نداء لحماية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.. تأثُّر فضاءات اللجوء والصمود بضغوطات عدة

سواليف

أعادت جائحة كوفيد -19 ومنذ أوائل عام 2020، تسليط الضوء مرة أخرى على هشاشة حياة الفلسطينيين في المنفى، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط. فمع تزايد الضغوطات والآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للأزمة، تصاعدت التوترات داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحولها. وإلى الآن، لم تبرز الاحتجاجات والحوادث في المخيمات إلى الواجهة، إلا أنه ومن الواضح أن أزمة كوفيد-19 قد فاقمت من الإحباط المشروع والإرهاق المتفشي بين سكانها. وللأسف، فليست هذه المرة الأولى التي يعاني فيها الأشخاص الأكثر ضعفًا وحرمانًا من حقوقهم من اللاجئين، ومن بينهم شباب المخيمات، من العبء الأكبر الناتج عن أزمة أوسع نطاقًا مع تعرضهم للاستغلال. وفي هذا الصدد، تحث منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) على توخي اليقظة و تقديم الدعم الإضافي للاجئين في هذه الأوقات الحرجة، كما تدعو إلى حماية المخيمات الفلسطينية إذ تمثّل ملاذات للجوء والصمود.

ما تزال المخيمات الفلسطينية تلمس وترًا حساسًا في منطقتنا الجميلة والمعذّبة، وهي شهادة على جرح لم يندمل بعد، كما يمثل وجودها في حد ذاته السلب والظلم المستمرين منذ انقضاء 73 عامًا على النكبة. حيث تواترت حالات عدم الاستقرار والأزمات بقوة في المخيمات، وكان لها تداعيات على حياة الملايين الذين يعيشون فيها، بدءًا من قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وانتهاء بالأردن ولبنان وسوريا وخارجها. وفي كثير من الأحيان، تعرضت المخيمات الفلسطينية للاضطراب أو تأثرت بخلاف ذلك بالنزاع في المنطقة بدلًا من أن تكون هذه المخيمات ملاذًا آمنًا. هذا وأثرت كل من حرب 1967، والصراع في الأردن في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، والحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، والانتفاضتان الأولى والثانية في فلسطين المحتلة، والحصار والحروب الثلاث في قطاع غزة، والصراع في سوريا جميعها بأشكال متفاوتة على المخيمات الفلسطينية وسكانها. حيث مُحيت مخيمات بأكملها أو أجزاء كبيرة منها بين عشية وضحاها في بعض الحالات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قيام عناصر مسلحة بالبحث عن مأوى لها بين اللاجئين المدنيين. وغالبًا ما كان الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون الأبرياء عصيًّا على الفهم، ما يزيد الملح على جراح المنفى التي لم تلتئم بعد. كما لاقت المجتمعات الفلسطينية في الكويت وليبيا والعراق مصيرًا صعبًا كذلك.

يجبرنا هذا الواقع المؤلم على تذكر واقع أنه وعلى عكس التصور العام السائد، فإن المخيمات ليست “بؤر مقاومة”، ولكنها أولًا وقبل كل شيء، الأماكن التي أعيد فيها بناء حياة الفلسطينيين في المنفى. هي مهد حق العودة ، وفضاءات الحب والحياة، وتشكل بشكل جماعي جزءًا مهمًا من النسيج الاجتماعي للأمة الفلسطينية وتغريبتها. لذلك لا بد من حماية المخيمات، لتستمر في لعب دورها كمركز حياة العديد من الفلسطينيين، وخاصة الأطفال والشباب منهم، إلى حين الوصول إلى حل عادل و دائم حول مستقبل اللاجئين. الأمر الذي يستلزم الحفاظ على التماسك الاجتماعي ومنع استغلال اللاجئين وقضيتهم كبيادق في صراعات الآخرين، والتي تنشأ في مكان آخر، وفي كثير من الأحيان أيضًا. تتطلب حماية المخيمات كذلك إدراك أهمية الحفاظ على الظروف المعيشية والارتقاء بها، وتعزيز حقوق اللاجئين في مختلف البلدان المضيفة، بشكل لا يعرض حق العودة أو القضية الفلسطينية للخطر. بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، تنبع حقوق العودة والتعويض من الظلم التاريخي المصاحب لولادة قضية اللاجئين، والتي أصبحت أقوى مع مرور الوقت والمزيد من تقدم القانون الدولي.

تتطلب حماية المخيمات توفير دعم سخي ومستقر للأونروا والتي أُنشئت لتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم أولئك المقيمين في المخيمات، حيث تنامت مسؤوليتها ووكالتها باستمرار فيما يتعلق بهؤلاء اللاجئين، كونها الكيان الرئيسي للأمم المتحدة المسؤول عن التعامل معهم في المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي. وإذ تبدي منظمة النهضة (أرض) قلقها البالغ إزاء الأزمة المالية المستمرة للأونروا ، والتي فاقمت أزمة كوفيد-19 أثرها بشكل مأساوي، فإنها تدعو مانحي الوكالة إلى تكثيف دعمهم على أساس متعدد السنوات وبرؤية طويلة المدى. وعليه، ترى المنظمة في مؤتمر الأونروا القادم فرصة لإعادة النظر بشكل حاسم في الطريقة التي تم التعامل بها مع قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومراجعة كيفية تفسير الأونروا لتفويضها وتنفيذه على مدى العقود السبعة الماضية.

تدعو منظمة النهضة (أرض) اللاجئين، والشباب الفلسطيني على وجه الخصوص، إلى توجيه تطلعاتهم وطاقاتهم نحو تنمية مجتمعاتهم المحلية جنبًا إلى جنب مع المجتمعات المضيفة في المنطقة. حيث أظهر هؤلاء الشباب بالفعل في كثير من الحالات نضجهم في مقاومة أي دعوات للتطرف والعنف وإدانتها، ونحن إذ نشجعهم على الاستمرار في القيام بذلك باستخدام قنوات المجتمع المدني الحالية لتعزيز الحوار الضروري مع سلطات الحكومة المضيفة، فإننا نؤكد التزام منظمة النهضة (أرض) وفي إطار شبكتها الدولية لخبراء القضية الفلسطينية، بالعمل مع الشباب الفلسطيني ودعمهم لتطوير معارفهم فيما يخص حقوق اللاجئين، والعمل على تعزيز تمثيلهم، وبناء قدرات المناصرة والمشاركة المدنية لديهم. كما ندعو الشباب ليكونوا قوى التغيير والأمل نحو المستقبل الأفضل الذي تنشده منطقتنا وتتطلع مجتمعاتنا إليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى