من نظرتي تعرف إني…أردني / م . عبدالكريم ابو زنيمه

من نظرتي تعرف إني…أردني
هذه الكلمات من أغنية أردنية وكما اعتقد أن اسمها أنا العزيز بموطني ، وأكاد اجزم بان كل أردني يعتز بمغزى هذه الكلمات وبمعانيها التي تعبر عن الكبرياء والعزة والرفاه وراحة البال،لكن الواقع المرير الذي يعيشه غالبية الشعب الأردني عكس هذه الصورة ، فنتيجة للسياسات الفاشلة والخنوع لكل البرامج السياسية والاقتصادية المفروضة من الخارج ومع غياب العمل المؤسسي والرقابي والتشريعي والاعتماد على جيب المواطن كملاذ لرفد الخزينة ولسد نفقات مؤسسة الفساد تم الزج بغالبية الشعب الأردني إلى البؤس والشقاء والجوع والفقر والبطالة ، وأصبح المواطن الأردني يعرف من نظرة عينيه المليئة بالحسرة والألم من واقعه المعيشي والحياتي ، مع الغياب الكامل لأي أمل مستقبلي مشرق يعيد البهجة والفرح والسرور لوجوه الأردنيين ، فالأغنياء والمتنفذين يزدادون غنى وثرواتهم تتضخم وطوابير الفقراء والجياع تزداد طولا.
في 18/12/2015م ذهبت للصراف الآلي لسحب ما تبقى لي من نقود وكان يقف عند الصراف شخص أعرفه لكنه لم ينتبه لقدومي وكان يدخل المعلومات الخاصة ببطاقته البنكية ،وبنظرة لم اتعمدها إليها قرأت على الشاشة بأنه لا يوجد له رصيد، سحب من جيبه بطاقة أخرى عرفت فيما بعد أنها تخص زوجته وادخلها في الصراف وبعد لحظات خرجت البطاقة وظهر على الشاشة بأنه لا يوجد رصيد أيضا ، استدار للخلف وكل هموم الدنيا تنطق في عيونه التي كادت أن تنفجر من الألم والغضب ، تصافحنا حيث أني اعرفه حق المعرفة…شاب في مقتبل العمر خلوق ومؤدب…متزوج وله طفلان… هو وزوجته جامعيان ويعملان في القطاع الحكومي ومجموع راتبيهما يلامس (800) دينار ، أدركت ومن تعابير وجهه وعينيه بأنه بأمس الحاجة للمال ، وبعد حديث قصير تبين بأنه يسابق الزمن لاستلام راتبه وأنه تأمل بأن الرواتب ستنزل قبل موعدها بحكم نهاية السنة،عرضت عليه مبلغا من المال لسد حاجته لكنه رفض في بادئ الأمر ، لكني أوضحت له بأني لا أعطيه هبة ولا صدقة وان عليه تسديد هذا المبلغ خلال أسبوع عند استلامه للراتب ، أخذ المبلغ وهنا بانت الدموع في عينيه واقسم بالله بأن لا يوجد في بيتهم حليب لطفله من صباح الأمس !
سردت هذه الحادثة طبعا بعد الاستئذان منه لأبين ما وصلت إليه حال معيشتنا ، فهذه الحالة تبين نموذج الأسرة الأردنية (زوجان عاملان لديهما طفلان فقط ) لا يكفيهما دخلهما الشهري لعشرين يوماً للعيش بالحد الأدنى ! وأقسم بالله عندما سدد لي المبلغ بأنه يتجنب المرور أمام المطاعم وخاصة التي تعرض شواء اللحم عندما يكون برفقة زوجته وابنه الأكبر ذو الست سنوات !
إذا كانت هذه الأسرة النموذجية هذا حالها فما هو حال الأسر الأردنية الأخرى التي يعمل بها رب الأسرة فقط ؟! ما هو حال الأسر الذي لا يعمل بها أحد ؟! ما هو حال المتقاضين للمعونة الوطنية ؟!
استطيع وبكل ثقة أن أتحدث باسم كل فقير ومعدم وموظف بأننا نصبر على الجوع والفقر والحرمان لو أن المسؤولين في هذا الوطن يخططون ويعملون لصالح الوطن والعباد ،لكن أن يخطط هؤلاء لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم فقط فهذا يعني السقوط بنا شعبا ووطنا إلى الهاوية والبوادر تلوح في الأفق… وليعذرني كاتب ومغني الأغنية لان المعنى تغير عكس ما أراده ” من بؤسي وفقري وجوعي…تعرف أني أردني !!!
غالبية الأردنين تحت خط الفقر بكثير على الرغم وجود الكثير من الجامعيين الموظفين لكن غلاء إيجار البيوت والشقق وغلاء الاسعار مع تدني سلم الرواتب جعل طموح كل مواطن الهجرة للعمل في دول الخليج ليحصل على احتياجاته العادية . ولو فتح باب الهجرة للعمل لكل الموظفين الحكوميين ما تأخر منهم أحد سوى قلة قليلة تعد على الأصابع .
فمن أين تأتي العزة لغريب ؟! ومن أين تأتي العزة لموظف فقير لا يجد ثمن دواء لابنه المريض او حليب لطفله الرضيع …من أين ؟! وأنتم تعرفون أن الفقر في هذا الزمن أصبح أكثر تغولا في ظل السياسات الاقتصادية العالمية التي جعلت الفقير اكثر فقرا والغني اكثر غني ،فكيف أن اجتمع هذا والفساد الذي اصبح غولا يطحن المواطن الفقير .
امنحوا مواطننا العزة بالقضاء على الفساد والمحسوبية وتشجيع الكفاءات وبناء المشاريع الاقتصادية الوطنية التي ترفد الخزينة مع حصول المواطن على دخل يفي بكل احتياجاته ،ويا نوابنا الاكارم ها هي دورتكم تشارف على النهاية شرعوا ولو قانونا واحدا لصالح المواطن الاردني يحظر بموجبه عرض وشواء اللحوم على قارعة الطرقات في الشوارع والاماكن العامة !!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أنا العزيز بموطني.. من نخوتي و لهجتي بتعرف إني أردني (محمد خير) …………… تسلم إيدك وما عليك زود
    بصراحة أنا أؤويد قانون بمنع عرض وشواء اللحمة على قارعة الطريق وفي الأماكن العامة . تحياتي

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى