المُحَـلـِّـلـون الرياضيون…!!! / د . ناصر نايف البزور

المُحَـلـِّـلـون الرياضيون…!!!
يَقولُ شيوخ تحفيظ القرآن الكريم ناصحين تلاميذهِم، “مَنْ قرأ خمسة فلن ينسى”؛ أي مَنْ قرأ في اليومِ “الواحد” “خمسة” أجزاء من القرآن الكريم، فلن ينساه أبداً!

رُبَّما يكون هناك لُـغـز في الموضوع؛ فالوصفة السحرية لعدم النسيان تحتوي على الرقمين “واحد” و “خمسة”! وهذه كانت نتيجة مباراتنا اليوم امام المنتخب الأسترالي؛ فقد خسرنا بخمسة أهداف مُقابل هدف يتيم الأبوين! فهل يمكننا القول: “مَن أكَلَ خمسة فلن يَنسى”؟ أجل، لن ينسى الشعب الأردني هذه الهزيمة القاسية! ولولا لُطف رَبِّ العالمين ومن بعده استبسال عامر شفيع في بعض المواقف لوَصَلَت النتيجة إلى طوفان بالعشرة!

ولن أدّعي أنّني أمتلكُ قُدرات زرقاء اليمامة ولا حَتّى الساحرة ميساء في كرتون السندباد، ولكنّني قَرأتُ الوقائع بلغة المنطق بالرغم من تضارب الأمنيات مع الحقائق وتوقّعتُ أن نخسر بثلاثة أهداف نظيفة مع إمكانية وصول الغلّة إلى ثمانية! وهذا ما حصَل مع شديد الأسى!

ما زادَ المُصيبة ألَماً هو وجود طبقة من الواهمين و الموهمين الذين يُسَمّون أنفسَهُم “مُحَلِّلون رياضِيّون”، وهُم في الواقع يعرفون من الرياضة و عنها ما كان يعرفه جُحا عن هندسة الشيفرات الوراثية! فقد “قرقعنا” الكثير من هؤلاء المُحلِّلين أو “المُنحلّين” الرياضين بسوالف حصيدة فارغة عن القدرات الخارقة لمُنتخبنا حتّى صَدَّقّ الكثير من الناس أنّنا سنصطاد الكنغر الأسترالي وسنأتي به ذليلاً لنشويه في رحلة “باربيكيو” في أحراش عجلون؛ ولكن يبدو أنّنا “جِبنا السبع من ذيله”!

أحَد هؤلاء العباقرة تحدَّث بالأمس لمُدَّة ساعة كاملة و بِثقةٍ مُنقطعة النظير (والثقة في غير موضعها وقاحة) عن تحليله “الفنِّي” للمُباراة بالتفصيل المُمِل وكأنَّه كان يلعب بـ “الفيديو جيمز” أو “البلاي ستيشن”؛ فقد أخبرنا فخامته كيف ستكون خطَّة المُدَرِّب الأسطورة “ردناب”، وكيف سَيُنَفِّذها كُل لاعب بل وفَصّلَ لنا حتّى طريقة تسجيل الأهداف وكأنَّ مُنتخبنا الوطني يَضُمُ حميدو شامل، والكابتن ماجد والكابتن رابح والحارس كمال نسيم (مع تقديري الشديد لجميع لاعبينا)!

في حين ظهَرَ على إحدى الفضائيات الأردنية مُحَلِّل مُحترم تكَلَّم بشكلٍ علمي وشبه واقعي لعشر دقائق، وتوقَّع الخسارة على استحياء وطالب بمحاسبة الجميع في حال الخسارة، لكنَّه لم يلقَ قبولاً!

يا سادة يا كرام! رأينا كيفَ أقالَ المُنتخَب الألماني مُدَرِّبَه بالأمس بعد خسارته امام المنتخب الإنجليزي بهدفين لثلاثة (مع أنّها نتيجة مُحترمة نسبياً) لأنَّهُم فريقٌ يحترمون أنفَسَهُم ويحترمون مُشَجِّعيهِم و عُشَّاقِهم! فهل سنشْهَدُ مجموعة من الإقالات والاستقالات في صفوف الإداريين والفنِّيين من أعضاء اتِّحادنا و منتخبنا و استبعاد أو رحيل بعض “المُنحلّين” الرياضيين الفاشلين احتراماً لمشاعرنا ولطموحتنا؟؟؟ لدينا كفاءات كثيرة فلنستقطبها؛ ولدينا متسلِّقون وسحّيجة وعديمي كفاءة كُثر فلنَتَخَلَّص منهم إلى الأبد!!! فالاعتراف بالخطأ هو أوَّل مراحل النجاح؛ والتعامي عن الأخطاء يورِدُ صاحبه المهالِك! واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى