” ملوخية خضراء ! “

” ملوخية خضراء ! ”
د. محمد شواقفة

قد يستغرب البعض اختياري لبعض العناوين و لكن أرجو أن تصل فكرتي بكل وضوح.

نحن معشر المغتربين نرى الاشياء مضخمة و فيه قدر كبير من التفخيم و التبجيل أحيانا. لربما تعبيرا عن الشوق و الحنين أحيانا و ربما في مرات كثيرة لا تعدو كونها لحظات ضعف و استسلام لذكرى عابرة.

لا تستغربوا كثيرا عندما يحتفل المغترب ببضع حبات من اللوز الأخضر و يتصور معهن و كأنه فتح روما. فنحن نعايش حالة من الحرمان العاطفي و الحسي لكل ما يعتقده البعض أمورا مسلما بها … فترانا نداعب بعضنا بصور او فيديوهات عن الكنافة و نتشارك صور الخبز و حبات الفلافل و لا يمر علينا جلسة الا و نستذكر زياراتنا لبعض المحلات الشعبية و اسواق الحسبة … فتجتمع ذكرياتنا احيانا باسكدنيا و مرات تصبح جعبورا او حمصا اخضر …

مقالات ذات صلة

لا يهمنا كثيرا إن رآنا البعض نبالغ في هذه الامنيات الصغيرة … و لكنهم لا يعلمون أن كل ما ذكرناه و ربما أكثر متوفر و ربما طوال أيام السنة . و لكنهم لا يعلمون أنها فقط حجج لاستذكار أيام خلت و رفقة لم تعد ممكنة … يبحثون في خبايا قصصهم و بين سطورها على لحظات عاشوها و هم يفتقدون ابطال تلك الحكايات …من رحل منهم و من حفرت السنون على صفحة وجهه بقايا قصص لم تكتمل.

بسبب الحظر بتنا نطلب عبر خدمة التوصيل و طلبت فيما طلبت ” ملوخية “. وصلتني الطلبية و كان فيها ضمة من ” الملوخية الخضراء ” و التي ظننتها نعناع اخضر . و لا تعلمون كم فرحت بها و لكنها صغيرة جدا ولاتكفي لأي طبخة. تواصلت مع المحل و طلبت ان يرسلوا لي على الاقل عشر ربطات.

أمضيت جل نهاري أقطع أوراق الملوخية الخضراء ورقة ورقة حتى تخدرت رجلاي تحتي .مع أنني لست من عاشقي الملوخية و لكنها ذكرتني بأيامنا مع الأحبة . عندما كانت أمي رحمها الله و كل سيدات الحارة يشترين حمولة ” البك أب ” و يكون يوما لتفريط الملوخية بامتياز.

هل تدرك حكومة المنصات و النهفات كم نحن شعب بسيط لا تعدو أحلامنا أكثر من ذلك بقليل أو كثير !!. لا نريد منكم أن تبادلونا الحب و لا أن تفرشوا دروب عودتنا بالورد .

لم نطالبكم بمحاسبة الفاسدين الذين أرغمونا على اجتياز حدود الوطن هربا من بطش الفقر و العوز و البطالة. و لم نعاتبكم على الحرمان من أهلنا و ذوينا لنؤمن أبناءنا في مدرسة أو جامعة لم تعد متوفرة لهم بذنب انهم غرباء !. لم نحاسبكم على اعمارنا التي تلاشت لكي نستطيع أن نشتري قطعة أرض فيما قد تكون لنا قبرا يضمنا بعد أن لفظنا حضن الوطن !

لا نعترض على رائحة الفساد و لا نكترث للتنفيعات و ليس من شأننا أن ننتقد أي سياسات و لا تهمنا فعلا الواسطات. و كل ما بقي لنا في الوطن من بقايا أهل ربما ينتظرون عودتنا.

هل تعلمون أن أكثر مكان يزوره المغتربون عند عودتهم هي المقابر !!!

” احتج علي ابنائي على مشروع الملوخية و طلبوا طعاما ذا نكهة أجنبية !!”

“دبوس على الاغتراب !”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى