هل للمعلم ساعات دوام؟

هل للمعلم ساعات دوام؟
د. ذوقان عبيدات

قيل كثيراً إن المعلمين يستمتعون بوقت فراغ طويل، فاذا كان معدل نصاب المعلم الأسبوعي عشرين حصة، هذا يعني أنه يعمل خمس عشرة ساعة أسبوعياً على مدى سبعة شهور سنوياً. وهذا أقل وقت ممكن لأي عامل في الدنيا. إذن يمتلك المعلم وقتاً طويلاً للراحة بعيداً عن العمل. لقد أجاب المعلمون – وأعتقد ان إجابتهم صحيحة: إن وقت التدريس يتطلب وقتاً قبلياً للإعداد للحصة، ووقتاً بعدياً لعمليات المراجعة والتقييم والتأمل ….الخ.

وفي الجامعات ، فظن المسؤولون الى الوقت الطويل الذي يستمتع فيه أعضاء الهيئة التدريسية بعيداً عن طلبتهم، وأقروا نظاماً للساعات المكتبية الذي بقي شكلياً لا يلتزم به كثيرون، وفي الخلاصة ، إن المعلمين في المدارس والجامعات يستمتعون بوقت فراغ طويل جداً.

ثلاث حصص إلى اربع يومياً للمعلم، ومحاضرتان يومياً أو ليس يومياً لأستاذ الجامعة. ومع ذلك يشكو الطرفان أن رواتبهم اقل مما ينبغي !!

مقالات ذات صلة

قد تكون الشكاوي محقة، فالدخل قليل جداً إذا قيس بمتطلبات الحياة لا بمجرد الأداء.

هذه المقدمة لتوضيح الواقع، وليست هي سبب المقالة ! إن التعليم يتعرض هذه الأيام الى أشكال جديدة مثل التعليم عن بعد أو التعليم المدمج أو المقلوب، فزادت الشكاوي، وزاد الحرص على تفاعل الطلبة مع المعلمين.

وزادت الحاجة إلى تواصل الطلبة مع المعلمين بشكل دائم: ففي دول عديدة يحق للطبة التواصل مع المعلمين في أي وقت خارج أوقات الدوام الرسمي، فللطلبة حاجاتهم، وقلنا لهم أن يعملوا في البيت ومن البيت. فمن سيقدم لهم المساعدة. إذا كنا نرى للمعلم ساعات دوام ولا يجوز أن نزعجه خارجها!!؟

إذا كان التعليم مهنة – وهو ما يجب أن يكون – فصاحب المهنة مسؤول عن تطوير مهنته ودعمها وتحسين سمعتها، والترويج لها. والعمل على ذلك ليل نهار. ومن أخلاقيات المهنة أن يقدم المهني مساعدته في أي وقت. فالطبيب مثلاً يعلن عن كل عناوينه أمام الجمهور، وملتزم بمساعدة صاحب الحاجة في أي وقت خلال الأربع والعشرين ساعة!

قد يقال هذا مع أصحاب المهن، ولكل مهنة مزايا عديدة توفر لصاحبها الكرامة والمكانة والعيش الجيد. فهل وفرنا للمعلم مثل هذا؟ الجواب:

لم نوفر لهم ذلك!!

***

إضطرت الوزارة إلى التعيلم عن بعد. وشكا كثيرون من انعدام التفاعل: طالب – معلم. ومع ذلك نسمع من يعترض على تواصل الطلبة مع المعلمين خارج أوقات الدوام!! في التعليم عن بعد لا ساعات دوام. بل هناك حاجات لتواصل دائم مع المعلمين خارج ساعات الدوام. هناك مدارس خاصة تفتخر بتواصل طلبتها مع معلميها في أي وقت. وكما قلت هناك دول تلزم المعلمين بالتواصل مع الطلبة والإجابة عن أسئلتهم. إذا كان هذا في التعلم عن قرب فالحاجة تزداد كثيراً في التعلم عن بعد!

وهذه ليس بدعة. فمعظم العاملين هذه الأيام يعملون مع شركاتهم ومؤسساتهم طوال الوقت لا مجرد ساعات الدوام! والذي يمنع أن تكون عناوين المعلم جميعها مع الطلبة؟ وأن يكونوا تحت الطلب on call في كل الأوقات؟

هل يحق لأحد الاعتراض على حق الطلبة في التواصل مع المعلمين طوال الوقت؟ بعض الأهالي لا يريدون لأبنائهم كشف حساباتهم أمام المعلمين! وبعض المسؤولين يصرحون علنا بأنه بلا يجوز أن نزعج المعلمين خارج أوقات الدوام!!

لا أتحدث عن تضامن! ولا تضحيات! إنه حق الطلبة الذي لا جدال فيه!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى