نواب دليفري / سهير جرادات

نواب “دليفري”
سهير جرادات

الهذه الدرجة وصلوا ،أم إلى هذه الدرجة وصلنا نحن ؟!.

أن يأتيك هاتف من أحد المرشحين في منطقتك الانتخابية يبادر فيه بعد التعريف بنفسه ، بالسؤال عنك ،والاطمئنان عن أحوالك وأمورك ، وإذا ما كنت بحاجة إلى أي مساعدة يمكنه أن يقدمها لك .. فهذا أمر عادي في مرحلة التحضير للترشح وخوض الانتخابات النيابية.

لكن الأمر غير العادي أن يوجه لك هذا الشخص ،دعوة على مائدة الإفطار في الشهر الفضيل، وعند اعتذارك بعد الاستهجان من الاسلوب ، يبادرك بالإستفسار عن عدد أفراد أسرتك وأعمارهم، ليتمكن من ايصال الإفطار إليك بالوقت المحدد..

إذا افترضنا حسن النوايا فإنه يكون بهذه الطريقة، قد كسب الأجر بافطار الصائم ، لكن بالحسابات الانتخابية يجدها البعض طريقة ذكية لكسب الأصوات والسعي لتحقيق الفوز ، وفي الأصل فهي طريقة مقززة لاحصاء عدد الأصوات، التي سيحصدها مقابل تلك الدعوة، ليظفر بمعقد تحت قبة البرلمان .
وعلى كل الأحوال ، وباعتماد هذا الأسلوب يكون قد تحول بعض مرشحي النيابة إلى نواب “دليفيري”، يقومون بايصال “المال الأسود” إلى حيث يوجد صوت الناخب عن طريق وجبات ، أو طرود ، أو.. ، أو .. ليصلوا بذلك إلى مجلس الشعب،ويحققوا من خلالها المكتسبات الشخصية بالدرجة الاولى والأخيرة،والأدهى أن كل هذا يحدث في وضح النهار ودون خجل .

مقالات ذات صلة

أليست هذه العملية التي يستخدمها بعض المرشحين في حملاتهم الانتخابية ، هي ” المال السياسي “أو “المال الأسود ” ، التي يتم فيها شراء أصوات الناخبين والتأثيرعلى سلامة العملية الانتخابية!.

بهذه الطريقة يحول هؤلاء المرشحين العملية الانتخابية إلى عملية تجارية ، طرفي المعادله فيها .. بائع ومشتري ، وسلعة تباع بأبخس الاثمان .. والسؤال المطروح ، لماذا يقبل البائع بأن يبيع صوته بثمن بخس لمرشح ؟ هل لقناعته بأن من يريده لن ينجح ؟ ولن ينجح الا من يريدون له النجاح ، أم لقناعته بأن جل ما يريد هو مجلس خدمات يقدم له احتياجاته الشخصية من باب المصلحة الخاصة ، التي تطغى على المصلحة العامة ؟

عن أي مجلس تتحدثون ؟ عن مجلس ” عاطل ” ، أم عن شخص يقبل أن يقدم صوته لمن يقدم له أكثر،فيكون بذلك أكثر “عطاله “منه ، عندما يقبل المال الأسود الذي يستخدم لإفساد الحياة السياسية وإضعافها من خلال شراء أصوات الناخبين ، بائعين بذلك ذممهم، وفي المقابل يبيع بعض النواب أصواتهم ومواقفهم تحت القبة .

هل المواطن هو المسؤول عن ما وصل إليه من سوء الحال ، وأفسح المجال أمام المرشح أن يستخف بعقله وكرامته ، أم من المسؤول ؟
لم تعد خدمة ” الدليفيري ” تقتصر على توصيل السلع إلى المكان الذي ترغب ، بل توسعت هذه الخدمة لتشمل خدمة توصيل شراء صوت الناخب ، لتدخل هذه الخدمة إلى حلبة الحملات الانتخابية ، ليسجل المرشحون الذين يستخدمون هذه الخدمة أدنى درجات الاحترام ، بالمقابل أيضا وبنفس المقياس يسجل الناخب أدنى مستويات الاستحقاق بالاحترام .

وبالتالي نكون بذلك قد وصلنا ،ليس فقط إلى ظاهرة النواب ” الدليفيري ” ، إنما نصل إلى مجلس يعتمد نهج ” دليفيري” في الموافقة على التشريعات والقوانين التي يكون آخر همها مصلحة الوطن والمواطن .

المضحك في الأمر أن هذا النائب الفذ ، الذي ينوي الترشح عن منطقة الحيتان ، “ومن عمى قلبه” هو ومن يعملون في حملته الانتخابية أنهم لم ينتبهوا إلى هوية الأحوال المدنية للصوت المراد، حيث يتبع الصوت إلى الدائرة الأنتخابية الأولى في منطقة قصبة إربد .

ندعو الله أن يحمي بلدنا من أصحاب الوجوه السوداء، أصحاب المال الأسود..
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى