أذاعة لندن والزمن الجميل / نبيل عماري

أذاعة لندن والزمن الجميل


أذاعة لندن BBC هي جمال الطفولة ورائحة الزمن الجميل وعيت على راديو كبير بخيطه القماشي المضاء بلمبة صغيرة تحرك المؤشر القماشي تأتي دقات بج بن تعلن نشرة الأخبار بصوت أفتيم قريطم أو محمد الأزرق ومحمد الصالح الصيت كانت أذاعة لندن تجبرني وأنا صغير ان أفيق من النوم فوالدي رحمة الله يفتح الراديو على تلك الأذاعة يسمع الأخبار وهو يحلق ذقنه أقلد تلك الأصوات خاصة محمد الأزرق وهو يشد على الكلمة ” تضاربت الأنباء الواردة من جبهات القتال ” وحفضت أسماء صاروا في ذمة التاريخ مثل يوثانت ، وبدغورني ، وألكسي كوسجين ، وفنوم بنه ، وجوزف بروز تيتو ، وأنديرا غاندي ، والغير كلها ترسخت بالذاكرة وكانت تعجبني موسيقى جميلة من كلاسيكيات الموسيقى الأنجليزية كانت تبث صباحاً مع برنامج العالم هذا الصباح والذي كان يقدمه جورج مصري بصوته الرخم العالم هذا الصباح وكذا برنامج ماجد سرحان حصاد اليوم وهذا ماجد سرحان يحيكم من لندن .. بهذا الصوت الجهوري الشجي كان ينصت المستمعون الى اذاعة لندن ، ومن غير ماجد سرحان كان يشنف آذان الناس بالريف والحضر ، ففي كل قهوة او بيت أو مضافة على امتداد العالم العربي كان اثير هنا لندن لا يتغير ابدا ، وشكلت اصوات مذيعي البي بي سي احدالوسائل لتعلق الناس بالاذاعة ، من خلف ميكرفون البي بي سي كانت اصوات المذيعين الرنانة الجهورة تملا الافاق ..ارهف الناس الى صاحبة الصوت الرنان ذي الترددات العالية المذيعة الكبيرة مديحة رشيد المدفعي التي كانت تقدم بعض نشرات الاخبار وبرنامجي ( استديو 34 ) الشهير ببانوراما و ( الراي والراي الاخر ) ، على ان سعادة ا الناس كانت تكتمل عند الاستماع الى صوت حسن ابو العلاء الذي يحتل مكانة امام الميكرفون وينطلق بالصوت الجهوري العامر بالثقة وتنبعث منه العبارة في نبرات واضحة ورصينة ، وكان لكل مذيع نبرته الخاصه وصوته الرنان ويتجلى ذلك في اصوات محمد الصالح الصيد وحسام شبلاق وعلي اسعد و نجا فرج وايوب صديق ومحمد الازرق وسامي الحاج هاني العربي منير عبيد ونبيل اسكندر وجميل عازر وسامي حداد ،وكانت مذيعات البي بي سي لهن حظوة في نفوس الناس لجهة اصواتهن الرنانة الجزلة التي تنقل معاني الاخبار او فكرة البرنامج بسهولة ويسر الى جموع المستمعين ولعل اولهن هدى الرشيد التي تعتبر اول سعودية ترتاد العمل الصحفي والاذاعي وتجد لها مكانة بين عمالقة البي بي سي وهناك عفاف جلال زوجة المذيع حسن ابو العلاء وهناء زكريا ونجوى الطامي والمذيعة ذات الصوت الرخيم عبلة الخماش. وكذلك نور الدين زرقي وعرفان عرب وحديث الساعة ونقطة حوار وتتنوع برامج البي بي سي ما بين البرامج الاخبارية ( العالم هذا الصباح ) (عالم الظهيرة ) و (العالم هذا المساء) و ( حصاد اليوم الاخباري) و( اضواء) (بانوراما ) و (الراي الاخر) و ( حول العالم العربي) الى المنوعات والقضايا الاجتماعية والسياسية فهناك برامج شباب على الهواء ، في رياض الشعر و الجديد في الطب ، صور من بريطانيا ، على مسرح الحياة – عالم الادب – عالم الكتب- كتاب الاسبوع – ثمرات المطابع – التجارة والمال و( السياسة بين السائل والمجيب ) الذي تحول الى برنامجين منفصلين ( بين السائل والمجيب )و( لكل سؤال جواب ) ، وكان لتعليم اللغة الانجليزية نصيب في تلك البرامج مثل من الادب الانجليزي – لغة الاخبار -الانجليزية خطوة خطوة ، ، وشكلت برامج موزاييك دنيا العلوم افتتاحيات الصحف البريطانية كشكول المغرب مسرح الثلاثين دقيقة ومن لندن مع التحية وعبقرية الحضارة العربية الذي قدمته سهام الكرمي احد اهم البرامج الثقافية و العلمية للبي بي سي والقائمة تتطول على ان درة البرامج الثقافية كانت ( قول على قول ) الذي يجيب فيه حسن الكرمي على سؤال : من القائل وما المناسبة لبيت من الشعر العربي من حيث حلاوة الذكرى وطيب الكلمات وأناقة اللغة والراديو الكبير المركون في زاوية الصالون وبرد شتاء وزمهرير وصوبة البواري تعطي دفئها ومؤشر القماشي يتجه إلى أذاعة لندن القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) والبرنامج الادبي الشهير “قول على قول” ، وهو ينطق بلغة عربية فيها صفاء المعنى والروح وجمال لغتنا الأم يخرج عليك بدفىء الصوت وتمكنه من اللغة وهو يقول من القائل وما المناسبة كيف لا وحسن الكرمي على معرفة تامة بالشعر العربي وله فراسة في الشعر بعد طول دراسة . ومن الذاكرة انه بالعام 1975 ارسلت رسالة لأذاعة لندن وبرنامج قول على قول اطلب فيها من القائل والمناسبة
لو كان لي قلبان لعشت بواحد *** وأفردت قلباً في هواكي يعذب
وكنت انتظر بفارغ الصبر برنامج قول على قول حتى اسمع اسمي والرد وكنت أضع كاسيت فورد مع مسجل ناشيونال للتسجيل حتى جاء اسمي سألني السيد نبيل عماري من الزرقاء الاردن من القائل وما المناسبة وكم انتعش قلبي عندما سمعت اسمي بصوت حسن الكرمي وكم فرحت عندما سمعت الرد وهو للشاعر عمر الوراق وعن حبه لفتاة لم تكن من نصيبه وما زال الكاسيت عندي لغاية الأن هذا زمان الجمال والفرح الجميل وبهاء الماضي وبالمناسبة فيروز غنت تلكم الأبيات ومن روائع أذاعة لندن برنامج المجلة العلمية لسهام الكرمي وجمال اللغة العربية بصوت فاروق شوشة وبرنامج لقاءات فنية مع كبار الفنانين مثل عبد الوهاب وام كلثوم وفريد الأطرش وفيروز ووديع الصافي وناظم الغزالي وتوفيق النمري والذي سمعت له لقاء على التلفاز يقول بأن أذاعة لندن BBC ما زالت ترسل له شيك بدل بث أغانيه في الأذاعة والغير وكذلك مع علماء وأدباء عرب مشهورين مثل توفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، يوسف السباعي ، وجورج جرداق ، ونزار قباني وغيرهم وأذاعة لندن منذ تاسيسها في عام 1937 عبرت عن نفسها كمنارة معرفة للعالم العربي ، وبتعدد برامجها بعدة لغات تمكنت البي بي سي من الاستفادة من تلك البرامج في اصدار عدة مجلات ذائعة الصيت ، بدأت اولى المجلات باسم ( المستمع العربي ) وما لبثت الهيئة في تغيير اسمها الى مجلة ( هنا لندن ) .. ، وفي فترة التسعينات حولت الهيئة طريقة اصدار مجلاتها من التوزيع المجاني الى التسويق التجاري وذلك عند بدء بث قناة البي بي سي الفضائية وكانت البداية بمجلة المشاهد والتي ما لبثت ان تغير اسمها الى (المشاهد السياسي ) التي لم تستمر طويلا .هذا أذاعة لندن وذاكرة الزمن الجميل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. يعطيك العافية على هذه الذاكرة وكأنك تتكلم على لساني غير اني نسيت الكثير.. اما انت فماشاء اللله..يعني لم تترك شيئا تقريبا.. اذا كان من الذاكرة فهنيئا لك..

  2. تحية تقدير لك اخي نبيل لفد غاب عن ذاكرتك برنامج “ندوة المستمعين”

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى