أنّي أتحرّي عينيك..

أنّي أتحرّي عينيك..

#احمد_حسن_الزعبي

ها هو #رمضان على الأبواب ، قادم يتوكأ على حزني ،على شوقي ،على درجات #الغياب..مشغولون بقدومه يا أمي ، يتحرّون ولادة #الهلال وأنا أتحرى عينيك في #هودج_السحاب…

برغم مرور تسعة أعوام على الرحيل…ما زالت أذكر كل التفاصيل ، أذكر أدعيتك عند دخول الشهر الفضيل…أذكر أن رمضان بحضورك كان له رائحة ومذاق، عندما كنت الحياة حياة وكنت يانعة كشجرة الدرّاق ، كانت أقدامك سيدة الدروب ، كنت أسمع مشيتك بعد العصر وقبيل الغروب ، تمضين من غرفتك الى المطبخ بكل هدوء ، تسندين “الباكور” على الحائط ،تنظمين “غلي القهوة” كما ينظم الشعراء القصائد ، توشوشين البُنَّ فيبتسم الهيل ، تعرفين مقادير الأشياء من غير كيل، تخجل من وقارك شمس الصيام وتفرد لك سجادة التهجّد عتمة الليل..وعندما تطوف العصافير مودّعة ذاك النهار..كنت تخرجين من مطبخك ،تجلسين على درجة الدار..بأصابعي أمسح عن جبينك عرق العمر وأقبّل فيه رائحة البهار..

**

قبل يومين ضاقت بي الدنيا يا أمي ، كنت أشتهي أن أبكي طويلا طويلا على ركبتيك ، أن أقول لك هذا الجسد المتعب جداً مشتاق إليك ، مشتاق أن أحرك الخواتم في الأصابع أن أقبل بفمي وعيني يديك ، أن ألوذ “كـ فتية الكهف” مائة سنة في عتمة عينيك ، كنت أرغب أن أسمع دعاء “الحفظ” من شفتيك ، لكنه قد صدّني عنك سجّان #الغياب.. رجوت روحك و رجوت أمهات الأردنيين فكان الدعاء المستجاب..فأدركت أن الأمومة ليست حمل وولادة ، الأمومة رائحة البرّ تتسلل الى القلب من غير حجاب.. قبل يومين ضاقت بي الدنيا يا أمي ، كنت أناشد روحك و أقول أمي هي أمي..لأكتشف أن كل أمهات الكون هن أمي ، لا أخجل أن أطلب منهن أن يخطن زر قميصي أو يمشّطن شعري أو يصلين ركعتين لأجلي..وعندما يحاصرني الهمّ يحملن على أكتافهن همّي..

صدقيني #رمضان #العمر هو الصيام عن لقياك..والعيد فقط يوم القدوم إليك..يا تقويمي القمري ما زلت أجول في بصري سماء الحلم كل ليلة ..

أتحرّى عينيك…

أحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com