مفاتيح الرزق وأسبابه

#مفاتيح_الرزق وأسبابه

#ماجد_دودين

يشكو الناس في هذه الأيام من ضيق الرزق وقلّة البركة وكثرة أعباء الحياة ومستلزماتها، وأصبح طلب الرزق وتدبير المعيشة والمعاش مما يشغل بال الكثير منهم بل ويقلقه، حتى سلك كثير من الناس في سبيل الحصول عليه كل مسلك، وسعوا إليه بكل سبيل، فهذا يغش ويسرق، وذاك يُرابي ويرتشي، وثالث ينافق ويخادع، ورابع يسفك الدماء ويقطع الأرحام ويترك طاعة الله، وخامس… كل ذلك من أجل مجاراة الناس وتلبية مطالب النفس والأهل والولد.

  ونسي هؤلاء أن الله تعالى شرع لعباده الأسباب والمفاتيح التي تجلب الرزق الحلال وبيَّنها لهم، ووعد من تمسك بها وأحسن استخدامها بسعة الرزق والبركة فيه، وتكفَّل لمن أخذ بها بالنجاة مما يحذر، والرزق من حيث لا يحتسب.

وإليكم أيها الأحبّة هذه الأسباب والمفاتيح:

المفتاح الأول: الاستغفار والتوبة.

  فمتى تاب الناس إلى الله ورجعوا إليه بارك في أرزاقهم وأصلح أحوالهم. وكلما زاد استغفارك زيد رزقك وبورك فيه بإذن الله.

قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾ [سورة نوح: 10-12].

أكثر من الاستغفار فنبيك صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» [رواه أبو داود 1518 وابن ماجه 3819]. وقال صلى الله عليه وسلم: «طوبى لِمن وجدَ في صَحيفتِهِ استغفارًا كثيرًا» [رواه ابن ماجه بإسناد صحيح].

المفتاح الثاني: الإنفاق في وجوه الخير وعدم البخل:

    فمن يسّر على معسر يسّر الله له في الدنيا والآخرة، ومن فرّج كُربة المكروب فرّج الله كربته في الدنيا والآخرة، فارحموا يرحمكم من في السماء، والله يرحم من عباده الرحماء قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شيء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]،وقال تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة: 261]. فلا يمر عليك يوم إلا وتتصدق فيه ولو بالقليل يبارك الله لك في رزقك، ويدفع عنك البلاء.

المفتاح الثالث: صلة الأرحام:

   ولها فائدتان.. الأولى أنها توسع الرزق والثانية أنها تُطيل العمر، فمن أراد هاتان الميزتان.. فليكثر من صلة الأرحام.. حتى وإن كان بينه وبين أحد أقاربه جفاء.

قال صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يبسط الله له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم: «….. وإنَّ أَعجلَ الطاعةِ ثوابًا لصلَةُ الرَّحِمِ، حتى إنَّ أهلَ البيتِ ليكونوا فجَرةً، فتنمو أموالُهم، ويكثُرُ عددُهم، إذا تواصَلوا» [السلسلة الصحيحة «918»].

المفتاح الرابع: تقوى الله تعالى:

قال الله تعالى: ﴿ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾.،فكل من أراد العز في الدين والدنيا والبركة في الرزق والوقت والعمل فعليه بتقوى الله تعالى فإنها من أعظم ما اُستنزلت به الخيرات واُستدفعت المكروهات. قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف:96] والتقوى ليست هيئة معينة، ولباس معين، وحركات معينة، إنما هي تطبيق لأوامر الله وترك لما حرم الله.

ليس الولي الذي يطير في الهواء، ولا الذي يمشي على وجه الماء، ولكن الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، يراه الله حيث أمره، ويفتقده حيث نهاه.

ومن تقوى الله اتباع الأسباب المشروعة وترك التواكل والتسول، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ» [أخرجه البخاري ح (2074)، ومسلم ح (1042).].

المفتاح الخامس: الهجرة في سبيل الله..

والمقصود بها الهجرة من مكان كله معاصي وفسق إلى مكان تستطيع أن تأمن فيه على دينك وعبادتك.. فلا تساكن الفجار والفساق وتطلب من الله سعة الرزق إلا أن تكون أمناً في عبادتك وغير متأثر بهم، وكم من الناس تركوا بلاداً، هي أحب البلاد لقلوبهم ولو خيروا لاختاروها على غيرها – لكنه الرزق – فتح الله عليهم في غير أرضهم، وفي غير بلادهم. ولله الأمر من قبل ومن بعد. قال تعالى: ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً﴾ [سورة النساء: 100].

المفتاح السادس: الحج والعمرة والمتابعة بينهما.. وإياك أن تظن أن مالك ينقص بحجة أو عمرة.. واسأل من اعتاد تلك العبادة…هل نقص ماله أم زاد؟!

قال صلى الله عليه وسلم: «تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ؛ فإنَّهما يَنفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما يَنفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ، وليسَ للحَجَّةِ المبرورةِ ثَوابٌ إلَّا الجنَّةُ» [رواه أحمد وصححه الألباني].

المفتاح السابع: التوكل على الله: ومعنى التوكل هو أن تأخذ بالأسباب كلها ثم توقن أن رزقك سيصلك مهما حدث، وهو عكس التواكل الذي يعني أن تتكاسل عن طلب الرزق بحجة أن الله قد كتب الأرزاق كلها.

قال الله Q: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾ [الطلاق: من الآية 2، 3].

وقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ: تغدوا خماصًا وتروح بطانًا» [مسند أحمد (1/30)، سنن الترمذي ح (2344)، وقال: حديث حسن صحيح].

المفتاح الثامن: التفرغ لعبادة الله: وهو أن تترك تنافس الدنيا وتكتفي بالقليل الذي يكفيك.. وتبذل وقتك الباقي كله للعبادة والدعوة إلى الله، ففي الحديث القدسي:

((إنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ يا ابنَ آدمَ: تفرَّغْ لعبادتي أملأْ صدرَكَ غنًى وأسدَّ فقرَكَ وإنْ لا تفعَل ملأتُ يديْكَ شغلاً، ولم أسدَّ فقرَكَ» [سنن ابن ماجه كتاب الزهد، باب: الهم بالدنيا «4107». والألباني في الصحيحة «1359»].

المفتاح التاسع: الإنفاق على طلبة العلم: فمن كان له أخٌ أو صديق أو جار فقير يدرس ويتعلم لينفع المسلمين.. واستطاع أن يعطيه ويوسع عليه ويُغنيه عن عدم ترك العلم وطلبه كان ذلك من أبواب الرزق له. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ أخَوانِ على عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فَكانَ أحدُهُما يأتي النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ والآخرُ يحترِفُ، فشَكَى المحترفُ أخاهُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: لعلَّكَ ترزقُ بِهِ» [رواه الترمذي].

المفتاح العاشر: الإحسان والعطف على الضعفاء والمساكين: لأنّ قلوبهم أكثر صلة بالله لقلة حيلتهم وفقرهم.. فأحسن إلى من حولك منهم.. يحسن الله إليك.

ولا تنسَ الضعفاء والمساكين، فإنما بهم تُرزق ويُعطى لك، قال صلى الله عليه وسلم: «هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ؟!» [أخرجه البخاري في الجهاد، باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب (2896).].

المفتاح الحادي عشر: اللجوء إلى الله بالدعاء: فهو الملاذ في الشدة فإن ضاق عليك رزقك وعظم عليك همك وغمك وكثر عليك دَينك فالجأ إلى الله، واقرع الباب الذي لا يخيب قارعه، واسأل الله جل جلاله فهو الكريم الجواد، وما وقف أحدٌ ببابه فنحّاه، ولا رجاه عبدٌ فخيّبه في دعائه ورجاه، وفي الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري: “دخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ المسجدَ، فإذا هو برجُلٍ مِن الأنصارِ يُقالُ له: أبو أُمامةَ، فقال: يا أبا أُمامةَ، ما لي أَراك جالسًا في المسجدِ في غيرِ وقتِ الصَّلاةِ؟، قال: همومٌ لَزِمَتْني، وديونٌ يا رسولَ اللهِ، قال: أفلا أُعلِّمُك كلامًا إذا أنت قُلتَه أذْهَبَ اللهُ هَمَّك، وقَضى عنك دَينَك؟، قال: قُلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: قُلْ إذا أصبَحتَ وإذا أمسَيتَ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن الهَمِّ والحَزَنِ، وأعوذُ بك مِن العَجزِ والكسلِ، وأعوذُ بك مِن الجُبنِ والبخلِ، وأعوذُ بك مِن غلَبةِ الدَّينِ وقهرِ الرِّجالِ، قال: ففعَلتُ ذلك، فأذْهَبَ اللهُ همِّي، وقضى عنِّي دَيني. [رواه أبو داود في كتاب الوتر، باب في الاستعاذة «4/412» عون المعبود شرح سنن أبي داود].

المفتاح الثاني عشر: إقامة شرع الله في الأرض: يقول تعالى يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: 66].  من أين يأتي القحط والضُر والفساد والبلاء إلا من المعاصي والإعراض عن شرع الله قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه» [رواه الإمام أحمد وابن ماجه وضعّفه الألباني].ومتى عاش المسلمون بهذا الدين يُحكّمون شرع الله ويتحاكمون إليه ويقيمون حدوده وينفذون أحكامه ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أعزهم الله ورفعهم وبارك في أرزاقهم.

المفتاح الثاني عشر: الصلاة والذكر: فمن حافظ عليهما كُنا له نوراً ونجاةً وبركة وسعادة في الدنيا والآخرة قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه:132]. يعني إذا أقمت الصلاة يأتيك رزقك من حيث لا تحتسب.

بيتٌ فيه قاطع للصلاة بيت تقل فيه البركة، فالناس في مساجدهم والله في قضاء حوائجهم. وقال سبحانه عمن ترك الجمعة لأجل التجارة: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة:11]

المفتاح الثالث عشر: التبكير في طلب الرزق فعن صخر الغامدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ بارِك لأمتي في بُكورِها» [رواه أحمد، صحيح الجامع (1300)].

وروي عن فاطمة رضي الله عنها قالت: مرَّ بي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا مُضطجِعةٌ مُتصبِّحةٌ فحرَّكني برِجلِه، ثمَّ قال: يا بُنيَّةُ! قُومي اشهَدي رِزقَ ربِّك، ولا تكوني من الغافلين؛ فإنَّ اللهَ يقسِمُ أرزاقَ النَّاسِ ما بين طلوعِ الفجرِ إلى طلوعِ الشَّمسِ» [فيض القدير شرح الجامع الصغير 1457].

المفتاح الرابع عشر: الزواج لمن يريد العفاف: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونُهم: المُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، والمكاتَبُ الَّذي يُريدُ الأداءَ، والنَّاكِحُ الَّذي يريدُ العفافَ» [حديث حسن كما في صحيح ابن ماجه للألباني «2041»]. وقال تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور:32] 

المفتاح الخامس عشر: شُكر الله تعالى: ومن أسباب حصول الرزق وثباته ونمائه شكر الإله سبحانه، وشكره بطاعته، واستخدام نعمه فيما يُرضيه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم:7].

المفتاح السادس عشر: الصدق في التجارة: من أسباب البركة الصدق في التجارة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». [صحيح البخاري]

ومع العمل بمفاتيح الرزق وأسبابه لا بدّ من الانتباه إلى الأمور التالية:

     السبب والمسبب: إنّ الرزق سبب والله هو وحده ربُّ الأسباب فلا نتعلق بالسبب وننسى المُسبب جل وعلا، ولو أذن الله لعبدٍ برزق لن يستطيع أحد أن يمنعه ولو اجتمع أهل السماوات والأرض.

   لماذا الرزق: إن الرزق يُجرىَ للعبد، ليستعين به على طاعة ربه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنما خلق الله الخلق، ليعبدوه، وإنما خلق الزرق لهم، ليستعينوا به على عبادته”.

    العطاء ليس دليل محبة والحرمان ليس دليل غضب: إن عطاء الله، وإغداقه سبحانه في الرزق على العبد، لا يدل على محبة الله لهذا العبد، ورضاه عنه قال تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ﴾ [البقرة: 126]، فلو وُسِّعَ عليك في رزقك، وأصبحت تربح الألوف بدل المئات، والملايين بدل الألوف، فلا تظن بأن هذا بسبب محبة الله لك، فالله قد يُعطي الفجار أكثر من الأبرار، وقد يرزق الكافرين أضعاف أضعاف المسلمين.

  أربع x أربع: قال أحد الصالحين: أربعة تجلب الرزق قيام الليل وكثرة الاستغفار بالأسحار وتعاهد الصدقة والذكر أول النهار وآخره، وأربعة تمنع الرزق نوم الصبحة وقلة الصلاة والكسل والخيانة “.

أنواع الرزق: الرزق أوسع بكثير من أن يُقيّد بالمال، إن آتاك الله وجاهة، إن آتاك الله طلاقة، إن آتاك الله حكمة، إن آتاك الله مالاً، إن آتاك الله منصباً، إن آتاك الله علماً فأنفق مما رزقك الله.

الرزق نوعان: ظاهر وهو الأقوات والأطعمة وكل ما ينتفع به الجسم، البيت، السيارة، أما الرزق الباطن هو أن تعرف الله، هو أن تتصل به، هو أن تتقرب إليه، هو أن تُقبل عليه، هو أن يُلقي في قلبك نوراً، فمعرفة الله رزق، طاعته رزق، التوكل عليه رزق، الثقة به رزق، الإقبال عليه رزق.

   الرزق مكتوب فلا تقلق: إنَّ الله قدّر المقادير وقسَّم الأرزاق وحدَّد الآجال قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وما من إنسان يُنفخ فيه الروح إلا ويُكتَب رزقه وأجله وشقي أو سعيد، فأطمأن ولا تقلق.

  الناس في كسب المال ثلاثة أنواع، رجلٌ شغله معاشه عن معاده فهو من الهالكين، ومن شغله معاده عن معاشه فهو من الفائزين، ورجل شغله معاشه لمعاده فهو من المقتصدين، وقليلُ تؤدي شكره خير من كثير لا تؤدي شكره، وقليل يكفيك خير من كثير يُطغيك.

الرزق قسمان: رزقٌ يطلبك ورزقٌ تطلبه فأما الذي يطلبك فسوف يأتيك ولو على ضعفك. وأما الذي تطلبه فلن يأتيك إلا بسعيك وهو أيضاً من رزقك، فالأول فضل الله والثاني عدل الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى