أطباء جرّاحون يخرجون مِن “معطف” الأستاذ الدكتور الطبيب محمد إبراهيم الطوالبة

في استحضار المئوية… الأستاذ الدكتور الطبيب محمد إبراهيم الطوالبة علامة مضيئة في مجال جراحة الأنف والأذن والحنجرة وتجميل الوجه وزراعة القوقعة

أطباء جرّاحون يخرجون مِن “معطف” الأستاذ الدكتور الطبيب محمد إبراهيم الطوالبة

سواليف_ احتفلت المملكة في العام الماضي بذكرى مرور مئة عام على تأسيسها. وفيما نعبرُ مَطلَع مئة جديدة، نُغفل الاحتفاء بأهمّ الإنجازات ممثّلة بالإنسان؛ فهو الذي يصنع التاريخ، ويعمل من أجل النجاح والديمومة والتحضّر والتطوّر، ويصبح لزامًا عليْنا أن نحتفي بالعلامات المضيئة في تاريخ المملكة، وفي صناعة حاضرها ومستقبل أبنائها.

ويظهر الأستاذ الدكتور الطبيب محمد الطوالبة بوصفه من أمهر الجرّاحين في مجاله الطبيّ؛ إذ ليس غريبًا أن تمضي في أروقة مستشفى الجامعة الأردنيّة، فتسمع العاملين على اختلاف مسمّيتاهم الوظيفيّة يشيدون بهذا الجرّاح الكبير، ومسيرته العلميّة والأكاديميّة والأخلاقيّة والمهنيّة.

وليس غريبًا أيضًا أن تجد طبيبًا لا تربطه به أي صلة، يؤكّد لك أنّ هذا الجرّاح لا يدانيه أي جرّاح آخر في تدخّلاته الطبيّة العلاجيّة والتجميليّة.

ويمكن لإطراقة الدكتور الطوالبة وهدوئه وتركيزه الذي قد يوهم المريض أحيانًا أنه قد أجرى خطوات الجراحة في ذهنه وانتهى منها قبل موعد الجراحة أن تذهل المريض؛ للجدّيّة التي يتمتّع بها الطوالبة، والتي لا شكّ تميّزه عن كثيرين في مجال الجراحة الوظيفيّة والتجميليّة. وأذكر أنني تابعت لقاءً للدكتور محمد الطوالبة، وخرجت منه بنتيجة تثبت أن هذا الرجل غير معنيّ على الإطلاق بالترويج لنفسه، كما أنه لا يحسن الأساليب التي ينتهِجُها بعض الأطباء في التسويق لاستدراج المرضى. لقد كانت هذه المقابلة هي الفاصلة بالنسبة لي للتأكد أنّ الأستاذ الدكتور الطوالبة هو الجرّاح المناسب لأضع وجهي ومستقبلي عُهدة وأمانة بين يديْه، كما أبهرَتني الصُّدف غير المرتّبة لأشخاص من مختلف المجالات الذين أشادوا بتمكّن هذا الرجل وتميّزه.

وإني أكاد أرى الأستاذ الدكتور الطبيب محمد الطوالبة يعبر قريته في سحم الكفارات- إربد، شابًّا صغيرًا في رحلة تعلُّمه، كي أدرك حجم الامتياز الذي يناله المريض الذي يوفّق بالوصول إليه؛ فحصيلة الرجل من التعلّم والخبرات، بعدَ توفيق الله له، مُبهرة وعظيمة، وقد أجرى أوّل عمليّة لزراعة القوقعة في الأردن، وهو استشاريّ ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة في أهم مستشفى تعليميّ في الأردن ” مستشفى الجامعة الأردنيّة”، وأستاذ في قسمها في الجامعة الأردنيّة، يمارس مهنة التعليم والجراحة، وتتخرّج على يديْه أفواجٌ من الجرّاحين الذين يخرجون من ” معطفِه” .

وقصّة المعطف لمن لا يعرفها، عائدة إلى حقل الإنسانيّات، تأخذنا إلى ” معطف” غوغول، وهي رواية قصيرة كتبها الكاتب الروسي نيكولاي غوغول، وباتت فاتحة مسار جديد في الأدب؛ فما قبل “معطف” غوغول ليس كما بعده، وقد رجّحت بعض النقولات أنّ الكاتب الروسي دوستويفسكي هو مَن قال: “لقد خرجنا كلنا من معطف غوغول”، في الإشارة إلى أنّ ما سجّله من التسلل إلى أعماق النفس الإنسانيّة، ومتابعة حياة الإنسان في كدحه، لم يأتِ إلا بفضل منه، وترك أثره لاحقًا في الأدب الروسي والآداب العالميّة كلها.

وبعيدًا عن حياة صاحب رواية “المعطف”، وقريبًا من تفرُّده وعبقريّته، تكون هذه المقاربة مع الأستاذ الدكتور الطبيب محمد الطوالبة؛ فقد اختطَّ الطوالبة لنفسه طريقًا خاصّة، وبات الأطباء والجرّاحون يخرجون من معطفه الطبيّ. وحيث إن ما جاء به صاحب “المعطف” لن يتكرّر، فإن بوسعنا القول إنّ الدكتور محمد الطوالبة بحسّه الإنسانيّ العالي، وتحمّله المسؤولية الأخلاقية تجاه مرضاه، وما وهبه الله من موهبة خاصّة جعلته صاحب طريقة في مجاله، هو طبيب لن يتكرّر بهذه الحمولة والتوليفة المميزة.

يشيد طلبة الدكتور محمد الطوالبة به كثيرًا، ويحصلون على دعم كبير منه بشهادتهم أنفسهم، وهو لا يتأخر عن مساعدتهم وإسداء النصح لهم، وتوجيههم عمليًّا في لحظات إجرائهم تدخّلاتهم الطبيّة، وقد سمعت هذا من أحد طلبته، وأجِد أنّ الدكتور محمد الطوالبة يحقّق جانبًا من أسباب البركة في تحريك ما وُهِب من معرفة، ولا يحبسها عن المتعلّمين.

الجديّة في تقاسيم وجه الأستاذ الدكتور الطوالبة والتوفيق، وأسباب النجاح التي هيّأت لكثير من المرضى والباحثين عن عمليات الترميم والتجميل الاهتداء إلى عيادته، ساقت كثيرًا من المشاهير من أقطاب الوطن العربيّ كلّه إلى الأردن، وبات الرجل معروفًا في أوساط الباحثين عمّن يمنحهم فرصة جديدة، في مختلف الإجراءات التي يجريها في الأنف والأذن والحنجرة وترميم الوجه، دون أن يفكّر المريض أنه سيصبح ضحيّة تشوّه أو احتيال، بل إنّ الدكتور الطوالبة هو قِبلة للمرضى الذين لم يُوفّقوا في إجراءات طبّيّة سابقة.

لكنّ الرجل يستحق أكثر من ذلك بكثير؛ فهو ثروة وطنيّة حقيقيّة، لا يمكن أن يتساوى بغيره، أو يكون طرفًا في مفاضلة. وإن استحقّ طبيب في هذا الإقليم أن يكون في دائرة الضوء، فلا عجب ألا يُنازَع الدكتور الطوالبة في هذا الباب.

كانت لي تجربة، حاولت أن أسُوقها هنا بكامل الحياد، ولكنني ممتنة لهذا الطبيب؛ لتفاصيل أعجز عن ذكرها، كما لا يمكن لي إلا أن أبدي تقديرًا وإعجابًا بجهد الدكتور إبراهيم محمد الطوالبة، الجرّاح المميّز والذكي في التقاط حاجة المريض قبل أن يتكلّم، ولفرط أمانته ومصداقيّته، ولأنه يذرَع الطريق بتميّز لافت في مجال الجراحة مُتتَلمِذًا على أبيهِ، ودون أن يستند إلى نجاح أبيه، وهو جرّاح يصنع مجده بيده، ويقدّر مسؤولياته، ويمتاز على الجرّاحين الخارجين من “معطف” الطوالبة، أنه ابن لهذا الجراح الكبير.

ربما يقرأ الدكتور محمد الطوالبة هذا المقال وقد لا يفعل، إلا أنني واثقة من أن هذا الرجل، ولفرط هدوئه وتركيزه، لو قدّر له أن يقرأه، فإنه سيبتسم بابتسامة خفيفة، ويعود إلى مبضع (سكين) الجراحة، ويصنع مَسرّاتٍ جديدة.

تحيّة كبيرة لهذا الجرّاح الكبير الذي يعمل بصمت، ودعواتي التي لم تتوقّف منذ عامين له ولولده بموفور التوفيق والبركة.

بيلسان شهاب الدين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى