معرض أبوحلاوة في «التشكيليين».. انحياز تعبيري للأنوثة

ما بين المعرض الذي أقامه في شهر آب الماضي في مدينة جرش «جدران بلا أسقف»، ومعرضه الحالي في صالة توفيق السيد في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، تتحدد ملامح الطريق الذي سلكته تجربة الفنان كمال أبوحلاوة في تطورها الذي لم يتوقف. «جدران بلا أسقف» قدم أبوحلاوة بوصفه فنانا يسعى لتحديد شخصية فنية خاصة من خلال بحثه الدؤوب عن أسلوب يقنعه لذلك، فقد توزعت أعماله في ذاك المعرض ما بين التعبيرية والتجريدية؛ ومع هذا التنوع في الأسلوب تنوعت المواضيع التي اهتم بها، وكذلك التقنيات التي استخدمها، فصور من خلال ألوان الأكريليك وخلائط من التقنيات المختلفة الفراغ الهائل في العواصم العربية والزلزال الذي أحدثه ما يسمى «الربيع العربي» ولا زالت تعاني منه.. إذ تحولت حدائقها إلى مقابر. المعرض نفسه عكس وقفة فنان أمام زمن معطوب ودموي. في المعرض الحالي يبدو أبوحلاوة وقد حسم خياراته بين الأساليب العديدة منتقياً منها أسلوبا هو أقرب إلى التعبيرية، أما التقنيات فلا يبدو أن مادة قد حازت على رضاه أكثر من ألوان الأكريليك، ولا يعني ما سبق أن الفنان أبوحلاوة قد اختار واحدة من تجاربه واعتمدها أسلوباً له، وإنما يمكن القول، إن نتائج هذه التجارب انصبت في تجاه واحد، فاستطاع بذلك الانتقال إلى مرحلة أكثر تطوراً ضمن الأسلوب الذي وجد نفسه مُنّشداً إليه، ولهذا من يتابع أعماله. يلحظ بسهولة أية قفزة للأمام حققها في أعماله المعروضة الـ(16) في معرضه الحالي والتي نفذ معظمها خلال هذا العام. الفنان نفسه اتخذ من المرأة.. عنصراً أساسياً لأعماله، ضمن وضعيات وتكوينات صامتة، لكنها بليغة الدلالة والتعبير! كما أن المرأة أو وجهها، عنصر لا يغيب من لوحة أبو حلاوة، تارة يأخذه وحيدا صامتا، وتارة أخرى يربطه مع عناصر مكملة كسنابل القمح أو الورود أو النباتات.. حيث شكلت المرأة عالما جميلا متآلفا منسجما أشبه ما يكون بالحلم؛ ويطل عالمها على الفراغ والوحشة والسكون وما يكرس الألق النبيل في ملامح وجوه نساء أبوحلاوة الوداعة المسالمة الذاهبة بعيدا في الحزن الصامت! العيون الجامدة التي ترصد الخوف والخواء. لقد جاءت الصياغة الفنية والتي قد لا تختلف كثيراً بموضوعاتها التي خص فيها المرأة برومانسيتها وشفافيتها اللونية والتي تنتمي لمنظومة البني وتدريجاته بإتقان مع ألوان أخرى وإضاءة ساطعة بجميع الاتجاهات من خلال الأبيض الذي وشح به المشهد بكامله بضربات ريشة سريعة أضفت  بعدا تشكيلياً لخصوصية تجربته. كمال أبوحلاوة رسام يمتلك من الموهبة الكثير، ومن الحس الفني والرؤية الصحيحة مما يجعله متفوقاً في استشفاف التكوين الأجمل والمتخيل لواقع رائع. سيما أن معرضه الحالي حمل كشفاً فنياً موفقاً، تواكب في الشكل والمضمون، في إطار عاطفة صادقة؛ ما يؤكد أننا أمام فنان يعيش فنه أولاً، ثم يسكبه في لوحاته ثانياً

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى