكار وجودها حتى ظهر الغرق في المديونية في أواخر الثمانينات , وأستمرّ مسلسل الإغراق في الديون والفساد حتى انتهى بمديونية فلكية توجّت بفرض قانون الاستثمار الذي هو في واقعه تشريع لبيع الأردن بالقطعة إلى الشركات العابرة للقارات .
إذن سيصبح الحديث عن الاستقلال والاصلاح وحرية الارادة السياسية مجرد نوع من النكت السخيفة ما دام القرار السيادي والسياسي مرتهن لتك الجهات الدائنة والتي على رأسها صندوق النقد الدولي .
والسؤال : هل من سبيل للخروج من هذه الحالة ؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى