آن للأردنيين ان يصيحوا بكم قائلين من انتم؟/د.معن مقابلة

      ضاق الاردنيون بمن يزعمون انهم كبار ويبدو انهم كبار في العمر فقط ذرعاً، فهذه الاساءات المستمرة التي يوجهونها للأردنيين على” الطالعة والنازلة” ما هي الا تعبير عن حالتين متناقضتين، الاولى هذه النظرة الدونية الاستعلائية على الشعب الاردني، اما الثانية فهي الاختباء وراء هذه الشتائم ليواروا سواءتهم وفشلهم وخطاياهم بحق هذا الشعب الذي صبر عليهم صبر ايوب ان لم يكن اكثر، فبعد مئة عام من نشأة الدولة وهم يتقبلون بالمناصب ويُدورونها فيما بينهم بحيث اصبحت وراثة في اعقابهم، فالأردنيون يفهمون ان المُلك في الاعقاب الذكور من ابناء الملك، اما ان يُورث رئيس الوزراء ، والوزراء، والمدراء والامناء العامين، والسفراء والمحافظين والقائمة تطول ابناءهم في مواقعهم لا لشيء الا لأنها تدر عليهم ذهباً، فالوطن بنظر هؤلاء أُضحية يتقاسمونه فيما بينهم.                                                        

 فاحد رؤساء الوزراء السابقين وصف الاردنيين بأنهم ما زالوا صف خامس ابتدائي في الديمقراطية، ونسي هذا الجهبذ ان والده ارسله في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لبيروت ليتخرج سنة 1962م من الجامعة الامريكية، فهذا الاب يرسل ابنه للحصول على شهادة جامعية إدراكاً منه لأهمية العلم في بناء الانسان والاوطان، وليس هذا وحسب بل ان البلدة التي خرج منها هذا السيد قد انتخبت في سنة 1989م اربعة نواب على خلفيات سياسية توزعوا ما بين الإسلامي واليساري والبيروقراطي ومن بينهم مسيحي، ثم يأتي ليقول ان الاردنيين غير مؤهلين ديمقراطياً.                                                   

بينما يصفنا اخر اعتلى ذات مرة رئيساً لمجلس النواب المنتخب من هذا الشعب ورئيساً للوزراء  ورئيساً لمجلس الأعيان بأن الشعب الأردني غير مهيئ لنظام ديمقراطي ولا يستطيع ان يدير شؤونه بنفسه، وكأننا نحتاج لأوصياء، أما اخر تقليعات هؤلاء ان يتجرأ احدهم ممن تقلب في المناصب الحكومية منذ ان تخرج من الجامعة على حساب الدولة الى وصل الى الدوار الرابع وزيرا ورئيساً للوزراء قبل ان يسقطه الشعب الاردني ليقول للشعب اتقوا الله في الاردن، من الذي يتقي الله يا هذا؟! الجندي على حدود الوطن الذي يقوم بواجبه على اتم وجه وتالي النهار لا يجد ماءً للاستحمام من عرقه الذي اختلط برمال الصحراء، ام المعلم الذي يقف في غرفة صفية قد لا تتجاوز مساحتها 30 م2 وبها خمسين طالباً تختلط انفاسهم برائحة عرق اجسامهم، في صفوف لا تقيهم حرارة الشمس ولا برد الشتاء، وعند انتهاء حصته لا يجد كرسي ليستريح عليه، هل هذا مطلوب منه ان يتقي الله في الوطن؟! ام ابنك الذي رفض ان يدخل مكتبه الفاخر ذي الاثاث الفاخر المكيف صيفاً وشتاءً لا لشيء الا انه يريده بجانب رئيس مجلس الادارة في الدور السادس فهو يعلم “مَن جاور السعيد يسعد”.                                                               

اما اخر هذه الاساءات والتقليعات فجاءت ممن يريدون تطويرنا واصلاحنا وتحديثنا، فهذا الشعب الذي يحتفل بمئة عام على نشأة دولته، والتي تمتد جذوره في اعماق التاريخ وبنى حضارة ما تزال اثارها شاهدة على انجازاته، ما زالوا في عرف هذه اللجنة ورئيسها غير ناضجين ديمقراطياً ونحتاج للسيد سمير واعضاء لجنته ليضعونا في فرنهم عشرين سنة لنصبح اكثر نضجاً.                                            

هذه الاساءات المتكررة للشعب الاردني هي اساءات اقل ما نقول عنها انها غير مسؤولة من أُناس غير مسؤولين تصدر عن اشخاص تبوؤا مراكز منذ عشرات السنين فهم المسؤولين عن كل هذا التراجع والدمار، فهذا الشعب ليس مسؤولاً عن مديونية وصلت لأرقام فلكية، ذهب معظمها لجيوب الفاسدين لتُهرب للملاذات الآمنة وغير الآمنة، الشعب الاردني الذي يدفع ضرائب اكثر من اي شعب اخر، بينما يعاني من بنى تحتية مهترئة، فالمدارس على قلتها مقارنة بأعداد الطلاب ذات صفوف مكتظة كعلب السردين، ومستشفياته على قلتها يموت المرضى فيها لنقص الاوكسجين، وطرقه متهالكة من لم يمت عليها مات منتحراً، هذا الشعب الذي يريد دولة السيد انضاجه اسقط حكومته وحكومة جده وابيه، هذا الشعب الذي يرى امثال سمير انه صف خامس ديمقراطية قاطع الانتخابات النيابية في الثلاثينيات من القرن المنصرم لأن البريطانيين ارادوا مجلس يشرعن الاحتلال والمعاهدة الاردنية البريطانية، هذا الشعب “غير المؤهل لحكم نفسه” استطاع في منتصف الخمسينيات انتخاب مجلس نواب جميع اعضاءه على خلفيات سياسية، واجبروا النظام على تشكيل حكومة برلمانية لم يستطيع النظام تحملها ستة اشهر، هذا الشعب الذي اسقط حكومة زيد الرفاعي والد رئيس لجنة التحديث سنة 1989م استطاع ان يجبر النظام على إعادة الحياة البرلمانية وان ينتخبوا مجلس نواب معظمه جاء على خلفيات سياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، قبل ان ينقلب عليه الديناصورات ويفصلوا قانون انتخاب مزق الاردنيين شر ممزق ليلتفوا على وعي الاردنيين ليلقنهم الاردنيون درساً اخر في الانتخابات الاخيرة عندما احجم عن الذهاب لصناديق الانتخاب.                                                               

اخيراً وليس آخراً، اقول انتم سبب بلاوينا وسبب بؤسنا وسبب فقرنا فآن لنا ان نقول لكم بأعلى صوتنا                                                   

من انتم؟!!!

د. معن علي المقابلة

باحث وناشط سياسي/الاردن

Maen1964@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى