وصفي; أيقونة الحضور في يقين الغياب

وصفي; أيقونة الحضور في يقين الغياب
شبلي العجارمة

تسع وأربعون خريفاً ولم يأن الربيع يا أبا مصطفی ,تسع وأربعون عجافا وما بلل الندی وجه الأقحوان الحزين ,أٓه في ظل الأمنيات يا وصفي أمنياتُُ عقيمة , وفي سرد الوجع وجع أٓخر أکثر إيلاماً وموت .
لا زلنا نشم ورد دمك علی جواز السفر وقاٸمة الدين الذي کان ثمناً لانتماٸك للتراب والأرض والمحراث ,ولا زالت روحك تطوف بنا کلما افتقدنا راٸحة التعب الممزوج بالملح وعجاج البيدر الطيب ,أٓه يا وصفي من حزنك الذي لم يرتب بعد !,ومن فقدك الذي غادر معجم استيعابنا هول الخبر الممتد بأوجاعنا ونواح الحراٸر,لا زلت الحداد الذي ما برح أسوار الياسمين وأرصفة الوحشة والغياب .
لما خبأت النموذج الوصفي في کفنك ولذت بالغياب ?,لما أرخيت سدول الليل الطويل ولم تترك نافذة تفسر الغياب البعيد ?,لکنك کل تشرين تعود فينا مثل بشاٸر المطر ,تلملم أرکان السحاب قبل أفول تشرين الحزين, فقط نخرج أقلامنا من محابرها السوداء والورق الأصفر الحزين ونرتل هذا البعد لغةً وحزناً ووجع,ونکفکف خطوط الرمد عن رموشنا الحجرية ونلثم الکف شرفة الجبين ونرسل النظرات خلف الغيم والأفق البعيد نرقب طيفك الضنين بالأفول کي يکذب موتك فينا وسخرية الحزن والخبر الکذوب .
لما تٶملنا بموتك أنه إحدی سخرياتك الطويلة وتنتهي بعد قليل بإيابك الأکيد !,نرقبك خلف بيدر الحصاد القادم لعلك خبأت هذا الموت بين قصيد السنابل وحداء الحصادين,يا باقة الشومر في کوفية الفلاح ,يا أنشودة البلابل الحزينة علی جداول الماء المسافر نحو الجنوب حيث رفيف روحك وخضاب دمك وأنات قلبك الأخيرة البعيدة .
يا وصفي مذ رحلت ونحن شعب مسلوب الأماني نحضن وطناً جريح ,نسافر في جوعنا وغربتنا وطعنات السرو الذي غرسناه ظلاً حتی صار حطباً لمواقد السماسرة وأعواد مشانق تغتال فرحة العيد من أعين الأطفال ومخارز تغتال أکفنا الخشنة من علی سور الوطن .
تسع وأربعون خلت ولا زلت زوادة الحزن وأيقونة الأمل ,تسع وأربعون مضت ولا زلت يقين الغياب وأيقونة الحضور وإن زادنا البعد وحشةً وحنين!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى