ابني على حق ، وأنا على خطأ / سهى عبد الهادي

ابني على حق ، وأنا على خطأ

نعم ، لقد تعمدت ان يكون العنوان صادما بعض الشئ ولي في ذلك مآرب عدة : اولها شد انتباه من لا تستهويهم قرآءة التدوينات الطويلة نسبيا بينما تجذبهم العناوين غير المألوفة ، وثانيا لإبتغائي قلب القالب الذي تعودنا عليه في التربية رأسا على عقب وكسر النظرة التقليدية للأدوار المرسومة بإحكام يقتل معه النفس والروح …

ابناؤنا هم ابناء هذا العصر السريع والمتطور بشكل مذهل ، عصر الانفتاح المعلوماتي بأوسع ابوابه ، عصر التعليم بدون معلم وعصر التعلم الذاتي بدون منازع ، عصر تزاوج وتبادل الثقافات دون وجود حدود وحواجز ، عصر كسر قيود العادات والتقاليد التي انتهت مدة صلاحيتها ، وعصر التأمل والتفكير لمن اراد ان يرتقي ….

ومع ذلك ، لا زال يحلو للبعض منا ان يعيش داخل الصندوق مغلقا على نفسه وحابسا معه طاقات شبابية متفجرة بالحياة ، لا يسعها ابدا صندوقه الضيق الذي عفا عليه وعافه الزمن واكل عليه الدهر وشرب …

مقالات ذات صلة

ابناؤنا لا يطلبون الكثير فهم يطلبون حقوقا مشروعة في حرية الإختيار والقرار في امور تخصهم وهم لا يتعدون بذلك على أحد ، ويأملون فقط أن ننظر اليهم نظرة ملؤها الإحترام لرأيهم وتجربتهم الصغيرة في الحياة كتجربة ذات قيمة نستطيع نحن انفسنا كآباء ان نستفيد منها … نعم نستفيد منها ، ولم لا ؟

تعودنا لسنين طوال ان يكون لنا الرأي الأصوب والأفضل فيما يخص حياتنا وحياة اولادنا فهم ولو اصبحوا شبابا لا زالوا في اعيننا اطفالا ، وعليه فقد ظل فينا من يقرر لأبنائه التخصص الذي يدرسونه دون اعتبار لميولهم وقدراتهم ، فقط لأنه يعتقد انه اقدر على رؤية مصلحتهم وتخطيط مستقبلهم ، ولا زال بيننا من يختار ويتجرأ ان يقرر حتى ولو بطريقة غير مباشرة من هو شريك الحياة الأفضل لإبنه او ابنته بحجة انه اخبر وأعلم بالحياة السعيدة ومقوماتها ، وامثلة اخرى عديدة جدا لا يتسع المجال لذكرها كلها ولكن كلها تصب وترفد نهر حكمتنا العظيمة التي لا يعلو عليها شئ …

ما المانع ان يكون الحوار والحكمة والفائدة بإتجاهين بدل اتجاه واحد ، وما المانع بأن يكون ابني على حق وأنا على خطأ ، بمعنى لماذا لا نستفيد نحن كآباء من ابنائنا ونظرتهم للحياة وما فيها من تجارب جديدة تساعدنا على الخروج من صندوقنا وقوقعتنا التي ارتحنا فيها لعقود طويلة ، فنكتسب منهم القدرة على التجديد ، وحب الإكتشاف ، والنظر للأمور بمنظار آخر نرى به زوايا متعددة تجعلنا اقدر على التعامل معها بطرق مبتكرة لم نعهدها من قبل … وهناك الكثير الكثير الذي نستطيع ان نتعلمه من ابنائنا … ولسوف تدهشون جدا من حجم الفوائد التي سوف تعود عليكم وعليهم …
فقط … ، افتحوا الأبواب لأنفسكم ولأبنائكم لتخرجوا من الصندوق …

واخيرا لمن هو متردد وخائف بأن يجرب ما ذكرت ، اقول : لا تتردد واقدم بكل حماس وإصرار لإن ما ينتظرك شي جميل جدا ، ومشاعر واحاسيس رائعة ، وسعادة ورضا لا يعادلها شئ ، والأهم ابناء صالحين يقدرونك ويسمعون لك بكل حب وإحترام …

وتأكد أن ما تزرعه اليوم تحصده غدا …
اللهم احمي واحفظ ووفق ابناؤنا جميعا ….،

سهى عبد الهادي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى