مترهِلون إنسانياً………!!!

مترهِلون إنسانياً………!!!
د. مجد خليل القبالين
دكتوراه علم إجتماع / علم الجريمة

في زمن المصالح والتفكير الأناني واللامُبالاة الذي جعلنا لا نُفكِر أبعد من دائرة أنفُسِنا يزداد ترهُلنا إنسانياً لدرجة أننا أصبحنا نمر مرور الكرام على حوادث تُدمي القلوب وتُرهِق العقول…..فماذا حل بنا وكيف وصلنا إلى ما وصلنا عليه……!!!
ما يحدُث حولنا يجعلُني استذكر ما قاله إبن خلدون مؤسس علم الإجتماع التونسي في مُقدمته(مُقدمة إبن خلدون) إن المُجتمعات والدول تمُر بعدة تطورات من ناحيتين هُما : الأحوال العامة من السياسية ، والاقتصاد والعمران ، والأخلاق والتطورات التي تحدُث من ناحية القوة والعظمة والاتساع ….ويوضح أن كُل دولة تنتقل بين خمسة أطوار هي : الظفر ، والانفراد بالمجد ، ثُم الفراغ والدعه ، ثُم طور القنوع والمُسالمة ، ثُم الإسراف والتبذير ، وربط إبن خلدون أطوار الدولة الخمسة بثلاثة أجيال فقط ….فالجيل الأول يقوم بعملية البناء والعناية ، والجيل الثاني يسير على طريق الجيل الأول من التقليد وعدم الحيد ، أما الجيل الأخير فيُمكِن تسميته بالجيل الهادم فالدول لها أعمار طبيعية كما الأشخاص .
والسؤال الذي دار لي إذا كُنا نَحْنُ وصلنا إلى مرحلة الجيل الثالث وهو الجيل الهادم فماذا بعد الهدم ! هل سينتُج لدينا جيل يُعيد البناء من جديد ويبدأ مُجدداً من نُقطة الصفر! أم إن النهاية تتوقف لغاية الهدم فقط وبعدها لا شيء!؟
لقد أصبحنا في زمن التوتُر والقلق والضغوطات بجميع أشكالها ولاعجب عندما نقرأ في أي مكان يُصّدِر أخباراً أن أحدهم قد انتحر …..أو أن أحدهم قد قتل آخر ، أو أن فُلان مُرتشي ، أو أن فُلان مُغتصب……!
لا أعرف ماذا بقي أسوأ من ذلك وما الذي ننتظره بعد كل ذلك .
لقد أصبحنا مترهِلون عقلياً ، وفكرياً ، وثقافياً ، وأخلاقياً …..ففي الوقت الذي ترتفع فيه نسب الحاصلين على الشهادات العلمية ويتطور فيه التعليم إلا أن كُل ذلك لم يشفع لنا لنكون أكثر وعياً ، وفهماً ، وإدراكاً لما يَحْصُل حولنا وهي من أكثر المُفارفات إدهاشاً وغرابةً في وقتنا الحالي.
وفي الوقت الذي يُصبِح فيه الأفراد أكثر استقلالية إلا أننا أصبحنا أكثر لامُبالاةً وأقل نجاحاً في إدارة حياتنا وحل مشاكلنا.
وأصبحنا مترهلون عاطفياً فأصبحنا أكثر استهتاراً بمشاعر بعضنا البعض ، وأكثر تعنيفاً لبعضنا البعض وأكثر تنمُراً .
بالتأكيد نَحْنُ لم نصل لهذا المستوى المُنحط خلال لحظات وما وصلنا له ليس وليد اللحظة وإنما نتيجة تراكُمات مُزدحمة وتغيُر ظروف الحياة من جهة وتعقُدها من جهة أخرى.
والسؤال المُحير الذي ليس لهُ إجابة …..
وماذا بعد كُل ذلك……….!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى