نقش الذات

نقش الذات
جمال الدويري

الشاي والنعناع, ودمي مداد كتابيه
وأنا, وقرطاسي وأقلامي تلوك صعابيه,
نصحو على نهمٍ بنا,
وعلى نهمٍ, اشرّع بابيه
للحرف, للأفق البعيد يأخذني الإبا,
فتطل من سفح الكلام قبابيه,
ويروض الأوراق وجداني بسيف الحبر,
فتمخر السفن الجِماح عبابيه
أطفو على سطح الخيال, وألواني معي,
اسمو مع الإنسان بي, وريشة الفنان ترسم ما بيه
عامان عمري, رغم شيبي والسنين, اولها أنا,
وثانيها ربيع شبابيه,
من سكّْري المخمور اسكبني انا,
من خاطري المكسور تطفح خابيه,
من نبعي الصافي وشهد رحيقه
في دريَّ المنثور طعم زلابيه
انا لا احابي اي ذائقة ولا,
دليّ تصب محابيه
لا امدح الوالي ولا ضادي به,
لهباته, عبدا يجرّ ربابيه
في صدري المكلوم اكتمها اذا
طلت على شرفات هضابيه
بل اخنق المدح الرخيص بمهده,
فيبادل الزفر الصدوق سبابيه
هذي نقاط الحرف تشبه أعظمي,
وعجينة الصلصال لون ترابيه
قلمي عصايَ تهش على شلايا الشعرْ
ولي مآرب اخريات, تستثير دوابيه,
القي بها, فتلقف ما الحواة رموا,
ما يأفكون, وكل دابٍ حابيه
فوح الخزامي وسوسنتي بها,
فرحي, وبها يفيض عذابيه
وطني يطل من كلمي ندىً,
فيكتسب اليباب من داني قطوف خصابيه
وأكاد اغفو بالحروف لأشهر,
او ربما اني فقدت صوابيه
في اربد الشما أعيد انا الصبا,
وأرى شموخ المجد رهن مؤابيه,
جبت البوادي في سروج الشعر,
وأروم في الأغوار نسج ثيابيه
في الأردن الكبرى تطوف غمائمي
وتطوف بالدنيا كؤوس شرابيه
لا ابكي الأطلال, في بوحي هنا
ولا في صدى روحي اجترار شعابيه
بل انقش الذات التي في داخلي,
وكأن من ضادي تشب نِجابيه
الصمت رعد لا يجلجل في الفضا
حتى صدى روحي تكون جوابيه
هذا انا يا قوم لعثمة الكلامْ,
وبعثرة القطا, تنظّم في السما اسرابيه
رغم انجذاب الروح للأثر القديمْ
جبل أظل, وصلد شامخ, ارنو الى اعرابيه,
وأرى الجدود الطيبين بها,
وأشم كل الطيب في احبابيه
رغم الضباب وفارغة السحاب,
ورغم تل صعابيه
امشي الى الهيجا بواثقة الخطى
وأنسج من حروف طنافسي جلبابيه
امضي الى العلياء في معراجها
سجادة الأردن في محرابيه
ارنو الى قصب السباق بمجدنا
والسيف يسبقني وحرابيه
وغدا ستشرق شمسنا,
والبدر يطلع اذ تخرّ شهابيه
وإذا وقعت فكبوة جامح,
ويفز مهر المجد مع اترابيه
اني على مر العصور كما انا
صقرٌ, ووصفي لم يزل عرّابيه
لن انحني للهوج ان ثارت ولا,
يوما يلين خطابيه
اني انا السكين لا,
هذا الذي في يَدَيْ قصّابيه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى