من أبو مالك ؟ / يوسف القرشي

من أبو مالك ؟
خطر على بالي هذا السؤال وأنا أقرا مقالا لإحدى أشهر كاتبات الأعمدة في صحيفة يومية ، حيث كانت يومها تتحدث عن مبحث عميق داخل الفكر السياسي الإسلامي وذكرت أحد الأقوال ناسبة إياه لأبي مالك وابن حنيفة والشافعي ، أذكر أنها أيضا تجاوزت مرحلة نقل الأقوال إلى مرحلة الترجيح بينها والوصول إلى نتيجة عظيمة : الخليفة لم يكن يوماً حاكما للدولة الإسلامية !! ومع الوصول إلى مثل هذه النتيجة الكارثية فقهيا وشرعيا وفكرياً لم يعلق في بالي من المقال إلا سؤال واحد .. من هو أبو مالك ؟
لربما هو خطأ بسيط صدر من شخص مضطر للكتابة ، لكنه يختزل وبصورة رائعة كمية الخلط داخل الخطاب الليبرالي الأردني ، والذي يشاع على حساب خطابات أكثر اعتدالاً وموضوعية ، حيث يحاول هذا الخطاب توجيه الرأي العام ضد المشروع المحافظ بصوره المختلفة ، مروجاً لاختراق خطوط مجتمعية حمراء ، ومتاجراً بثقافة النخبة ، تلك التي طالما اعتبرت نفسها الوحيدة على الساحة .
النتائج عند كتّاب هذا الاتجاه موضوعة سلفاً ، ومحاولة ربط موضوع المقال بالنتيجة ترقى لذلك الرابط العجيب الذي كنا نضحك له صغاراً ، فتفاجأ مثلاُ – وقد حدث هذا فعلاً – أن الكاتب يبدأ مقاله ساخطاً على الطرق الرديئة ، متذمراً من تأخره عن عمله ، ثم ينتهي به المطاف متهماً للمناهج بالـتطرف وأئمة المساجد بالتخلف .
ذات الكاتبة في مقال آخر تنتقد وضع الخطاب الإسلامي وتلمز بـ ” تهاون الدولة ” التي تسمح بمثل هذا الخطاب ، ويتضح من الفقرات الأولى لمقالها أنها لا تكاد تميز بين الجماعات الإسلامية ، حيث تخلط بين حركات دعوية وتوجهات عقدية وآراء سياسية أحيانا غير موجودة على الساحة الأردنية وتصف أفعالاً لجماعة وتنسبها لأخرى ، وتنتهي في آخر المقال إلى ضرورة عزل هؤلاء عن المجتمع الأردني .
لربما من أهم ما يميز هذا الخطاب كمية وافرة من التعميمات المعلبة ، تصنع خصيصاً لتكون قابلة للاستهلاك عند أول موجة ، حيث يتهياً للمتابع اليومي أن القوم “يكوبسون ” بالأئمة والخطباء ليلة ، و بالمناهج ليلة أخرى .. ليستيقظوا بعد ذلك مترجمين لتلك الكوابيس قبل سيجارة الصباح مقالاً صميدعيا من العيار الثقيل .
لربما وقع الخطاب الليبرالي في ذات ما صدع رؤوسنا برفضه ، الليبراليون في بلدي لايقبلون الآخر ، يحكمون على الشخص بناءا على كمية الشعر في وجهه ، وهم مستعدون لوسمك بكل ما يخطر في بالك من ألفاظ التخلف والرجعية والجهل ، لمجرد أنك غير منتم لبلادهم التي يعيشون فيها ليس معهم أحد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى