مطالبات بتعجيل تغليظ عقوبات المعتدين على المعلمين

تفاقمت ظاهرة الاعتداءات على المعلمين منذ مطلع العام الحالي، دعت أوساط تربوية إلى سرعة ترجمة قرار مجلس الوزراء القاضي بإجراء تعديلات على قانون العقوبات فيما يتعلق بتغليظ العقوبة ضد المعتدين على المعلمين والمؤسسات التربوية.
ونص المشروع المعدل للقانون الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا على: “إذا وقع الفعل على أحد المعلمين أو الأطباء أو أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات أو الكليات أو الممرضين أثناء ممارسته لوظيفته، أو من أجل ما أجراه بحكمها، عوقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة”.
وسجل الأسبوع الماضي “رقما قياسيا في حالات الاعتداء على المعلمين بلغ نحو 7″، وفق نقابة المعلمين التي أكدت أن حالات الاعتداء منذ بداية العام الدراسي الحالي وحتى الآن بلغت “نحو 47 حالة اعتداء”.
كما سجلت أمس حادثة اعتداء جديدة على معلمين في مدرسة بلال بن رباح الأساسية في لواء الرصيفة بمحافظة الزرقاء.
ورحب نقيب المعلمين حسام مشة بقرار الحكومة بالموافقة على إجراء تعديلات على قانون العقوبات تغلظ من العقوبات على “كل من يعتدي على المعلمين والمؤسسات التربوية”، استكمالا لموافقتها السابقة على تعديل قانون يجرم التقارير الطبية المخالفة للواقع “الكيدية”.
وقال إن هذا القرار الهام جاء “متزامنا مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات على المعلمين مؤخرا، بعدما سجلت النقابة نحو 85 حالة اعتداء مثبتة العام الماضي وعشرات الحالات غير المثبتة التي شهدتها مختلف المدارس في محافظات المملكة، ما جعلها ظاهرة تهدد أمن وسلامة المعلمين وطلابهم”.
وأضاف مشه، لـ”الغد”، إن “هذا القرار جاء استجابة لسلسلة طويلة من الفعاليات النقابية والرصد الإعلامي والقانوني المستمر لها من قبل النقابة منذ أكثر من عام ونصف العام”، مؤكدا “أن الحل لا يتوقف فقط في مادة بقانون بل يجب أن يتعداها إلى حلول مجتمعية وقانونية وتشريعية”.
وبين أن العقوبة “يجب أن لا تستبدل بغرامة مالية، بل يجب أن يعاقب المعتدي بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، ويمكن أن تزيد المدة حسب طبيعة الاعتداء”، لافتا الى ضرورة تطبيق العقوبة كونها “ستحد بشكل كبير من هذه الظاهرة”.
وأوضح مشه أن “موضوع الاعتداء على المعلمين قديم وليس جديدا، وأن النقابة بدأت تتحدث في هذا الموضوع منذ فترة طويلة، لكنه أخذ شكل الزيارات الرسمية للمسؤولين منذ 18 شهرا تقريبا”.
وقال إن هذه الظاهرة تعتبر “مؤرقة وتستوجب الدراسة والبحث في أسبابها ودوافعها وطرق معالجتها، نظرا للتداعيات السلبية التربوية والاجتماعية والأمنية لها”، لافتا إلى أن “المعلم خط أحمر وأن الاعتداء عليه جريمة لا تغتفر”.
وبلغت حالات الاعتداء على المعلمين خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 39، مقارنة بـ25 خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، وفق بيان سابق للنقابة أوضح أن “نسبة حالات الاعتداء على المعلمين ازدادت خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وأنه تم تحويل 10 % منها إلى القضاء، فيما تم التعامل مع الباقي عن طريق المراضاة”.
وأوضح البيان أن حالات الاعتداء على المعلمين “تنوعت بين لفظية إلى جسدية كما شملت أيضا الاعتداء على ممتلكاتهم كالسيارات وعلى ممتلكات المدارس وغرف الإدارة والصفوف واستخدمت العصي والقناوي فيما استخدم آخرون المشارط والأمواس والمواسير وفي بعض الحالات كان التهديد بالسلاح”.
وأشار مشة إلى أن التطور النوعي والأخطر في الظاهرة “استخدام الأسلحة النارية والقنابل الحارقة لإرهاب المعلمين وتخويفهم ومنعهم من ممارسة مهامهم الوظيفية بكل موضوعية ومهنية، حتى وصل الأمر الى الاعتداء على المعلمين خارج أوقات الدوام الرسمي وفي عطلهم”.
ولفت إلى أن الأسبوع الماضي “شهد اعتداءات منفصلة بمناطق مختلفة في المملكة، ولكن الأسوأ ما حدث مع المعلمة في مدرسة تماضر بنت عمر بعمان، التي تعرضت للضرب المبرح من قبل أحد أولياء الأمور، ما تسبب لها بارتجاج في الدماغ”.
وأكد أن هناك “تباشير وإيضاحات نعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح قام بها مجلس الوزراء، تمثل بقرار تغليظ العقوبة على من يعتدي على المعلم، ورفعه الى ديوان الرأي والتشريع، ولعلها استجابة واضحة لمطالب النقابة بهذا الملف”.
وشدد مشه على أن من “يريد أن يحفظ هيبة هذا الوطن فليحفظها من خلال حفظه لهيبة المعلم”، مطالبا جميع المعلمين بأن “لا يسقطوا حقهم الشخصي في الاعتداء حفاظا عليهم وعلى زملائهم، وحتى لا يصبح أمر الاعتداء على المعلم سهلا ويحل بجاهة وفنجان قهوة”.
وأشار إلى أن النقابة “ستطالب بالحق العام حتى لو أسقط المعلم حقه لإعادة الهيبة للتعليم وللمعلم حتى تنتهي هذه الظاهرة أو تتلاشى”، لأن بقاءها يعتبر “أزمة اخلاقية كبيرة يجب أن تزول، ويجب أن يعنى بهذا الأمر جميع  المسؤولين”.
من جانبه، أيد وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي إجراء تعديل لقانون العقوبات، مؤكداً “ضرورة العمل على اتجاهين للقضاء على هذه الظاهرة، الاول يتمثل بإيجاد قانون رادع للاعتداءات، والثاني قيام المعلمين والمسؤولين بمسؤولياتهم تجاه الطلبة والمجتمع، من خلال إعادة النظر بطريقة تعامل المعلمين مع الطلبة”.
وأشار إلى أن “الطلبة الذين يقومون بمثل هذه التصرفات عادة لا يجدون أنفسهم في المدرسة، كونها لا تلبي متطلباتهم واهتماماتهم، فلذلك يجب أن تصبح المدرسة بيئة جاذبة للطلبة، بالإضافة إلى التركيز على مفاهيم الحوار وقبول الرأي الآخر”.
بدورها، عبرت المعلمة ربي البحيرات عن سعادتها بقرار الحكومة، كونه “يعزز عملية التعامل بين أولياء أمور الطلبة والهيئات التدريسية، من حيث إرساء قواعد الاحترام وتعظيم السلوكيات الايجابية، وبما يخدم الأطراف جميعها”.
وأشارت الى ان “القرار يعد إنجازا نفخر به، كونه يساعد المعلمين على استعادة هيبتهم وكرامتهم في المجتمع”.
من جهتها، أكدت المعلمة سهى أحمد ان القرار “في محله، خصوصا مع ازدياد حالات الاعتداء على المعلمين في الآونة الأخيرة، والتي أصبحت ظاهرة مقلقة”.
وقالت إن هذا القرار من شأنه أن “يحد من انتشار ظاهرة الاعتداء على المعلمين ويساهم في القضاء عليها”. وأضافت أن معالجة هذه الظاهرة “لا تقتصر فقط على جانب العقوبات”، لافتة إلى ضرورة الانتباه إلى توعية المجتمع المحلي بأهمية دور المعلم وزيادة التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور.
من ناحيته، أكد الأمين العام لوزارة التربية والتعليم للشؤون المالية والادارية سامي السلايطة حرص الوزارة على كرامة المعلمين والعاملين في التربية وهيبتهم باعتبارهم أصحاب رسالة سامية مقدسة ونبيلة.
وقال إن الوزارة “ترفض بشدة الاعتداء على المعلمين والتطاول عليهم والإساءة لهم بأي شكل من الأشكال”، مشيرا إلى أن “هيبة المعلم وكرامته من هيبة الوزارة”.
وأضاف أن الوزارة “رفعت حتى الآن نحو 60 قضية أمام المحاكم المختصة، ضد من اعتدوا على معلمين”، مؤكدا أن الوزارة “لن تتنازل عن الحق العام في هذه القضايا حتى لو تنازل المعلم عن حقه الشخصي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى