إسرائيل تنتظر جائحة تَلحق بالصهيونية.. فهل تدخل بمشروعها مرحلة المقامرة؟


إسرائيل تنتظر جائحة تَلحق بالصهيونية.. فهل تدخل بمشروعها مرحلة المقامرة؟
فؤاد البطاينة

لا يصح المرور على حقيقة أن العالم مشغول بجائحته المدمرة، والمحتلون الصهاينة مشغولون بافتراس ما تبقى من فلسطين وفي تعزيز الحصار والضغوطات على غزة، وفي استدامة الوضع العربي. العقل الصهيوني في هذه الجائحة له مخاوفه على مكتسباته ومصيره وقد يخطئ السلوك. وعلى سبيل المثال هناك لجان أمريكية اسرائيلية تُعقد لتدارس اجراءات ضم اراضي الضفة وغور الأردن وليكون شرقه أيضا تحت الاشراف المباشر. هذا المسعى الصهيوني في هذا الظرف الذي يؤسِّس لفوضى عالمية خلّاقة، له معاني تحت عنوان كبير هو أن مشروعه في بلادنا دخل مرحلة المقامرة، وأنهم بصدد إجراءات أخرى في سياق الإستعداد لجائحة قد تلحق بالصهيونية ونهجها العالمي.
لقد كان اختلال ميزان المواجهة الرسمي والشعبي العربيين في النصف الأول من القرن العشرين مرتبطاً بدعم التحالف الدولي المنتصر في الحرب الكونية مع الصهيونية لحد حاسم أنشأ اسرائيل وجزّأ الوطن العربي واشترى عائلات، ومع أن هذا الميزان انخسف وزاد اختلالاً وسوءاً وعمقاً فيما بعد ولليوم، إلا أن التطورات والمستجدات السياسية والعالمية المتوقعة بعد جائحة كورونا قد تنسف طبيعة التحالف أو تخلخله على خلفية اقتصادية مالية، وتنسف أيضا التزامهم الجماعي بالكيان الصهيوني، وتنحو بهم لنظام نقدي واقتصادي وسياسي جديد أكثر عدلاً وأشرف تعاوناً. ومن ناحية أخرى أهم، فإن التطورات بعد كورونا مهما كان اتجاهها فسيكون وضع الإحتلال أسوأ وتكون هناك فرصة للشعوب العربية للنجاح في إقناع أو إجبار أنظمتها على التغيير. وسيكون الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في وضع أفضل يمكنه من فك قيود السلطة وجيش الاحتلال والأنظمة العربية، وتغيير المفاهيم اليائسة والمحبطة، والتقدم نحو بناء البيت افلسطيني الموحد على المقاومة والتحرير.
المنطق السياسي والتاريخي يقول بأن نظاما عالميا جديداً لا يقوم إلا إثر حرب عالمية أو شبه عالمية. لكن المعادلة النووية القائمة التي فيها تستطيع الدولة المدمَّرة أن تدمر غيرها من خارج حدودها قد تفرض النظام العالمي الجديد بدون هذه الحرب. ولا حاجة للتفكير بمفهوم علي وعلى أعدائي. إلا أن الصهيونية وكيانها قد لا ترعوي ويكون لها موقف أخر ولن تسمح الحكمة العالمية بابتزازها.
بينما النهج السياسي العربي اللّا إستشرافي ما زال قائما على الاستسلام لقرار وفعل العدو وما زالت أشرف نظمتة نراها عند كل طعنة صهيونية في خاصرة فلسطين تصيح صيحة النساء في المخادع وما دونها شريك. نظرتها وسلوكها إزاء تداعيات الجائحة العالمية لم تتجاوز أنوفها، ولا تراها سوى أزمة صحية عالمية تمر وتعود المياه لمجاريها. وليس منها من فكر بتشكيل خلية سياسية استشرافية تتعامل مع المتغيرات الاقليمية والعالمية التي ستترتب على تحول الجائحة الصحية إلى جائحة اقتصادية وسياسية عالمية، ولا منهم أو من جامعتهم من فَكَّر بدور عربي لموقف عربي أمام المستجدات القادمة، ولا من تطلع للمرحلة كفرصة تُمكن من التغيير هذه المرة على أسس وطنية وقومية. ولا من تطلع إلى مصير فلسطين وقضيتها التي قايضوها بكراسي وبمقدرات الأمة بذرائع استسلامية.
ولكن أليس هناك أنظمة عربية يتأمل بها الكثيرون منا لا سيما في الجناح الأفريقي من الوطن، أقول أليس فيها نظام واحد ينادى ويؤذن بهم لاجتماع، أو يقدم ورقة استشرافية للجامعة العربية ويطلب منها الدعوة لنقاشها وينعقد بمن يحضر؟. وعلى الجانب الأخر (الشعبي ) لأحرار العرب والمسلمين ومفكريهم وسياسييهم، أليس فيهم ومن مؤسساتهم من يتنادى أو ينادي لمؤتمر قومي تناقش فيه أوراق وتتخذ قرارات وتوصيات تحاكي طموحات الشعوب العربية والإسلامية وتخاطبهم وتخاطب حكوماتهم بها ؟. أقطارنا تزخر بالمؤسسات الوطنية والفكرية وشخصياتها وبما يكفي للقيام بالمسئولية
وبقدر ما يتعلق الأمر بهذا الصدد في الأردن وغزة…… وفي الكيان المحتل،. فإن الأردن كجغرافيا كان وما زال هو الأهم على الإطلاق للصهيونية ومشروعها بكل مراحله. فهذه الجغرافيا إما أن تشكل الحياة وإما المقتل لاسرائيل ولمشروعها ولا حل وسط. ولذلك شاهدنا بأن اهتمام وحرص الصهيونية بشرق الأردن كان مبكرا سبق تكثيف الهجمة على فلسطين بإنشاء الإمارة، ثم واكبها. وشاهدنا الاستحواذ عليها كوديعة وكيف ضُمَّ الجزء المتبقي من من فلسطين بعد التقسيم وجُعِل مع شرق الأردن كوحدة واحدة وبيد واحدة. فمنفذو وعد بلفور جعلوا مستقبل الأردن السياسي هلامياً على طاولتهم ليأخذ الشكل القادر على التعامل مع المتغيرات الدولية والمحلية الميدانية مستقبلاً ولم تُترك هذه الدولة لحظة لنفسها وتعمل لنفسها، بل هي للإستخدام الموجه بالسخرة كوسيلة الصيد التي يكون إطعامها من غير الصيد. وعلى القيادة الأردنية أن تكون في طليعة الدول العربية لالتقاط اللحظة والإهتمام بالجانب السياسي لتداعيات الأزمة.
وفي غزة أقول، لا رهان للعرب اليوم ومنذ سنين إلا على غزة ومقاومتها رغم واقعها الذي يعرفه الجميع. وهذه مفارقه في حياة الشعوب والتاريخ ومن أيات الله لمن يعتبر. صمودهها معجز بكل المقاييس وقد يكون مستقبلاً درسا للبشرية وأممها في قدرة إرادة الإنسان على البقاء والتطور وقدرة الشعوب على إلغاء مفهوم “المستحيل” عندما عندما يتمسك إنسانها بالكرامة الانسانية والوطنية والحقوق وبأمانة المسئولية في مواجهة قوى الشر وجوائح الطبيعة معها، وعندما يتخلى عنها القادرون ممن نحسبهم الأفضل. ولا اريد الإطالة بذكر ما يفعله شعب غزة لصنع وتأمين لوازم الحماية من كورونا العالمية. ولكن أقول، لماذا تخبئ رؤوسها تلك الأنظمة الوطنية من عربية وإسلامية والباكية على حصار غزة وهي ترى القطاع وحده في العالم محاصراً ووحده خارج الفزعات والمتاجرة بها ولكن….
يتساءل العربي وكل مسلم عن أي نوع هذا من الحقد والخيانة والكفر مع استمراء الذل عند حفنة من محميات الزيت في الجزيرة عندما يُغدقون من موارد وطننا وأمتنا على الكيان الصهيوني المحتل والمحاصِر لأكثر من مليوني فلسطيني عربي ومسلم، ويوفرون له ما لم يتمكن من تأمينه ويهمسون له بعدم الرضوخ لغزة واحتياجاتها الحيوية ؟، أسأل شعوبها الأصيلة في عروبتها وإسلاميتها، هل لأنظمتكم وحكامها حقد وثأر عند فلسطين والفلسطينيين وهل يمثلونكم في هذا. أم هو نفسه الحقد اليهودي القديم والصهيوني النازي الجديد. أم أنه كابوس غزة الصمود ويرونها اليوم خط الدفاع المتبقي عن شرف العرب المسفوح مع الزيت، وعن شرف الأمة المباع في مزادات الأسواق هم فيها خراف طاولات الأمم ومطايا الشيطان والرذيلة. أهي حكمة الله أن يكون منّا الأعز وفينا الأذل ( إن كانوا منا ).، غزة تاريخ انتصارات لا تعرف الاستسلام، فصمودها بهذا الحصار نوعياً وزمنياً لم يُحَدث التاريخ عن مثله. غزة ستنتصر وستُرغم هؤلاء الأشباه على ما أرغمها عليه ترمب بعد أن تكسر شوكة أسيادهم اليهود الصهاينة.
وإلى الكيان الخزري الآري المتهود بالصهيونية، وأصحاب الكذبة التاريخية بانتمائهم لغير أصولهم وغير وطنهم أقول، ستخرجون من فلسطين التي لم يطأ ترابها ولم يتنفس من هوائها يوما أجدادكم ولا أسلاف أسلافكم. هل سألتم أنفسكم لماذا لم تكونوا أمنين مستقرين لحظة واحد ؟…، ستخرجون وأنتم تعيشون نفس الرعب. فكلكم غزاة ومستوطنون أغراب عن الأرض والمنطقة. خروجكم منها محتوم، إفعلوها قبل أن تفقدوا دعم من يدعمكم ولا تجدوا أسباب رحيلكم الأمن. الشعب الفلسطيني وغزة منه جائحتكم وشوكة الحق في حلوقكم لا تخرج ما لم تخرجون، وإن تماديتم واستبقيتم الحصار في هذا الظرف الوبائي وازمهرَّت عين حماس والجهاد فستُمطر عليكم بما يعميكم عما أنتم فيه ولن تجدوا سبيلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى