“إسماعيل” و”نوال”: #حب و #وفاء فوق العادة!قصة محكية
من قلم د. #ماجد_توهان_الزبيدي
هي من اليمن العربي الشامخ بتراثه وعراقته وإيمانه وبساطته وعروبته ،وهو من #السودان الطيب النقي المنبسط على ربوع النيل !
كان ” إسماعيل” السوداني شابا عربيا طيبا بشوشا صادقا أثناء عمله في #اليمن ،الذي تعارف فيه على فتاة هي الأخرى من اصل طيب مؤمنة صادقة ،توجت بزواج شرعي على سنة الله ورسوله ،إلى أن تقرر ان ينتقل الزوجان بعد عدة سنوات من الاقامة في ديار “صنعاء “و”الحديدة” إلى وطن الزوج.
في وطنه ،وفي “أم درمان “تحديدا وجد إسماعيل عملا لائقا ،به ،في شركة رديفة في تخصصها بتخصص شركته السابقة في اليمن في الصناعات الكيمائية للأغراض المدنية ،غلى أن بات مساعدا للمدير العام ،للشؤون الإدارية والمالية ،ومسؤولا عن 45 موظفا ،بفضل مثابرته وإخلاصه وإبتكاراته وحسن تعامله مع زملائه بعد ان بات الرجل مفتاحا للأمان الوظيفي لدى موظفي الشركة في ضوء محاولاته المتكررة لإقناع المدير العام بتبني مبدا الوظيفة الدائمة للموظفين بما يعزز إنتاج الشركة ويساهم في التفوق على مثيلاتها من شركات مماثلة سودانية وعربية عاملة على ارض السودان ،بهدف الوصول إلى أفضلية التصدير داخليا وخارجيا مما سيساهم في زيادة ارباح الشركة وبالتالي تواتر الزيادات السنوية في رواتب الموظفين في ضوء الغلاء المستشري في معظم جوانب الحياة المعيشية للسودانيين وتآكل القيمة الشرائية للجنيه السوداني قبيل الإطاحة بالرئيس جعفر النميري بنصف سنة ،والذي كان يتلاعب بالسودان وبشعبه كأنهما مزرعة خالصة له وللمحسوبين عليه.
إلا أن بعض الطبائع الإنسانية الشريرة تأبي المكوث صامتة في أوساط منافسين للشركة بالتعاون مع بعض العاملين بمعية إسماعيل الذي إعتبره عدد من أصحاب بعض الشركات المناوئة والمنافسة ،العمود الفقري لتفوق شركته في ميدان التصدير، وهو نهج تسير عليه قوى شد عكسي عديدة تملك إمكانات هائلة من الأموال والمحسوبيات ومراكز القوى في السلطات التنفيذية واالتشريعية والقضائية في السودان وغير السودان ،هدفها إرجاع كل مؤسسات العرب والمسلمين الفاعلة للوراء ،كلما إستطاعت تلك القوى إلى ذلك سبيلا،وهو ماحصل بالفعل لما حبك خفافيش العتمة بمعية شياطين وأبالسة مؤامرة شديدة التعقيد للشاب إسماعيل عندما دسوا له في جوارير مكتبة مواد كيمائية ثم اشاعوا لدى سلطات تنفيذية وقضائية ان الرجل قاب قوسين او ادنى من تطوير برامج كيمائية يمكن ان تستخدم في حروب بعيدا عن مجالاتها الإنسانية،تصادفت تلك الإدعاءات مع بدء التأثير الأميركي والأوروبي الغربي في التغلغل سياسيا وإقتصاديا في ربوع السودان ،بعد تسريب قوى الشد تلك ،معلومات متصلة بهذا الشأن لأوساط بعض السفارات الغربية في العاصمة الخرطوم!
ولكي تضمن إحدى الحكومات بقاء علاقاتها مع الغرب قوية ،اوعزت بعض أوساطها للجهاز القضائي بتشديد العقوبة على إسماعيل الذي لا علم له البتة بكل تفاصيل تلك المؤامرة الكاذبة ضده والتي لا أصل لها إطلاقا لا من قريب أو بعيد ولم يكن هو ولا المدير العام بوارد التفكير بها على الإطلاق ،فحوكم الرجل من خلال محاكمة سريعة لم تأخذ بدفوعات هيئة الدفاع التي أوكلت لها الشركة بينات الدفاع عن الرجل المتهم ،وتم الحكم عليه بربع قرن من السجن،وإيداعه في السجن المركزي بالعاصمة،بعيدا عن مقر الشركة وذويه في “ام درمان”!
وفي أول زيارة للسيدة نوال لزوجها بعد ربع عام من محاولاتها القيام بها دون نجاح ،في محل إقامته الجديد ،اقسمت المرأة ألا تعود إلا برفقة حبيبها وراعي بيتها إسماعيل!
كان لقاءا مؤثرا بين الزوجين ،سكبا خلاله سيلا من الدموع ،وبقيت يمناهما على تماس طيلة اللقاء الأول، إلى أن إنتهى موعد الزيارات وخرج كل الزوار ، من ذكور وأناث سوى من نوال اليمانية التي رفضت اوامر الشرطة بإخلاء المكان ومغادرة القاعة ، ثم السجن كله !
وكانت نوال ترد على كل شرطي يطالبها بالمغادرة بقولها :”انت لا تعلم كيف ضحيت أنا بأهلي وبعشيرتي وبوطني اليمن الشامخ الجميل من اجل عيون زوجي القابع عندكم، بسبب مؤامرة دنيئة خاطتها خفافيش الظلام من عملاء سفارات الغرب ، والمأجورون للدولار والفرنك والمارك والجنيه الإسترليني! انت لا تقف على حجم معاناتي طيلة ربع سنة كاملة وانا ادور من مؤسسة حكومية لأختها ومن باب مسؤول لباب مسؤول آخر إلى ان حصلت على تصريح بزيارة زوجي قبل يومين بعد رشوة مالية كبيرة ،يعلم الله وحده كيف جمعتها من أهلي الذين يرزخون تحت وطأة الغلاء الفاحش المستشري في أسعار المواد الغذائية بعد هبطت قيمة جنيهنا السوداني للحضيض بفعل التخبط السياسي والإقتصادي والتبعية وتدهور القطاعات الإقتصادية المحلية!فيرد عليها أفراد الشرطة:نحن لا نفهم ابعاد حديثك ودفاعك،ثم هو لا يهمنا بقدر مايهمنا تنفيذ أوامر السجن وتعليماته التي نفذها كل الزائرين اليوم بإستثناء حضرتك!
ذهبت طلبات عناصر الشرطة لنوال ادراج الرياح!الأمر الذي ادى لتدخل مساعد مدير السجن الذي قال لها بتهذيب:
عليك ياست نوال أن تغادري اليوم لأم درمان ،ولم يبق سوى أقل من ساعة لبقاء المواصلات العامة من العاصمة ،واهلا وسهلا بكي في أي زيارة قادمة شريطة التقيد بنظام الزيارات واوقاتها في السجن المركزي للبلاد!
ردت نوال:لن ابرح مكاني سيدي ولو اصدرتم قرارا بإضافتي للموجودين فيه لسبب بسيط أنك ياحضرة المساعد لا تعلم العذاب الذي عشته كي احظى بزيارة راعي بيتي إسماعيل!
ولما تأكدت نوال أن المساعد أعطى أمرا على جهاز اللاسلكي لقوة من الشرطة للتحرك على عجل للجناح رقم واحد الذي يقبع فيه زوج نوال ، طلب إسماعيل من نوال أن تغادر على الفور دون أن يعلم الرجل قرار زوجته المفاجىء!
لا عليك حضرة الزول!أعد تعليماتك بعودة الشرطة النسائية لثكناتها!أنا سأعيش على زاوية السجن من الخارج للابد ولن أبرح المكان ابدا لربع قرن كامل من الآن!
مشت نوال واثقة الخطى كشابة عربية حرة ابية لا يهمها تحرش القال والقيل بها من رجال ونساء لا يعلمون شيئا عن وهج النار الذي يحرق قلبها نهارا وليلا طالما حبها إسماعيل داخل جدران موصدة بعيدا عنها وبعيدة عنه! لا يهمها من بعيد او قريب وشوشات الناس ووسخ السنتهم طالما هي واثقة من نفسها محتشمة لا تختلط بأي كان وليست في حاجة لاي من بني البشر، وتناضل من أجل هدف عزيز شريف شرعي عماده بقاء علاقتها الزوجية متحدة ومتواصلة ومتجددة ومشتعلة حبا وعشقا وقربا مع من إختاره قلبها بإرادتها الحرة دون جبر أو إكراه من بين رجال الكرة الأرضية قاطبة ،في ضوء بضع سنوات من حياة زوجية ملتحمة بنيت على صدق محبة وإحترام وإنسجام روحين ذابا في روح واحدة لم تلد بينهما ولو لمرة واحدة مشكلة شكلية عابرة ابدا ،على الرغم من ظروف عديدة قاسية مر بها الزوجان سواء في صنعاء او الحديدة او أم درمان بفعل تدخلات الاخرين من أقرباء واصدقاء في معظمهم فطروا على حب الدسائس وحبك الشرور بين كل زوجين متحابين او بفعل قسوة متطلبات المعيشة وتكاليف التنقل من وطن بائس إقتصاديا لوطن شقيق آخر لا يقل عنه بؤسا في السياسة وافقتصاد بفضل تدخلات أشقاء واعداء على حد سواء ،اقل مايهدفون له شق وحدة البلدين ووحدة شعبيهما ورميهما في اتون حروب اهلية ومجاعات مليونية جماعية !(يتبع)
……………………………………………………………………………
من كتاب للكاتب في الأدب الساخر سينشر في شهر تشرين الثاني /نوفمبر القادم بعون الله تحت عنوان:”مغامرات ولد القبيلة خميس في هولندا”