أثنين جيد

أثنين جيد
د. محمد شواقفة

لم يجد بدا من الرضوخ لاصرار ابنه البكر “حمودة” لكي يخطب له عروسا و خصوصا أنه تلقى دعما غير مسبوق من والدته الكريمة. لكن المعضلة كانت في من ستقبل بابنه العطال البطال ؟! .
فهو اولا معدم فقير و لم يفلح في أي وظيفة و لم يستمر في أي عمل و فوق ذلك كله لم يسلم منه أحد من الحي بمشكله و مشاكساته. فلم يكن له من بد بأن يتجنب هذه المصيبة بمصيبة أهون و هكذا قرر أن يستدين ليزوج حمودة!!
تلقى كل أهل الحي الخبر بارتياح كبير فقد أصابهم الملل و ربما الذعر من انفلات “حمودة”و تهديده لكل اولاد و بنات الحارة. و أعلنوا جهارا نهارا نيتهم التبرع لمساعدته في تحمل التكاليف، لكن لم يكن أحد يرغب أن يكون حمودة نسيبه. بدأت عملية جمع التبرعات من أهل البلدة و لحقها ما تيسر من تحويشة عمر أم محمد من نقد و بقايا مصاغ لم يعرف عنها أبا محمد قبل هذا الحدث الجلل!! .
ذكر لهم أحد العارفين عن عائلة في بلدة مجاورة قد يقبلوا بابنهم كونهم لا يعرفونه و ابنتهم عندها بعضا من حماقة و هبل و ربما هذه هي العائلة الوحيدة التي قد تقبل بهكذا نسب! .
طرق الباب لتفتحه له فتاة حسنة المظهر فائقة التهذيب. و لم يلحظ منها هبلا أو حمقا، فوقعت في قلبه و لم يتردد فخطبها لنفسه من أبيها الذي لم يتردد هو ايضا بالموافقة.
لم يعجب أحدا من أهل بيته هذا التصرف، فكانت غضبة كبيرة لأم محمد التي ندمت على هذا المقترح و ضياع مالها و ذهبها الذي جلب لها ضرة مرة تشاركها أبو محمد ؛ فراحت تصيح و تندب حظها فلا مجال للمشاركة فيه فهو بالكاد خيال مآته أو ظل رجل آيل للانهيار! . و استنكر حمودة على أبيه أنه استأثر بالعروس لنفسه و استكثر عليه أن يصبح شخصا عاديا على أقل تقدير و هو يعلم يقينا بأن أبيه لا طاقة له بزوجة جديدة!!! . و كان أهل الحي هم الأكثر حنقا عليه لأنه استغلهم و خدعهم و هم يعرفون من أم محمد أنه لا فائدة منه و هي دائما تخبرهم بأن فحصه في أحسن حالاته لا يتجاوز “اثنين جيد” و لم يتبق لهم سوى مناطحة حمودة إلى أن يشاء الله!
لا أحد يفهم ما الذي حدث مع كورونا، كيف نشف و مات و الآن يعود إلينا من جديد بصبغة و شعر مستعار. و لا أحد يعلم هل نغلق المدارس و الجامعات عندما ينتشر الوباء أم نرسل أبناءنا و نقنعهم بأن يتخيلوا بأنه ليس موجودا!
لا نعرف لماذا يتم عزل لواء صغير لمدة أسبوعين و يحظر الناس من جديد و باجراءات أمنية مشددة و يسمح لهم بالخروج لقضاء احتياجاتهم و لكن مشيا على الأقدام.
كل هذا قد نجد من يفسره لنا يوما ما….
لكن أن يجتمع في الأردن وزير الخارجية مع نظرائه من مصر و ألمانيا و فرنسا في قمة طارئة لمناقشة عملية السلام في المنطقة بغياب اي تمثيل لفلسطين و كأن الأمر فعلا لا يخصهم.! هل لهذا الأمر من تفسير!
في الصباح بحث أبو محمد عن العروس التي لم يجد لها أثرا و أيقن أن كل ما حدث كان وسوسة من شيطان خياله. عدل هندامه و هو ينظر بحنق باتجاه أم محمد ويقول في سره “اثنين جيد…. اثنين جيد”.

“دبوس عالفحص”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى