نقابة أساتذة الجامعات الأردنية..!

نقابة أساتذة الجامعات الأردنية..!
د. مفضي المومني

أعرف ان العنوان سيستفز الكثيرين، سيما ونحن في معمعة نقابة المعلمين، ومجرد ذكر نقابة ولأعضاء هيئات التدريس في جامعاتنا الأردنية سيدخلنا في باب المحرمات والتابوهات التي يجب الإبتعاد عنها، ومع كل ما يقال فنحن بحاجة لفهم الديمقراطية بشكل صحيح، لأننا شعب وحكومة (بنخلط زيت) على رأي الميكانيكي إياه… ومعروف المصطلح ونتداوله كثيراً ..!
العلة من الأساس أننا وحكوماتنا نلعب لعبة القط والفأر ، ايام الأحكام العرفية كانت الأحزاب من المحرمات، والإنتماء الحزبي كافي لجعلك مواطن من الدرجة العاشرة ملاحق أمنياً وشعبياً… ! وعندها ذهب النشطاء وأصحاب الأيديولوجيات اليمينية واليسارية إلى النقابات، ليمارسوا السياسة والمعارضةوهدفهم الوصول للسلطة، من خلال البيت النقابي ، والذي هو بالأصل يجب أن يرعى المهنة وأصحابها، وأن تكون السياسة توجه يخص كل فرد فيها وليس لوناً تتلون فيه النقابة خضراء أو بيضاء..! نعم تغلق الحكومات باب الحياة الحزبية وتدخل المعارضة ومعها النشطاء من باب النقابات، وأنا لا أنكر على النقابات أن تكون صوت الوطن ولها رأيها في الأمور المفصلية، ولكن يجب أن لا تتحول النقابات إلى أحزاب سياسية، ويجب أن لا تُغتَصَب وتركب موجتها أحزاب أيديولوجية لم تستطيع النجاح شعبياً.
من هذه المفارقات والممارسات التي صنعناها حكومة وشعباً عبر اجيال وعقود من المناكفات والسياسات الخرقاء لطرفي المعادلة، أصبح هنالك تخوف حكومي من أي نقابة وخاصة النقابات الكبيرة ومنها نقابة المعلمين أو نقابة أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الأردنية، وبعد مخاض عسير وإستشارات دستورية مرة مع ومرة ضد خرجت نقابة المعلمين للنور، وها هي تختفي مرغمة لأن أطراف اللعبة لم يتقنوا لعبة الديموقراطية، فالنقابة عينها على السياسة والسلطة والحكومة مرعوبة من تغول النقابة ومسها لهيبتها ولي ذراعها، وفي الوسط أطراف متنفعة، لا تريد الخير للبلد تؤجج نار الفرقة وتصور الديموقراطية، بعبعاً يلاحق الأردنيين يظهر في المنام ويخرج من تحت الأرض (ويسُود عيشتهم) ويجب أن نحاربه.
أما أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، وهم بيت الخبرة وصفوة المجتمع، فما المانع أن تكون لهم نقابة..؟ ترعى شؤونهم وتكون رديفاً لوزارة التعليم العالي ومجلسه، وترعى مصالح أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، والذين يتعرضون للكثير من التغول والتسلط والإعتداء على الحقوق من إدارات جامعية إمتهنت ذلك، وفي ذات الوقت لا تجد من يردعها، وزير التعليم العالي يأتيه المشتكون على سلوكات وتغول وإنتهاك لحقوق أعضاء هيئة التدريس من بعض رؤساء الجامعات يندى لها الجبين وتدخل في باب التجريم، ويعرف في قرارة نفسه ان الشكاوي محقة، لكنه يجيب ليس لي سلطه على الجامعة، وإذا (خاطبتهم رايحين يردوا بطرق قانونية حتى لو غلط وكذب)، وإصبح الأستاذ الجامعي زائراً دائم يطرق باب القضاء تارة وتارة أبواب مجلس النواب وتارة الوزراء وتارة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ورئاسة الوزراء، والديوان الملكي… والجهات الأمنية… وبدل أن يذهب لطلبته وأبحاثه وعمله الأكاديمي صار يضيع وقته بالبحث عن حقوقه والتظلم لدى جهات مختلفة، ولو كان هنالك نقابة ترعى أحوال الأستاذ الجامعي لحملت عنه هذا الهم، ولما تغول بعض رؤساء الجامعات وأخذتهم العزة بالإثم متسلحين بمنظومة التشريعات المنكوبة على ايديهم..!
غياب المحاسبة والرقابة والتقييم الصحيح للإدارات الجامعية، وللأسف مجالس الأمناء في غفلة من أمرها وأصبحت مرتهنة بيد بعض الرؤساء فبدل أن تراقب وتحاسب، أصبحت تتذلل له لجني المكاسب والمصالح والتعيينات..!، تجربة لم تنجح ويجب إعادة النظر فيها، أما أستقلالية الجامعات التي أخذت شرعيتها على أساس الحرية الأكاديمية، فحولها البعض إلى سلطة مطلقة ومفسدة مطلقة.
وعليه وفي غياب أي جسم رقابي ينظم ويكبح تغول الإدارات الجامعية، وسلبية دور وزارة التعليم العالي ومجلسه، أصبح لا بد من طرح فكرة نقابة أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الأردنية، وأن تكون نقابة مهنية ترعى حقوق العاملين وتكبح جماح الإنفلات لبعض الإدارات الجامعية، بحيث تكون رديفاً ومشاركاً في صنع القرار والإستراتيجيات للتعليم العالي، وأن يُمَثَل أعضاء هيئات التدريس بكل شؤون التعليم العالي سيما وأن عددهم يفوق 12 ألف عضو هيئة تدريس في جامعاتنا الوطنية رسمية وخاصة، ….فقد أصبح موضوع نقابة أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الأردنية حاجة ملحة، ونقول لوزارة التعليم العالي أن مصفوفتها للتعليم العالي وكل ما تقوم به من جهود لن ينجح في ظل ذات الإدارات الجامعية ومماراساتها التي لا تعترف بالتشريعات وتبتعد عن الأكاديميا وتمارس الموبقات..!
ومن الآن أؤكد على أن لا تكون هذه النقابة مسيسة، وأن تكون مهنية فقط، تساهم وتساعد في تطوير وتعزيز شأن التعليم العالي في بلدنا، وأن لا يكون هدفها مناكفة الدولة ممثلة بالحكومة، وأما من أراد ممارسة السياسة فباب الأحزاب موجود، ولا مجال لمزايدات..! فكلنا أبناء هذا الوطن، نحبه ونحب له ولأهله كل خير
حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى