أميركا تسحب مظلتها عن الخليج / د.رياض ياسين

أميركا تسحب مظلتها عن الخليج
د.رياض ياسين
مدير مركز إكليل للدراسات والاستشارات

مازالت الإدارة الامريكية تتلكأ في الرد على الهجومات التي استهدفت مصالح نفطية في الخليج، وللتذكير فقد شهدت منطقة الخليج ثمانية اعتداءات خلال عام ونصف منذ انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي مع ايران حتى آخر هجوم وقع على منشآت شركة أرامكو النفطية العملاقة بالمملكة السعودية.
كيف يمكن قراءة التردد الأمريكي والانكفاء عن اتخاذ خطوات حاسمة للتحرك للجم القوى التي تهدد الخليج وأمن المنطقة، ومعظم التقارير الاستخبارية تشير الى تورط إيران وحلفائها والقوى الوكيلة عنها في شن هذه الهجمات وتنفيذ الاعتداءات بما يشير الى أن أمن الخليج ليس محصنا امام القدرات الإيرانية.
ويبقى السؤال المطروح هل أن الولايات المتحدة لا تستطيع حماية الخليج أم انها تنتظر اثمانا جديدة لذلك، وهل لذلك علاقة بأنها لم تعد بحاجة لنفط الخليج تماما؟ تتحدث الأرقام عن استيراد أميركا لأقل من مليون برميل من النفط من منطقة الخليج غالبا 600 ألف برميل يوميا من مجموع ما تصدره دول الخليج وهو مايقرب 30 مليون برميل يوميا بما فيه نفط العراق وايران،كذلك فقد قلّ استيراد أوروبا من نفط منطقة الخليج والعالم العربي بشكل خاص ليبيا، وقد أكد الأمريكيون وفقا لتقارير موثوقة أن ثلاثة أرباع النفط الذي يمر بخليج هرمز يوميا يذهب إلى منطقة آسيا، خاصة الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.فلماذا يقوم الامريكيون بحماية هذا المسار دون أثمان مقابلة أعني مضيق هرمز، والكل بات يعلم ان الولايات المتحدة الامريكية اصبحت مكتفية نفطيا وهي بهذا المعنى تحمي مصالح آسيا والمنطقة العربية دون مقابل.
أميركا باتت منتجة للنفط وليست مستهلكة، وتملك اكبر احتياطي وهي التي تحدد الاسعار العالمية، وهنا تكمن نقطة الارتكاز في السياسة الامريكية التي تكون مضطرة لحماية أمن الخليج، حفاظا على الأسعار العالمية لضمان انسياب اهم مصدر من مصادر تشغيل الاقتصادات والآلات الصناعية والتقنية في العالم وليس من أجل الحصول على النفط كما كان الحال في السابق، فقد كانت الولايات المتحدة الى حد قريب تستورد ما مجموعه مليوني برميل من نفط الخليج يوميا، كذلك حلفاؤها الأوروبيين واليابانيين كانوا يستوردوا ضعف هذا الرقم، لذلك كانت حريصة جدا على امن الخليج، أما الآن فالأمر لم يعد مطروحا بهذا الشكل فالانتاج المحلي الأمريكي والاحتياط من المخزون الاستراتيجي لديها يجعلها تتربع على عرش الانتاج مع ميزة تفضيلية انها تستطيع ان تحدد سعره العالمي باعتباره مرتبطا بالدولار.
لدى دول الخليج الآن الهاجس الامني، ففي الوقت الذي نكص معه دور الشرطي الامريكي تزايد هذا الهاجس، خاصة مع تزايد التهديدات الخارجية الإقليمية على الخليج. فالمعادلة هذه المرة باتت أكثر صعوبة فالاستعانة بالقوة الامريكية مقابل مبالغ مالية ضخمة وليس مقابل ضمان الحصول على النفط، وهذا التغير في المعادلة سيخلق تحديات كبيرة امام دول الخليج على اكثر من صعيد ليس أقلها اهمية ضمان تصدير النفط كالمعتاد والبحث عن اسواق بديلة ومجابهة الانخفاض في السعر العالمي كما حصل في الثلاث سنوات الماضية.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى