ابتهاجا بالإنجازات / د . حسام العودات

ابتهاجا بالإنجازات

في بلادي رغيف خبز يحلفون عليه زورا , ويكتوي كل فصل بلوعة الأسعار .
جامعاتنا قد أعادت إلينا سيوف الفتوحات , ودفّا يراقصنا ومزمار .
الفيزون لبناتنا ستر من كل خطيئة وعار , وقد أبدلنا تيماء بلميس , ونعى الجينز كل حجاب وخمار .
الجلّ على رؤؤس فتياننا قد أرهب الأعاجم والكفّار , والمتسامح فينا من شحذ موس كبّاسه على باطل وثار .
حلفنا بالله يا وطني الاّ نضحك لدرهم ولا دينار , فالإبتسامة خطيئة , والنكد خير من الفرح بقنطار .
أعشق وطني , والديك فيه ما عاد يصحوا في الأسحار . بحرنا ميّت , وليس فيه لؤلؤ ولا محار , ملحه شاحب , يكوي سهوب السابحين بحرقة الأظفار .
أعشقه فهو يتيم , أبكي جفافه في الليل حينا وفي النهار . عطش في الصيف وآخر في الشتاء , وكانون قد وأد الغيمات , فاحتجبت الأمطار .
أهوى تخلّفنا , فلقد وضعنا صحنا طائرا من جميد في المدار , وشوارعنا في الشتاء مسابح يلهو فيها الصغار .
أين كرم حاتم وأين من مجلسه الأشعار ؟ فأبناؤك ما عادوا يجودون بفقّوسة ولا خيار , وهم يرتشون , ولا يصلون رحما ولا جار .
صوت أثيرك يا وطني عورة , وأهازيج من قرود , قد قادتهم محسوبيات لقراءة خطب الأوقاف ونشرات الأخبار .
أبناؤك يا وطني كنت أعرف سادتهم , وأعرف قليلا من الأشرار , قاماتهم ضرغد , وعند مضاربهم يكثر السمّار . كانوا ينحرون للضيف أعلى إبلهم كلما حلّ ضيم بالجوار . وفي زماننا , احتسبوا كل حبة فلافل بطبق من الكافيار , ويبكون للعالم هوانهم , وشحّ الخبز والثمار .
أموالك يا وطني للسارقين سبيل , وما ترك العابثون فيك خزنة ولا جرّار . نوّابنا وثقنا بهم وما أخفينا عنهم معلومة ولا أسرار , فلا تشريعا حصدنا بل صار التقاعد حجّا لهم ومزار , وإذا ما رأيت صنيع بعضهم , حسبتهم سماسرة وتجار . ووعودهم قد أرسيناها في العجين بمسمار .
صامد أنا ها هنا , لا ابتغي بالغربة مالا , ولا هدايا أحملها في حقيبة الأسفار , لن انتظر الصيف حتى يأذن القمر لي بعودة للديار . لن أكون عبد محفظة , ولا أرضى بسيّد كالدولار . وطني كسيح , لكنّي أعشق في هوائه دخان الحطب والغبار . لا أبتغي فيه قصرا , بل يكفيني ظل زيتونة ودنان من الفخّار.
أمرت قافلة الرجاء أن تمرّ بوطني , عسى أن تورق من بين الأشواك في حياتنا الأزهار , فاجعل لنا يا اردن سماءك نافذة للغد ومسبار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى