أصنام التمر وصناعة الأحزاب !

#أصنام #التمر و #صناعة #الأحزاب !

شبلي العجارمة

وكان جل عرب الجزيرة يعبدون الأصنام ويصنعونها من كل شيء حتى من الأشياء التافهة، يصور لنا بعض ذلك أبو رجاء العطاردي- رضي الله عنه- فيقول كما في صحيح البخاري وغيره “كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الْآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً (كومة أو كثبة) مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ.
ومن أغرب ما روي أن العربيِّ زمن الجاهلية کان يصنع له صنماً من التمر أول النهار فيعبده ويطوف حوله, فإذی جاء آخر النهار وجاع أکله , والشاهد هنا في قصةٍ تختلط بين الأدب والعقيدة ,عندما کان غاوي بن ظالم أحد سدنة الأصنام رأی ثعلباً يبول علی رأس الصنم سواع , فقال أبياته المشهورة :
أربُُ يبول الثعلبان برأسه
لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلو كان ربا كان يمنع نفسه
فلا خير في رب نأته المطالب
برئت من الأصنام في الأرض كلها
وآمنت بالله الذي هوغالب
وقيل أنه أسلم وأبدله النبي ﷺ باسمٍ جديد هو راشد بن عبدالله.
غابت شمس الإصلاحات لتغط في سباتٍ عميق ,وما إن تم إخراج قانون الانتخاب والأحزاب حتی باتت إرهاصات الترقب وإشکالية الجدل حول المستقبل الديموغرافي المرتهن بالعملية الديموقراطية المريضةِ أصلاً ,أو ربما إن جاز لي التعبير أنها ولدت ميتة بلا روح ولا ملامح ولا حياة فيها .
أحزابُُ لها من العراقة ثقلها , ولها في ميادين السياسة صولاتها وجولاتها ,ومنها من دفع الثمن باهظاً علی مستوی الأفراد والجماعات ,ولا أود بالإسهاب هنا من أجل الخوض في تاريخ الأحزاب ما لها وما عليها , لکنها وجدت منذ عام ١٩١٩م, سطع نجم بعضها وخفت بعضه وغاب السواد الأعظم سوی من الأسماء والعناوين الجغرافية وأرقام البنايات والشوارع.
ما قيل أن عملية الإصلاح تضمنت التطلع بعين المشرع المنصفة لترك الأحزاب تتعافی لتعود إلی مسارها السياسي لتکن منتجة وفاعلة ضمن التطلعات الوطنية في بانوراما المعادلة السياسية الوطن والشعب والقيادة السياسية ,لکن الإرهاصات التي باتت علی أفق الغيم السياسي الرمادي لمن يمتلك مثلي عيني زرقاء اليمامة فإن هذه الإرهاصات لا تعطي إلا ربع الحقيقة المرسومة علی الورق , فقد باتت الحکومة کمظلة حامية للتشريعات تقوم وترعی ماراثونات الدهاليز المکشوفة بزج بعض من فقراء النظر السياسي , وقاصري الرٶی الوطنية , لتشکيل أحزابٍ معلبة واقتصاص کيانات سياسية مضادة لإجهاض کل مشروعٍ وطني حقيقي لازدهار العمل الحزبي الذي أخرج الغرب الحر الحاضر من غياهب الظلام لشموس الحقوق والحرية والازدهار.
إحدی الحکم السياسية تقول : نحن لسنا احراراً و ديمقراطيتـنا ليست سوى اسم ! . فما معنى ان ننتخب ؟ كـل ما نفعله هو اننا نختار بين ناكر و نكير .
هذا ما ينطبق عليه الحال ذات الرجل السياسي الذي أطل علينا من شباك ما قبل الإصلاحات ,سيطل مرةً أخری ولکن من ذات باب البيت وهو يرکب لنا الليغو الحزبي الذي يخذل کل من يدور خارج مذار فلك السلطة .
لا يختلف اثنان علی أن العمل الممنهج لطمس هوية الأحزاب وإعاقتها وشلّ أوصالها هو ما أوصلها إلی حالٍ لا تحسد عليه , لکن في منهجية صناعة الأحزاب التي تحمل شکل الرجل الحزبي السياسي لکن بعقل الدولة وأدواتها مرحلة قادمة من اليأس والخذلان تصل لحد طعن خاصرة الوطن کي يبقی يدور في رحیً سياسية مغلقة ولا يصل إلی نتيجةٍ تحمد أو عواقب تعاب , لکنها مجرد طحن الماء لا أکثر وصرير الحجارة التي تأکل بعضها ولا تشبع .
لم تبتعد جاهليتنا الحزبية السياسية کثيراً عن جاهلية موضة أصنام الحجارة والتمر والتراب المعجون بحليب الغنم, لکن ما يٶلم المقام أن المقال في ذات الشبه بين الحالتين هو ممن نحتوا الحجارة وقطفوا التمر وحلبوا الشاة لا زالوا يحملون اسم غاوي بن ظالم ولکنهم في ثوب نساكٍ يهشون من عصيِّ مبادٸهم علی غنمنا ولهم آلاف المآرب الأخری !.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى