نعم يحدث أن

نعم يحدث أن
جروان المعاني

اذا ما استعرضنا صحف الصباح والمواقع الالكترونية ستصاب بالصداع من كم المديح والذم، من حجم الدم، والفارق بين حياتنا وحياة تلك البلاد التي ترفل بالسلام والرفاه.
(هذه الأمور يمكن أن تحدث) هذا ما رد به قائد المنطقة الجنوبية لدولة الاحتلال بعد قصفٍ ادى الى استشهاد تسعة من عائلة السواركة الغزاوية، نعم، ويحدث ان عود ثقاب صغير يمكن ان يشعل حريقا يلتهم الاف الاشجار في غابة، ويحدث ان يتهم نائبان ناشطان معروفان بصدقهم وغيرتهم على البلاد والعباد في حين يرتع في النعيم من اسس للفساد ومارسه على مدار سنوات طوال، نعم كل ذلك يحدث، ويمكن ان يحدث ما هو اكثر من ذلك.
تذكر روايات التاريخ عددا من قصص الظلم حيث اشتهر بعض المؤرخين (بطول اللسان في الباطل) فزوروا الحقائق، فها هو قراقوش الحاكم الذي يتصف بالأمانة والقوة يصفه احد مؤرخي صلاح الدين الايوبي بأبشع الصور ويكتب فيه كتابا بعنوان (الفاشوش، في أحكام قراقوش) وكذلك فعل الشاعر المتنبي وشوه صورة كافور الاخشيدي بقصيدة ما زلنا نرددها زورا، واصفا اياه بالعبد قائلا لا تشتري العبد الا والعصا معه، كل ذلك لأنه لم يمنحه منصبا في الدولة، مع ان كافور كان معروفا بأنه حاكم عادل معتدل مستأمن على العرش حتى يبلغ الملك سن الرشد.
نعم صدق رب العزة في قوله (وكُنا نخوض مع الخائضين) حيث هذه الامور يمكن ان تحدث فنشوه تاريخ احدهم لنبرئ انفسنا، نلصق به التهم لنبدو نحن اجمل، فتنتشر على مواقع التواصل الضلالات والاباطيل، فيدرك عدونا هشاشة اخلاقياتنا فيقصف غزة ليجد من ملتنا من يبرر له افعاله، ويوجد بيننا من يتجرأ على الطعن بأصحاب المواقف فينقسم المجتمع على نفسه ودوما يكون السيف قد سبق العذل فلا ينفع لوم وتذهب العدالة ادراج الريح.
دوما كان صبر الاردنيين اكبر واقوى من كل محاولات نشر الفوضى، وصرنا نهرب للنكتة او للتبرير حتى لا نُجر باتجاه المواجهة مع الواقع، مع السعي الحثيث لخلق هوية إدارية وطنية تذهب بأحلامها بعيدا لتستولد تجربة مشابهة لتجربة وصفي التل رحمه الله.
كثيرة هي الأيديولوجيات المهترئة التي بررت للديكتاتورية استمرارها، فيتمجد وتُخلّد اسماء القتلة والمجرمون، وتذهب اسماء البسطاء والضحايا ادراج الريح، ويصبح الأمين خائنا والظالم مظلوماً ويستشهدون بآيات من القرآن قائلين (وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون) وربما لا ابتعد كثيرا اذا قلت باننا جميعا في الجريمة سواء، حيث نمارس التحليل والتضليل بقصدٍ وغير قصد، فتضيع الحقيقة ودوما يدفع الثمن الضعفاء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى