صح النوم / سهير جرادات

صح النوم
سهير جرادات

لا أدري ما الذي ذكرني بالمسلسل التلفزيوني “صح النوم ” الذي عرض في السبعينيات من القرن الماضي ،و الذي تدور أحداثه في حارة تنعم بالأمن والأمان والاسقرار ، لكن الأمر لا يخلو من بعض الاشكاليات التي تدور بين الفينة والاخرى ، ما استدعى فتح ” كراكون ” أو ما يعرف بالسجن لتوقيف وحبس الذين يتجاوزون القوانين ويحاولون خرقها والتمادي عليها .

لم يرق للبعض من المنتفعين أن تستقر الحارة، فيفكرون باثارة الفوضى ليحافظوا على مكتسباتهم، ويقرر رئيس الكراكون ” أبو كلبشة ” ،المعنى بالحفاظ على الأمن الداخلي أن يثير بعض المشاكل بين أهل الحارة ، حتى يقنعهم بأهميته وضرورة وجوده ، في حال غياب الاستقرار الأمني .
بدأ ” أبو كلبشة” بافتعال الأحداث داخل الحارة ، وإثارة البلبلة والفوضى ، ولم يكتف بذلك فقرر أن يترك باب السجن مفتوحا أمام المساجين ليمكنهم من الهرب ، ويبث الخوف في نفوس أهل الحارة ، وتصبح الحاجه له أكبر للحفاظ على الأمن الداخلي للحارة ، إلا أن المفاجأة كانت من قبل أشهر المساجين ” غوار الطوشه ” الذي بدلا من الهروب ، خرج من باب السجن الذي ترك مفتوحا ، واشترى قفلا جديدا، وعاد مسرعا وأغلق باب السجن من الداخل عليه ، وعلى جميع المساجين.

لا أدري كيف خطر ببالي هذا المسلسل، هل لإننا كنا نتابعه خلال شهر رمضان وعبر الشاشة الوحيدة التي كانت تجمع أفراد العائلة أمامه ، قبل أن يدخل عالم الفضاء الرحب إلى منازلنا ويفسد وحدتنا ، أم تذكري لهذا المسلسل بسبب الأحداث التي مرت علينا في هذا الشهر الفضيل،الذي أطل علينا بحكومة جديدة،

ما زلنا ننتظر خيرها من شرها ، وكان أول شرها وأول الخير منها، جملة من القرارات، التي رفعت بعض الأسعار ، ورفضت بعض القرارات التي أقرت تخفيض بعض الأسعار ، وكذلك رفع الضرائب وتخفيض رسوم التسجيل على الأراضي والعقارات ، بالمقابل رفعت رسوم ترخيص المركبات وغيرها ،التزاما بتوصيات صندوق النقد الدولي و..
والأمر لا يتوقف عند ارتفاع أو انخفاض الأسعار ، فهناك أحداث أخرى مريرة شهدناها مع أول يوم من أيام الشهر الفضيل ،حيث استيقظت عمان على ” حادثة البقعة “التي ذهب ضحيتها خمسة شهداء من جنودنا البواسل ، وفي منتصفه وصل الارهاب إلى خاصرتنا الشمالية في المنطقة الحدودية في “حادثة الركبان “، وزف فيها سبعة شهداء جدد رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن ، ولم يبخلوا يوما على وطنهم مقدمين له أغلى ما يملكون، ودعواتنا :أن يجيرنا الله من آخر هذا الشهر الفضيل.

مقالات ذات صلة

ولا يخلو الأمر من بعض المناوشات الخفيفة ، التي لم يحسن التعامل معها ، وبدلا من احتوائها في وقت نحن بأمس الحاجة الى وحدة الصف ،واعتماد الحوار والأخذ بالمسببات ، جرى التعامل معها بطريقة غير مدروسة واستفزازية ،وباتت” ذيبان “في غضب .
من الواضح أن مساجين ” كراكون ” الحارة ، قبل سكانها ونزلاء فندق ” صح النوم ” تحولوا بفعل الاحداث التي تدور من حولهم وداخل حارتهم الى عقلاء ، يستوعبون ما يدور من حولهم من أحداث ، ويحتوون المشاكل التي تفتعل داخليا وخارجيا ضدهم ، ويتقبلون ارتفاع الاسعار ،والضرائب والرسوم وغيرها من باب : “خلي العقل منك “..

في المحصلة، كل ما شهده الشهر الفضيل من احداث دامية، دفع ثمنها اثني عشر شهيدا أرواحهم فداء وحبا للوطن، وما أمطرت به حكومتنا الجديدة من قطرات الخير ، من رفع والغاء قرارات، هي التي ذكرتني بالاحداث التي دارت في فندق ” صح النوم ” ،الذي يضم من هب ودب ،وصارت حارة ” كل مين ايده اله ” ، وكانت شخصية ” غوار الطوشة ” الذي يفتعل المشاكل ولا يهنأ له بال، إلا ببث سمومه داخل الحارة ، ومخططات ” أبو كلبشة “، الرامية إلى زعزعة الأمن والأمان، التي تنعم به الحارة وأهلها ، هي التي دفعتني للكتابة .

المهم أن نصحو قبل أن ينطبق علينا قول : ” صح النوم ”

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى