ميدل إيست آي: حظر إسرائيل للحركة الإسلامية “انعطاف خطير”

نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا للصحافي جوناثون كوك، قال فيه إن الحكومة الإسرائيلية قررت يوم الثلاثاء حظر الحركة الإسلامية الرئيسة، وهو ما اعتبره قياديون فلسطينيون في إسرائيل منعطفا خطرا في علاقة اسرائيل بأقليتها الكبيرة من الفلسطينيين.

ويقول كوك: “هذا القرار يدفع بالحركة الدينية والاجتماعية والسياسية، التي تمثل رأي قطاع لا بأس به من المواطنين الإسرائيليين الفلسطينيين، البالغ عددهم 1.6 مليون، الذين يشكلون خمس عدد سكان إسرائيل، إلى العمل السري”.

ويشير التقرير إلى أن عضو الكنيست الفلسطيني جمال زحالقة وصف القرار بأنه “إعلان حرب” ضد الأقلية الفلسطينية. وقال للموقع: “هو هجوم ليس فقط على الحركة الإسلامية في الشمال، ولكن على مجتمعنا كله”.. لافتا هو وغيره من قيادات المجتمع الفلسطيني إلى أن الحركة الإسلامية لم تستخدم أو تدع إلى العنف. وأضاف أن الحظر مبني على الأجندة الخاصة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي.

ويقول زحالقة للموقع: “نتنياهو زعامة تحتاج إلى إيجاد أعداء، فالاتفاق الذي عقدته أمريكا مع إيران مؤخرا حرمه من البعبع الرئيس. والسلطة الفلسطينية تساعده أمنيا في الضفة الغربية، وغزة هادئة. فهو يسعى ليصنع عدوا من المواطنين الفلسطينيين. وخلال الانتخابات بدأ تحريضه البشع بالقول إننا سنخرج للتصويت (بجموع كبيرة)، والآن وضع الحركة الإسلامية هدفا، ولكنه لن يتوقف عند هذا”.

ويلفت الكاتب إلى أن “نتنياهو ناقش خططا لحظر الحركة الإسلامية الفرع الشمالي، التي يقودها الشيخ رائد صلاح، لأول مرة قبل عامين، ولكن الخوف من الشجب الدولي ونصيحة أجهزته الأمنية بأن مثل هذه الخطوة لا يمكن تبريرها أمنيا، جعلاه يتوقف في وقتها”.

وينقل التقرير عن أستاذ الدراسات السياسية في جامعة حيفا البروفيسور أسعد غانم، قوله إن نتنياهو استغل هجوم تنظيم الدولة في باريس يوم الجمعة ليتحرك، وأضاف: “هو يقوم بمقارنة خاطئة بين الحركة الإسلامية وأعنف مجموعة مسلحة إسلامية، ليقنع الأوروبيين بأن ما فعله مرتبط بمكافحة الإرهاب”.

ويذكر الموقع أن نتنياهو قال في إعلانه الحركة الإسلامية “حركة محظورة”، إنها ترفض حق إسرائيل في الوجود، وتدعو إلى قيام خلافة إسلامية في مكانها. مشيرة إلى أن الشرطة الإسرائيلية قامت صباح الثلاثاء بمداهمة مكتب الحركة الإسلامية الرئيسي في أم الفحم، بالإضافة إلى عشرات الجمعيات الخيرية، ومكاتب الخدمات الاجتماعية في الناصرة ويافا وكفر كنا والطرعان وبير السبع ورهط، وتم اغلاق 17 مؤسسة أخرى، واستدعاء القيادات للتحقيق، وتمت مصادرة الحواسيب والملفات، وتجميد حسابات المؤسسات البنكية.

ويعلق غانم بأن هذا التحرك يرسل رسالة للمواطنين الفلسطينيين، مفادها أن “باب المشاركة في العملية الديمقراطية مغلق في وجوههم”. وأضاف للموقع: “بالإضافة إلى كون هذا التحرك خطيرا سياسيا، فإنه سينظر إليه على أنه اعتداء على المعتقد الإسلامي. وكانت الحركة تمول وتنظم دروسا للطلاب لحفظ القرآن، وسيتم التعامل معها بعد اليوم على أنها غير قانونية”. موضحا أنه لم يتغير شيء في الحركة الإسلامية على مدى العشر سنوات الماضية، وأن الذي تغير فقط هو “التطرف السياسي لنتنياهو وحكومته”.

ويورد التقرير أن مركز “عدالة” قال إن الأمر العسكري من وزير الدفاع موشي يعالون أتى بناء على قوانين الطوارئ لحكومة الانتداب البريطاني على فلسطين. ويهدد القرار باعتقال وسجن أي شخص يبقى على علاقة بالمنظمة أو يقدم خدماتها. ووصف مركز “عدالة” الإجراء بـ “التدبير العدواني والصادم، لأجل قمع الحركة السياسية التي تمثل جزءا كبيرا من الشعب الفلسطيني في إسرائيل”.

ويذكر كوك أن الشيخ صلاح شجب الحظر قائلا إن حركته ستستمر في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في المدينة القديمة، مما سماه التهديدات الإسرائيلية. واعتاد صلاح على الاصطدام بالمسؤولين الإسرائيليين على مدى أكثر من عقد، بقيادته لحملة تحمل شعار “الأقصى في خطر” محذرا من أن إسرائيل “تسعى إلى إضعاف السيادة الإسلامية على الأقصى”.

وينوه الموقع إلى أن إسرائيل حظرت في شهر أيلول/ سبتمبر مجموعة المرابطين، وهي مجموعة من الطلاب المسلمين التابعين للحركة الإسلامية، الذين كانوا يقومون بحراسة الأقصى، ويشتبكون مع المتطرفين اليهود، الذين تسمح لهم السلطات الإسرائيلية بدخول المسجد بأعداد متزايدة.

ويفيد تقرير بأن نتنياهو ووزراء أخرين يتهمون الشيخ صلاح بالتحريض، ويحملونه مسؤولية موجة الاحتجاجات، وما يسمى الهجمات الفردية بالسكاكين على مدى الأسابيع الماضية. وقال صلاح: “سأتخذ الخطوات القانونية اللازمة في إسرائيل ودوليا كلها لرد الإجراءات التي اتخذت ضد الحركة”.

ويشير الكاتب إلى أن الحركة الإسلامية تشكلت في سبعينيات القرن الماضي حزبا سياسيا وموفرا للخدمات الدينية والاجتماعية، وانقسمت في تسعينيات القرن الماضي، حيث قاد الشيخ صلاح الفرع الشمالي، الذي يرفض المشاركة في انتخابات الكنيست. وتدير الحركة رياض أطفال وعيادات طبية ومساجد وصحيفة ونوادي رياضية. وهي أيضا عضو أساسي في لجنة المتابعة، وهي الجسم الوحيد الممثل للأقلية الفلسطينية، وقال رئيس اللجنة محمد بركة إن الحركة الإسلامية ستستمر في المشاركة رغم الحظر.

وبحسب الموقع، فإن صحيفة “هآرتس” قد نشرت تقريرا قبل أسبوعين فقط، تقول فيه إن تحقيقا قامت به الشين بيت على مدى عام، لم يجد دعائم أمنية لحظر الحركة. وقال وزيران لم يذكر اسميهما للصحيفة إن رئيس الشين بيت يورام كوهين أخبر الحكومة الأمنية أنه يعارض أي تحرك لتجريم الحركة، التي تضم 10 آلاف عضو، وقال لهم إن ذلك سيجلب “الضرر أكثر من الفائدة”.

ويقول غانم للموقع إن وجهة نظر الشين بيت مبنية على التقدير بأن السماح للحركة الإسلامية بالعمل “يضمن أن يكون نشاطها السياسي منفتحا وأقرب إلى التيار الرئيس، ويمنع اضطرارها إلى العمل السري. وكون نتنياهو كان رأيه معاكسا، فإن هذا يقول لنا إن قراره كان سياسيا وليس أمنيا”.

ويلفت التقرير إلى أن كلا من زحالقة وغانم يخشيان أن يستهدف نتنياهو التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يرأسه زحالقة، حيث اتهم نتنياهو الشهر الماضي الحزب بالتآمر مع حركة حماس وتنظيم الدولة. وقامت الحكومة الإسرائيلية مباشرة بإطلاق حملة دعائية تتهم فيها الحركة الإسلامية بالتعاون مع “الإرهاب” ضد إسرائيل. وقالت وثيقة أطلقها مكتب نتنياهو إن الحركة هي “حركة شقيقة لحركة حماس الإرهابية. وتتعاون هاتان الحركتان مع بعضهما سرا وبشكل مستمر”.

ويكشف كوك عن أن وزير الأمن العام جلعاد إردان، ذهب إلى أبعد من ذلك، فقال: “الحركة الإسلامية وحركة حماس وتنظيم الدولة، وغيرها من المنظمات الإرهابية، لديها منبر أيديولوجي مشترك يقود إلى الهجمات الإرهابية في العالم، وموجة الهجمات الإرهابية في إسرائيل”.

وقال غانم إن الادعاء بأن هناك أرضية مشتركة بين الحركة الإسلامية وتنظيم الدوله هو ادعاء مناف للمنطق.

وينقل التقرير عن المتحدث باسم الحركة الإسلامية الشمالية زكي أغبارية، وصفه تصنيف الحكومة لمنظمته بـ”التحريض السياسي”، وقال: “وجدت نفسي اليوم فجأة أنني أصبحت مجرما، وهذا يعني أنهم جرموا دعم الدفاع عن المسجد الأقصى أو الفلسطينيين تحت الاحتلال، أو الحقوق المتساوية للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، أو تقديم المساعدات الاجتماعية للطلاب والمعاقين”.

ويورد الموقع أن رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة وصف التحرك ضد الحركة الإسلامية بأنه “دون شك سياسي، واضطهاد غير ديمقراطي، ويشكل جزءا من عملية نزع للشرعية تشنها حكومة نتنياهو ضد المواطنين العرب”.

ويستدرك الكاتب بأنه رغم ذلك، فإن القرار حظي بدعم كبير من الأحزاب اليهودية، بما في ذلك حزب المعارضة الرئيسي، الاتحاد الصهيوني. واستغل نتنياهو المناخ السائد على المستوى الإقليمي والدولي ضد النشاط الإسلامي السياسي. مبينا أن هجمات باريس والأجواء التي خلقتها في أوروبا وأمريكا، تجعل نتنياهو يطمئن إلى أن المجتمع الدولي لن يدقق كثيرا في مدى صحة المقارنة بين الحركة الإسلامية وتنظيم الدولة.

وينقل التقرير عن أستاذ علم الاجتماع في جامعة حيفا البروفيسور سامي سموحة، قوله إن استطلاعاته تظهر أن الحركة الإسلامية تحظى بتأييد 42% من المواطنين الفلسطينيين.

ويختم “ميدل إيست آي” تقريره بالإشارة إلى أن الشيخ صلاح سيبدأ الأسبوع القادم حكما بالسجن لمدة 11 شهرا، بعد إدانته في محكمة إسرائيلية، بتهمة التحريض خلال خطبة ألقاها في القدس عام 2007، مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يسجن فيها الشيخ صلاح، الذي يلقبه الفلسطينيون بشيخ الأقصى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى