“ميني” مواطن !

مقال الاثنين 6-2-2017
النص الأصلي
“ميني” مواطن !
بالمناسبة نحن عادة ما نظلم الحكومات ونفسر تصرفاتها بسوء نية ، مع أن الحكومة مثل الأم لا تعلّق ولا تبررّ وتتحمّل نزقنا وانتقادنا بسعة صدر وبعد نظر ، لكن لو فكرنا ملياً بقراراتها لاكتشفنا أنها تسعى إلى مصلحتنا وسلامة أبداننا على المدى البعيد..
مثلاً عندما ارتفع سعر كيلو البطاطا لأرقام فلكية قبل أسبوعين ،هل تعتقدون أن الحكومة كانت غير قادرة على ضبطه أو فتح باب الاستيراد؟ على العكس هي قادرة وبقرار بسيط تستطيع أن تسيطر على السوق ، لكن لأنها تعرف أن البطاطا “بتنصّح” وأن معظم الأردنيين يعانون من “السُمنة” والسُّمنة سبب معظم الأمراض المزمنة فأرادت أن تجعلهم يخففون أوزانهم بطريقة غير مباشرة فرفعت سعر البطاطا…
البيض كذلك، فبعد اطلاع مجلس الوزراء على آخر الدراسات التي تشير إلى أن 80% من الأردنيين يعانون من الكولسترول..والبيض سبب رئيس في رفع الدهون في الدم ، فقد قامت الحكومة مشكورة باتخاذ قرار سري برفع سعر كرتونة البيض الى 4.5 حفاظاً على صحّتنا..
من جهة ثانية تناهى إلى مسامع الحكومة أن عمليات القلب المفتوح تضاعفت بالسنتين الأخيرتين بشكل كبير، كما أن الأردني لم يعد يكتفي بتركيب “شبكة قلب”واحدة في العملية فمعظم الأردنيين من “3 شبكات” وطالع ، لو كشفنا عن صدور الناس لاكتشفنا أن 70% منهم يحمل وسماً طبياً في القفص الصدري شقّ مقوس وآثار خياطة ، طبعاً ما سبب عمليات القلب؟بالتأكيد قلة المشي والحركة..واستخدام السيارات بكل صغيرة وكبيرة ، فرفعت البنزين بشكل خيالي لتجبر الناس على المشي وتحريك الدم ، إذا الحكومة ليس في نيتها الجباية لا سمح الله وإنما صحّة المواطن “أغلى ما يملكون”…
كما أن الحكومات لا تحاكم الفاسدين على ما سرقوه ولا تسعى لاعتقالهم ليس خوفاً منهم أو تقصير منها على الإطلاق ، كل ذلك يتم بناء على خطة مدروسة ، يتركونهم ينصحون ويسمنون وتغلق شرايينهم على مهل ومن ثم “الخلاااص”..هل تريدون عقاباً أقسى من هذا العقاب؟؟..
نعود إلى جماعتنا..إذا استطاع المواطن الأردني أن يقاطع كل سلعة يرتفع سعرها ، فحتماً سينزل معدل وزنه من “80” كغم إلى حوالي 2كغم قائم ليصبح “ميني مواطن” أو مواطن “وردي”..تخيّلوا لو أن الشعب كله “كشّ” بهذه الطريقة كم سنوفر من طعام وشراب ومواصلات ومديونية على الدولة!! …عندما يصبح المواطن بحجم “عقلة الإصبع” يكسب صحة وعافية ويوفر مساحة واستهلاك ..عندها لن نحتاج إلى جرار غاز بحجمها الحالي ،جرة غاز بحجم زجاجة العطر تكفي ، كما لن نحتاج إلى “صوبة” كما هي الآن..كل العائلة سوف تتدفأ حول “ولاّعة”…وبالتالي الدولة كلها سوف تستورد برميل نفط في الشهر يكفي ويزيد المواطنين المنكمشين وبالتالي نوفر فاتورة الطاقة على خزينة الدولة ونعطيها لأحبتنا الفاسدين عن طيب خاطر…
عندما يصبح المواطن بحجم عقلة الإصبع ، سيارة السرفيس ستتسع لثلاثين أو أربعين راكباً من الحجم الصغير..وبالتالي يخف الازدحام المروري…ويستطيع المواطن “اللي الله فاتحها عليه” أن يشتري سيارة بـ”ريموت” من أي محل العاب ويضع في قفاها “بطارية قلم” يستخدمها في الذهاب إلى عمله وتبقى أوفر ألف مرة من البنزين..
ولأن المواطن منكمش بفعل الظرف الاقتصادي..فإن المشي من غرفة الجلوس إلى الصالون سيستغرق منه ثلاث ساعات ،لذا يجب إعادة تقسيم الشقق لتتسع الشقة الواحدة إلى حي بأكمله وبهذا ستنزل قيمة الإيجارات ويعقل جنون العقارات…كما من فضائل انكماش المواطن..سيقبل الشباب على الزواج لأن تجهيز أي عروس لا يكلف أكثر من 4 دنانير…تذهب إلى محل “الدمى” تشتري لها طقم من ملابس “باربي” و”فلة” بألوان مختلفة وكان الله في السر عليم…وإذا رزقت بمولود ذكر لا داعي لأخذه للمستشفى لإجراء الطهور أو الاتصال بالمطهر الجوال…تستطيع الذهاب لأي مصلح تلفزيونات هناك لديه كاوٍ كهربائي دقيق يلحم فيه الأسلاك الدقيقة خذه وسيقوم بالواجب..
عندما “يكشّ” المواطن صحيح أننا سنسمع عن حوادث مؤسفة مثل ” قط يفترس مواطناً في جنّاعة”..لا تفزعوا من هذه الأخبار ففيها ايجابية كبيرة بحيث يصبح المواطن لا يطيل السهر خارج البيت والنوم باكراً وبالتالي توفير الكهرباء..
عندما “نكشّ” ستزدهر السياحة أيضاَ ، لأنه حتماً ستتناقل الأخبار العالمية نبأ “الشعب الذي تقلص بسبب الظروف الاقتصادية وأصبح الأردني بحجم إصبع الخنصر “،هنا سيأتي سياح بالملايين من كل العالم ليتفرجوا علينا و”سنتعربش” على أكتافهم ونتمرجح على أذانهم ونعض أصابعهم ونشدّ شواربهم ونضحكهم وهم يدفعون للدولة بكل سرور…
حسنة أخرى إذا ما “انكمشنا على خير” ستزيد فرصتنا في الخروج والتنزه في العالم ..فالمسؤول الذي بسافر إلى كل أصقاع العالم سيضعنا في “كرتونة ” ويأخذنا معه في الرحلة ، وهناك يفتح الكرتونة ويجعلنا نسيح في ساحات الحرية و”الداون تاون” نلعب ونلهو وعندما تنتهي زيارته الخاصة..يصفّر لنا فنعود للكرتونة ويعيدنا إلى الوطن…
باختصار إذا انكمشنا ، سنصبح حكاية العصر بامتياز: ” الفساد والأقزام السبعة مليون”…

أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. وازيدك من الفوائد فائدة اخرى .. بهكذا حجم عملية عصرنا ستكون اسهل على الحكومة .. كل خمسة الاف مواطن في مولينكس واحد . لفة لفتين وبتصفي وبتوخذ العصير هنيئا مريئا . ايضا من يحتج اذا سمح لنا ان نحتج كل 200 – 300 عقلة اصبع بنمعسوا مرة واحدة بضربة مقشة ناموس … ميني مواطن يعني صرنا ميني رواتب وميني خدمات وميني حقوق .
    لكن سؤالي … الشحدة علينا راح تظل كما هي وللا راح تتحول لميني شحدة؟

  2. فعلاً شر البلية ما يضحك. لسه بدنا نصغر كمان؟ هيك ومحدش منهم شايفنا بالعين المجردة.

  3. بعيدا عن الانكماش المزمن في شرايينا والاسهال المصاحب لحيوبنا .. اغتقد ان سلاح المقاطعه اثبت فعاليه وهو بالمناسبه سلاح ذو حدين , الاول في مواجهة التغول الحكومي على المواطن باعتباره بقره حلوب وحل لجميع قضاياها الاقتصاديه العالقه , والثاني في مواجهة جشع بعض التجار المستغلين لحالة التخبط في الرفع والخلع .. اعتقد ان الكره الان في مرمى المواطن ومدى استجابته لحملة المقاطعه …

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى