
آلاء النجّار ” أمّ الشهداء “
د. #حفظي_اشتية
ــ آلاء يا #أم_الشهداء التسعة، ضخّمنا في تاريخنا حكاية #الخنساء، وما هي منك إلا بضعة: مات أبناؤها رجالا أشداء أبطالا في المعارك حيث يجب أن يكون الرجال، ومات أطفالك ( يحيى، راكان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سدين، لقمان، سيدرا) زغاليل أبرياء في عشّهم ومدارج طفولتهم المحاصرة بالأهوال والإبادة وزلازل العدوان والأنواء. ماتوا يحفظون جميعا كتاب الله الكريم، ولم ينجُ من عَشرتهم إلا “آدم” الجريح الذي سيكتب العنوان، ويفتح الحساب من جديد.
ــ آلاء يا أخت الهمّ، يا شقيقة الوجع، يا رفيقة الصبر، يا رجع آلام آل ياسر، يا دمعة الرسول الكريم المفجوع على حمزة، يا عذابات المسيح الفادي، يا راية خفاقة لم تسقط وهي تتنقل بين أيدي جعفر وزيد وابن رواحة، يا فقرة في العهدة العمرية، ورقعة في ثوب ابن الخطاب، وخشعة في صلاة أبي عبيدة، وفروسية ونبلا ورحمة في قلب صلاح الدين، يا أهازيج جمجوم وحجازي والزير يتسابقون نحو أعواد المشانق، يا خيبة أمل عبدالقادر الحسيني البطل المخذول يعود خالي الوفاض كسير القلب دون سلاح ليحرر القسطل ثم يستشهد قابضا حفنة من ثراها المقدس، يا غيمة باكية تستنهض الخير في أرض يعرب المجدبة، يا صرخات جميلة بوحيرد في سجون فرنسا الظالمة، يا عماد البيت في يد خولة بنت الأزور يستصرخ المتخاذلين، يا أحزان شهيد الحق في كربلاء…. صبرا فإن موعدنا القدس.
ــ آلاء يا زيتونة زرعها الكنعانيون العرب قبل آلاف السنين في جبال القدس ونابلس، يا ظلال مئذنة المسجد الأقصى، ولمعة قبة الصخرة المشرفة، يا قمة عيبال وجرزيم، يا برتقال يافا وكرمل حيفا وكرمة الخليل ومشتى أريحا وسطرا في بطولات أحمد باشا الجزار في عكا، يا زعتر السفوح بالشذى يفوح، يا ميرمية طاهرة في رحاب مقام أحد الأولياء، يا قنديلا في الحرم الإبراهيمي يضاء بدموع المظلومين…. صبرا فإن موعدنا فلسطين.
ــ كنتِ أمّا لعشرة أبناء، فأصبحتِ أمّا وأختا وابنة لمئات الملايين، تعتصر قلوبنا ألما لألمك يا أمّ الألم، نذرف لكِ ومعك دمعا سيّالا سخينا، ذات يوم سيحرق المعتدين، انفتحت لآلامك كل الصدور، وقاسمتْك همومك كل القلوب الموجوعة لوجعك المفجوعة بفقد أبنائك المبهورة بثباتك وجَلَدك وجميل صبرك.
ــ آلاء يا بستان خير وأمل بالمستقبل، تفتحت في أرجائه تسع زهرات نديات قطفتْهن باكرا أيادي الماكرين العابرين، ووقفتِ أنتِ بمريولك الأبيض وقلبك الطاهر النقيّ، وعزمك الباهر الأبيّ، تحاولين إنقاذ ما تبقى من أطفال شعبك، شعبك الجبار الشهيد الجريح الأسير الصابر المظلوم المضحي المخذول الجائع المشرَّد الظمآن المقاوم الباسل الصامد، يكتب كل يوم سِفرا نفيسا يعلّم الدنيا كيف يتشبث الأحرار في وطنهم، ويواجهون كل هذا العالم الغربي الظالم المخادع الكاذب المعتدي الوحشيّ، يصرخون في وجهه بإباء يرفض الضيم:
هذه أرضنا منذ آلاف السنين، وهذه حقيقة لن تطمسها أكاذيبكم التلمودية وتاريخكم المشوّه ووعودكم الملفّقة، وُلدنا في هذه الأرض، وسنموت عليها، والحرب بيننا وبينكم إلى أن يتحقق وعد الله. وهل يخلف الله الميعاد؟!