عمان – جمال عياد – كرم وزير الثقافة صلاح جرار أول من أمس في المركز الثقافي الملكي، رؤساء الوفود العربية ومخرجي الفعاليات المحلية المشاركة في أعمال الدورة الثامنة عشرة لمهرجان المسرح الأردني.
الدورة التي نظمتها مديرية المسرح والفنون، بالتعاون مع نقابة الفنانينن، أقيمت بمشاركة ثلاث عشرة مسرحية، عربية وأجنبية، واشتملت على ندوات فكرية، وتعقيبية.
استهل حفل الاختتام بعرض مجمل النشاطات، التي تضمنتها فعاليات المهرجان، وفق فيلم، أعقبه كلمة لنقيب الفنانين حسين الخطيب، الذي أشاد بحضور الجمهور، وحالة الأمان التي احتضنت المهرجان، ومن جهته أشاد الكويتي فيصل القحطاني، الذي ألقى كلمة نيابة عن الوفود العربية، بالعقلانية التي تتمتع بها القيادة السياسية في الأردن، بالتعامل مع مجريات السياسة العربية والعالمية، وذكر مدير المهرجان عبد الكريم الجراح، بأهمية تعاون جميع اللجان في انجاح أعمال المهرجان، المهرجان.
الجديد في الدورة هو منح المكرم خمسة آلاف دينار، للفنان محمد العبادي (أبو شريف) لهذا العام.
وقدمت على هامش المهرجان، التي قدمت فقراته عبير عيسى، ندوة بعنوان مسرح المستقبل تغيرات وتصورات، وجاءت في ثلاثة محاور: الإعلام والتلقي، ومحور النص، والعرض، ومسرحيات من مصر مسرحية «كافتيريا»، والكويت «مونولوج غربة»، والمغرب «تغريبة ليون الافريقي»، والجزائر «مستنفع الذئاب»، وتونس «هدنه»، وعُمان «ذات صباح معتم»، والإمارات «الرهان» و «رسم حديث»، وقطر «نيجاتف»، والعراق «شارع الواقعه»، والسعوديه «البندقية»، وفلسطين «الضوء الاسود»، وبولندا «مقطع عاطفي» وايطاليا «كلان ماكبث» ومن الاردن «نهاية العالم « و «سيره ذاتيه»، و»بس بقرش».
وكانت قدمت أول من أمس المسرحية العمانية «ذات صباح معتم»، من تأليف عبد الرزاق الربيعي، ودراما تورج عزة القصابي، على مسرح محمود أبو غريب في المركز الثقافي الملكي، حيث بدأ الفعل في أجواء قاتمة ومظلمة، ذات صباح، وفي زمان ومكان غير محددين، على صرخات مستغيثين، إثر تدمر مدينتهم، لا بل أن الأنكى هو غياب الشمس عن إيصال اشعتها إليها.
في المسرحية التي أخرجها مرشد راقي، يبدأ الجميع في محاولة إيجاد الحلول الممكنة لعودة أشعة الشمس، حتى تعود البهجة والحياة لهذه المدينة، التي غاب عنها إيقاع الحياة الطبيعي، فتبدأ سلطة الحاكم، بالقيام بإجراء حذر منع تجوال، وتطبيق قوانين صارمة على الفقراء، دونما الأثرياء، وبعد أن يدعو أحد الكهان، في تطور الأحداث، سكان المدينة، للإعتراف بذنوبهم، حتى يتم استرجاع الشمس، تبدأ تتكشف نوازع الشخوص وطبيعة كل منهم، إلا أن الملاحظ في تداعيات هذه الحكاية هو أنه ورغم تدهور سوء أحوال المواطنين في هذه البلدة، إلا أن حال السلطة في المدينة، متمثلة في الحاكم ورجل الأمن، تبقى في أحسن حال، إلى أن تنشب انتفاضة سلمية، تطيح بهذا الحاكم ورجل الأمن، في محاكاة رمزيةل»ثورات الربيع العربي».
إلى ذلك قدمت المسرحية الأردنية «نهاية العالم ليس إلا»، والذي ترجمته ماري إلياس عن عمل لجان لوك لاغاراس، (1957 – 1995)، بزخم لم يفقد تعبيريته ومناخاته. فنجح في طرح الفضاءات بعيدةً عن أجواء الحزن، ووفق مأساوية مفعمة بالسخرية اللاذعة، وربما هذه هي صفة الشخصية المأساوية، في الزمن الراهن، ولكن أيضا نجح الخطيب وإلى حد ليس بالقليل في مظهرة تلك الفضاءات شيفرات ورموز ودلالات، أفضت إلى مناخات عبثية، وبخاصة في تكريس عزلة الفرد، غير القادر على خلق علاقات تواصلية سواء اجتماعية أو نفسية، الآخذة بالتمظهر في تداعيات العولمة الحالية، ليس في المجتمعات الرأسمالية حسب، وإنما في انتقالها إلى مجتمعات أخرى، وفي أنماط اجتماعية مغايرة.
اشتغلت الرؤية الإخراجية بإخلاص على احترام بنية النص الدرامية، ومن ذلك توظيف الزمن فلسفيا، والمقصود هنا ليس التعاقب الزمني الظاهري للوحات والمشاهد، وإنما في معاينة الصيرورة العمرية التي يجتازها الإنسان في المكان، والتي تكرس بلوغه المجازي، والقيمي، وبداية فنائه والتي لامحالة بالغها.
يحسب للخطيب أنه استطاع تقديم فضاءات، وفق بنية حوارية لغوية، نجح الممثلون في طرح بنيتها، عكست الفوضى العارمة «المهندسة»، التي أراد (لاغاراس) الإشارة بقوة لها في نصه الأدبي الأصلي، والتي تعكس همجية اندفاع الرأسمالية كبنية اقتصادية واجتماعية وثقافية هائلة تريد تهميش الفرد ككائن إنساني يشارك في صنع حياته، وتضعه ك»كبرغي» أصم في دواليب عجلاتها، ومن جهة أخرى، في الإمعان في تفتيت الأسرة، وحدة المجتمع البشري الطبيعية، لتظهر بدلا منها وحدات اجتماعية أخرى سالبة لخلوها من القيم الإنسانية الجماعية الحميمة.
أ.ر