في مجال العري الأليكتروني / يوسف غيشان

في مجال العري الأليكتروني
يوسف غيشان

تقول النكتة أن أحدهم سأل حكيما:
– ما هو الأصعب وما هو الأقسى؟
فقال الحكيم:
– فيه اختراع اسمو غوغل…… ليش ما تنقلع تروح تسأله…. وتحل عني؟؟

هذه- يا سادة يا كرام- ليست مجرد نكتة، هذه حقيقة عملية وممارسة يومية، صارت شبه إجبارية لكل من يشتغل في السياسة أو الاعلام او الإقتصاد او العلم او المال، او حتى الذين بلا اشغال . ففي كل لحظة يدخل ملايين البشر الى محرك غوغل للبحث ، او يستخدم احد مبتكرات غوغل على الهاتف مثل نظام اندرويد، او يتابع فيديو على يوتيوب…. اضافة الى مئات الشركات الفرعية المملوكة لغوغل، والاف الشركات المتعاونة معها.
حسب التصنيفات الحالية لأكثر الشركات المالية قيمة في الأسواق، تحتل غوغل المركز الثاني في العالم، بعد أبل، متجاوزة بمراحل ميكروسفت وكاوكا كولا وأي بي إم، وجميع شركات النفط العملاقة، هذا يعني ان خطوة واحدة الى الأمام ستجعل من غوغل الأولى في العالم، من حيث القيمة السوقية.

لست هنا في مجال الكتابة حول الإقتصاد، لكني اشعر بنوع جديد من العبودية يكتسح العالم بهدوء وسلاسة، يحولنا نحن البشر من زبائن للشركات العملاقة الى مجرد منتجات لها، يتم استخدامها وبيعها لشركات اخرى، تقوم باستغلالنا في مجال الإستهلاك وتعديل القناعات (هذه هي الأخطر).

مقالات ذات صلة

تعديل القناعات!!..
عبارة خرجت مني بالصدفة، وربما يكون لها مرادف معروف لم تصلني اخباره بعد. مهما يكم الأمر فتعديل القناعات او ربما تغييرها، موضوع خطر…. إذ قد تقوم في المستقبل (وربما هي قائمة حاليا) شركات (تابعة لغوغل وأخواتها) تبيع خدماتها في مجالات تعديل القناعات…فمن الممكن ان حكومة ما تنوي اقناع شعب حكومة اخرى بإسقاط حكومته، فتقوم بحملة ذهنية اعلامية مرتكزة على رغبات الناس وحاجاتهم التي يمكن التلاعب بها.
طبعا اللعب حاليا على المكشوف في مجال التسويق..تسويق كل شئ وأي شئ..فهم بواسطة المعلومات التي تضعها حول نفسك، والبوستات التي تكبتها، والأصدقاء الذين تتابعهم ويتابعونك، وتعليقاتك وتعليقاتهم، ولايكاتك ولايكاتهم والمواقع الأليكترونية التي تتجول فيها…كل هذا يتيح لغوغل ان تعرفك اكثر مما تعرف نفسك….فيعدلون ويبدلون ما شاؤوا في قناعاتك…وفي كل المجالات… ونسبة النجاح عالية.
أنه العري الألكتروني – يا سادة يا كرام- الذي نعاني منه ولا نستطيع منه أو عنه فكاكا.
اننا نمارس الستربتيز النفسي أمام الآخرين ..رغما عنا.
ما العمل؟؟ ما الحل؟؟؟؟
لا أعرف
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى