خلّي بالك من نعم

خلّي بالك من نعم / يوسف غيشان

ما تزال تطن في أذني كلمة رائعة لنيلسون مانديلا المناضل الأفريقي العريق، وقد أطلقها بعد تخليه عن الحكم، ووجهها إلى خلفه وقادة حزبه، إذ قال:
_ إياك أن تحيط نفسك بأشخاص لا يعرفون سوى أن يقولوا نعم.

يا الله ما أجملها وما أصدقها وما أروعها من نصيحة، يستحق أن يحصل مقابلها على جميع بعارين الأرض، حسب المثل العربي الذي كان يقول: (النصيحة بجمل).
أيتها ال(نعم) يا قاتلة الحكّام ومبيدة الحضارات والإمبراطوريات، يا مدمرة التقدم والتطور يا حبيبة الجمود والتخلف وعشيقة العدم والانهيار. كان الجميع يقول لهتلر نعم فسقط وأسقط ملايين القتلى، وكان الجميع يقول لستالين نعم (عدا القتلى والمسجونين والمنفيين) فتغلغلت ثقافة النعم في الدولة السوفيتية الفتيّة حتى سقطت مثل ثريا هائلة، أصاب صدأ (النعم) الجنزير الذي كان يربطها بسقف الحياة.
سبارتاكوس قال لا للعبودية، دفع حياته ثمنا، لكنه دقّ المسمار الأول في نعش العبودية.
المسيح قال (لا) فأرسى قواعد دين نظيف من أوضار الحاخامات وعقد التفوّق العرقي.
محمد قال (لا) فحطم أصنام الكعبة، وبنى إمبراطورية، وصنع حضارة من قبائل بدوية.
كل أولئك الذين ثاروا في وجه المسلّمات قالوا (لا)، وكل أولئك الذين حاولوا مساندة البالي والقديم والجاحد قالوا نعم.
أما (النعميون) مجرد طابور خامس يحاول قتل روح الوطن وخيانته من الداخل , إنهم مثل جرذان السفينة التي تظلّ تنخر في قاعها حتى تغرق , وتكون أول من يحاول مغادرتها لكنها غالبا تغرق معها , ان لم تجد سفينة أخرى وقائدا آخر تقول له (نعم).

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى